الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى من سياسة الضحك على الذقون لقد انكشفت الأمور وسقطت كل الأقنعة

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 4 / 20
حقوق الانسان


لازال البعض يصرون على اعتماد سياسة الضحك على ذقون المغاربة، علما أن كل المستور قد انفضح وانكشف وأن كل الأقنعة قد سقطت بلا رجعة. ويبدو أن مؤيدي الحرص المستميت في اعتماد هذه السياسة لم يستوعبوا بعد أن الأمور والعقلية في طور التغيير الجذري بمغرب اليوم الذي ليس هو مغرب الأمس، كما أنهم لا يريدون أن يفهموا أن كافة الشعوب العربية قد استيقظت من سباتها وأنها كسرت كل جدران الخوف وعزمت، من الآن فصاعدا أن لا تسمح أن يضحك عليها أي كان.
هناك نوازل عديدة تبيّن إصرار هؤلاء، ولعل آخرها انفضاح القائمين على أمر السجون الذي بمجرد علمهم بزيارة برلمانيين للسجن المركزي بدؤوا في "التزواق" لإخفاء واقع مرّ يعرفه الجميع اليوم.
في هذا السياق عمل مجموعة من سجناء الحق العام المحكومين بالإعدام والمعتقلين بالسجن المركزي بالقنيطرة على كشف ما تقوم به إدارة هذا السجن، والتي بدأت تطلي وتصبغ و"تُجيّر" و"تزوق" استعدادا لزيارة الوفد البرلماني. وكشفوا في رسالة موجهة للحقوقيين وللرأي العام أن السجناء بالسجن المركزي مازالوا يعانون من الإهمال والتجويع مؤكدين "نحن سجناءالحق العام المعدومين نريد من خلال هده الرسالة أن نحيطكم بمعاناتنا مع التعذيب والتجويع والإهمال الطبي والعزلة التامة..." . لكن القائمون على السجون يعتقدون أن الطلاء و"الزواق" الظاهري سيقوى عن الواقع المرّ الذي أضحى الجميع يعلمه علم العين بتفاصيله المملة؟

فخلال السنتين الأخيرتين تنامت وتيرة الانتحار والقتل بسجوننا وبشكل لم يسبق له مثيل، هذا في وقت أضرّ فيه القائمون على السجون على محاولتهم اليائسة بحجب الشمس بالغربال.
ومن حالات الانتحار، إقدام على مدني (رقم الاعتقال 26125 ) أمحكوم عليه بالإعدام على الانتحار داخل زنزانته في فاتح نوفمبرَ2012 بحي الإعدام بالسجن المركزي بالقنيطرة بسبب سوء المعاملة داخل المعتقل.

وتصاعدت وتيرة وشدة الاحتجاج جراء سوء المعاملة بالسجن المركزي. وفي هذا السياق حاول بعض السجناء الاحتجاج عبر اعتماد وسيلة الانتحار. ومن هذه النوازل اهتزاز السجن المركزي على وقع إضرام كمال الحنويشي المحكوم بالإعدام (رقم اعتقال 26354) وأحد أبرز المتهمين في مجموعة الحنويشي الشهيرة المتهمة بالإرهاب، للنار في زنزانته، محاولا وضع حد لحياته. كما بادر بمهاجمة حراس السجن ورجال الشرطة . وقعت هذه النازلة بعد أن قام معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية بالسجن المركزي بالقنيطرة، بالتحقيق حول تورط إدارة السجن من عدمه، فيما ادعوا حقن عدد منهم بحقن طبية مفضية إلى خلل عقلي ونفسي.
آنذاك كان عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير المساندة للمعتقلين الإسلاميين، قد أكد أن مديرية إدارة السجون ووزارة العدل والمؤسسات الموازية، مطالبة جميعها بالتدخل الفوري والعاجل لإخماد موجات الغضب التي تسيطر على السجناء. كما سبق لمعتقلين آخرين أن طالبوا بفتح تحقيق حول حقن الإدارة لعدد منهم بحقن وصفوها بــ "الخبيثة" تعرض يها قصرا – إضافة ل كمال الحنويشي - كل منالملولي سعيد ( رقم الاعتقال 26426 ) وخالد مراسل ( رقم الاعتقال 26383 ) و إدريس الناوري ( رقم الاعتقال 26410.
ومن جهة أخرى، ما يزيد الطينة بلة، تسجيل حوادث قتل سجناء على يد زملائهم، ما جعل التساؤلات تطرح حول مدى توفر مراقبة دقيقة لهؤلاء النزلاء، الذين يمكنهم الحصول على كل ما يريدنه داخل السجن مقابل "الرشوة".
ومن هذه الجرائم إقدام سجين على قطع رأس سجين آخر بحي الإعدام . فإن السجينين "المقتول" و"القاتل"، كانا قد نقلا رفقة سجين آخر، إلى "الكاشو" لارتكابهم مخالفة داخلية. واستغرب الجميع آنذاك كيف تم الجمع بين ثلاثة سجناء في زنزانة انفرادية يفترض أن تؤوي شخصا واحدا لصغر مساحتها؟
وعلى سبيل الاستئناس عرف السجون المغربية 13 حالة قتل بالسجون المغربية خلال 2008 .
إن جميع الممنوعات متوفرة بالسجن المركزي بالقنيطرة، فالمخدرات التي يكثر عليها الطلب بين النزلاء هي الحشيش وحبوب الهلوسة في مرتبة أولى، ثم "السيلسيون" و"الكالة" في مرتبة ثانية، ويتم ترويجها أمام الأعين حينما كان يقضي عقوبة حبسية بتهمة السرقة الموصوفة. و"راسْ الوْقيدة" من مخدر الشيرا يباع بحوالي 10 دراهم، كما أن ورقة "النّيبرو" تباع بدرهمين عوض 20 سنتيما، إضافة إلى تجارة السجائر التي تعد العملة الرائجة بعالم ما وراء القضبان . كل هذه الأنشطة وغيرها تنشط تحت رحمة "البزناسة".
كما يشمل نشاط "البزناسة" حتى الرغبة في الترويح عن الجسد بسنتميرات إضافية في إطار الحصول على حيز من الخصوصية المكانية، فأمام إكراهات الازدحام المعيق لحرية الأجساد بالزنازين، تتعلق آمال السجناء في الحصول على مكان مريح بزنزانة أو حي أو حتى سجن آخر، بالمطامع غير المشروعة للموظفين في تحسين وضعيتهم المادية .
في هذا السياق سبق لبنهاشم أن أكد بثقة عالية أنه وضع، أسابيع بعد تعيينه، إستراتيجية لمحاربة بعض الظواهر السلبية المنتشرة في السجون، إذ شكل فرقا خاصة يرأسها مدير أمن السجون، مهمتها القيام بعمليات تفتيش مفاجئة للسجون. لكن على أرض الواقع تعمقت هذه الظاهرة ولم تخف. وهذا بعيدا عن القانون المنظم، يبقى الخيار مطروحا وفقا للعرف السائد داخل المؤسسات السجنية المؤتمنة على الإصلاح والتهذيب.
فكل الدراسات أظهرت واقع السجون الكارثي الذي تعيشه المؤسسات السجنية، وغياب أسس شروط الإيواء والأمن داخل السجون. وقدمت مشاهد صادمة لواقع السجون ، وأن كل سجين يحصل على مساحة داخل السجن لا تتجاوز المتر ونصف المتر، في حين أن المعايير الدولية تحدد المساحة في تسعة أمتار لكل سجين. وأكدت إحدى الدراسات أن كل سجين تنفق عليه الدولة سنويا 2800 درهما لكن واقع الحال يظل مزريا.
واحتجاجا عن الوضع المزري سبق للسجين للنزيل الشنتوفي أن أكد في إحدى رسائله الموجهة إلى وزير العدل : " لي عظيم الشرف والتقدير أن أتقدم برسالتي إلى مقامكم من اجل طلب تنفيذ عقوبة الإعدام في حقي بعد أن ضقت ذرعا بالإعدام البطيء الذي أتعرض له لمدة 13 سنة في جميع سجون المغرب... إن ما أتعرض إليه في سجون الظلم والاغتيال وأتساءل لماذا حرموني من جميع حقوقي المخولة لي قانونا؟ بصفتي محكوم بالإعدام مثل اللحم والدجاج والخضر والتوابل والزيت ووسائل التنظيف..."
كما سبق أن اتهم عدد من السجناء، المحكوم عليهم بعقوبتي الإعدام والمؤبد بالسجن المركزي بالقنيطرة، المدير بإقامة أماكن سرية تحت الأرض مخصصة للتعذيب. وادعت رسالة تم تعميمها على وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، توصلت «المساء» بنسخة منها، أن المدير قام ببناء أماكن تحت الأرض للتعذيب في مسبح السجن بعد أن كانوا يعلقون آمالا على الاستفادة منه.
وقد خلص آخر التقرير أعده الائتلاف المغربي لحقوق الإنسان إلى أن المتتبعين وطنيا ودوليا للأوضاع العامة بالسجون ،لاحظوا الحيز الكبير الذي تحتله هذه الأوضاع في الصحافة والمؤسسات المغربية والدولية الحكومية منها وغير الحكومية، فساكنته قد تتجاوز 75 ألف سجين وسجينة، وهو ما يتطلب من الساهرين على تدبيره الحرص على احترام القانون المنظم له وهو القانون 23/98، والتقيد بالقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تحث الدول الأعضاء على الاحترام الكامل لحقوق السجناء والسجينات.
أيضا رسم تقرير المرصد المغربي للسجون حول وضعية السجون وحقوق السجناء والسجينات بالمغرب صورة قاتمة عن أوضاع المؤسسات السجنية (المركزية، والمحلية، والفلاحية، والإصلاحيات) تعكسها أرقام صادمة عن حالة سجون المملكة والانتهاكات، التي تمس حقوق السجينات والسجناء. وكشف المرصد ، أن السجون المغربية تعيش أوضاعا مقلقة وحاطة بالكرامة الإنسانية، مبديا قلقه الشديد لما ترمي إليه الانتهاكات والخروقات التي تطال حقوق السجناء من هدر للكرامة الإنسانية، حيث تستمر مشاكل الاكتظاظ والتغذية والصحة والنظافة والتعذيب والمعاملات اللاإنسانية، فضلا عن الانتشار الكبير للمخدرات والاستغلال الجنسي، وصولا إلى انتشار الرشوة والزبونية والمحسوبية. وبات من المؤكد أن الشعارات الرسمية المرفوعة في العديد من المجالات المغربية، لا تعكس حقيقة ما يجري داخل هذه المجالات على العديد من المستويات والأصعدة، فإذا ما قارنا بين ما تتناقله الألسنة الرسمية وما تروج له بين أوساط الرأي العام الوطني، بخصوص الوضعية العامة للمؤسسات السجنية بالمغرب، وما تعيش عليه هذه المؤسسات على مستوى الواقع سنجد الهوة عميقة بين الحقيقة وما تلوكه الشعارات الرسمية بهذا الخصوص.
وسبق أن شنت تسع جمعيات حقوقية مشكلة للجنة التنسيق حول السجون هجوما حادا على حفيظ بنهاشم، المندوب العام للسجون، متهمة إياه "بتحويل السجون إلى مقرات للقوات الأمنية المختلفة ومخافر للشرطة وثكنات سرية لا يدخلها القانون". وحملت لجنة التنسيق (المتكونة من جمعية هيئات المحامين بالمغرب، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، والمرصد المغربي للسجون، ومركز حقوق الناس، وجمعية عدالة، والمركز المغربي لحقوق الإنسان، ومنتدى الكرامة) في مذكرة بعثتها إلى الوزير الأول ، المسؤولية عن الأوضاع التي تعيشها السجون المغربية إلى بنهاشم. وقالت اللجنة في هذه المذكرة : " بنهاشم هو المسؤول الأول عن هذه الوضعية، وهو من اختارها لأنه يفعل ما يشاء بالسجون والسجناء، وكأن السجون إمارة خاصة به، والسجناء مسخرون دون حقوق في محميته".
وردا على هذه الانتقادات الحادة سبق للمندوب العام للسجون أن أطنب في سرد إنجازاته منذ توليه المسؤولية معتبرا أن "السجون بالمغرب أحسن من السجون في كل الدول العربية والإفريقية، وأحسن من سجون فرنسا" واتهم المنظمات الحقوقية التي تصدر تقارير عن واقع حقوق الإنسان بالمغرب بالبحث عن التمويل، وهي الاتهامات التي لم تسلم منها الصحافة التي اتهمها بالكذب وافتعال الأحداث . لعل أغرب ما تلفظ به هو "من لا يعجبه المغرب كما هو عليه فليغادره" ، في حين الأصح يقول قائل هو : "من من المسؤولين لم يع بعد أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس عليه التنحي من مواقع المسؤولية اختياريا، لأن العقلية تغيّرت".
والحالة هذه هل بالتبليط وإعادة صباغة الواجهات والأبواب يمكن ستر الواقع المرّ؟ إن كان هناك من مازال أنه مجرد يظن دلك، فإنه يضحك على الذقون في مغرب اليوم الذي يختلف كليا عن مغرب الأمس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة


.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين




.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت


.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا




.. الأمم المتحدة تكرم -رئيسي-.. وأميركا تقاطع الجلسة