الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصبحون على وطن!... صافرة النهاية بفم «بارتيز»!!

كمال مراد

2005 / 4 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لم أكن يوماً من عشّاق المنتخب الفرنسي لكرة القدم.. ليس بسبب انحيازي المطلق لأنديتنا المحلية!.. وليس بسبب احتجاجي على مواقف فرنسا التدخلية بشؤوننا، والتي كانت في الأمس القريب محتلة لبلادنا... وإنما لسوء حظ المنتخب الفرنسي، الذي كان يجمعه عديد من المرات في تصفيات كأس العالم مع المنتخب البرازيلي، الذي اعتبِره منتخبي الوطني، كونه الأميز والأجمل بين منتخبات العالم، بعد فريقي الجيش والكرامة السوريين!!..
وبسبب انحيازي الكروي لمباريات المنتخب البرازيلي، كنت أتمنى الهزيمة الماحقة لمنتخب فرنسا!!.. وأن لا يُحالف الحظ حارسها حليق الشعر «فابيان بارتيز»، وأن يُصاب مرماه بآلاف الأهداف القاتلة!!.. وأن يتزحلق أرضاً قبل أن يتمكن من صد الكرات!!..
ورغم أني لا أجيد لعبة كرة القدم على الأرض.. إلاّ أنني كنت من المتابعين بشغف لجميع مباريات الدوري السوري والمباريات العالمية.. وبحكم انتمائي الأيديولوجي، كنت أتابع مباريات المنتخب السوفييتي السابق بتوتر وقلق شديدين على مدار التسعين دقيقة.. واثقاً من حتمية انتصارهم على الخصوم، كونهم من الرفاق الشيوعيين الذين سيذيقون خصومهم شر الهزيمة..
وتمضي الدقائق، دون جدوى.. فيعلّق أحد الرفاق مازحاً: لن يُسجلوا هدفاً إلاّ في الوقت المناسب، تلك خطة محكمة وضعتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي.. وهم بانتظار القرار.. بعد قليل سيتصل الرفيق بريجينيف ليعطيهم شارة البدء بالتسجيل!!..
تشارف المباراة على الانتهاء.. يمر الوقت ثقيلاً.. تُمنى شباك الرفيق «ديسييف» بأهداف الخصوم!..
ما زال هناك بضع دقائق.. لم ينقطع الأمل قبل أن يُطلق الحكم صافرة النهاية.. ولم يصل أي اتصال من الرفيق بريجينيف أو من المخولين بذلك من أعضاء المكتب السياسي.. إما لانقطاع خطوط الهاتف.. أو إنهم مشغولون بأمور عالمية أكثر أهمية من مباراة كرة قدم!!..
عند صافرة النهاية، يزداد التوتر.. يفوز الخصم.. ليبدأ الحديث عن نظرية المؤامرة من القوى المعادية للثورة الاشتراكية، وعدم نزاهة طاقم الحكام والإداريين والفنيين ومنظمة «الفيفا»!!..
وعلى الرغم من إصغائي العميق، في لقائي الصحفي مع المهندس فايز فوق العادة، رئيس الجمعية الكونية السورية (دون أن يسمح لي بالتدخين طيلة اللقاء)، لحديثه المنطقي والممتع عن ضرورة محاكاة الإنسان للطبيعة دون إضافات معيقة تجمّد العقل البشري (كالحاسبات والحواسيب)، ليفسح المجال أمام ذلك العقل للوصول إلى الاكتشافات العلمية المفيدة للكون وللبشرية قاطبة..
ورغم أن السيد فوق العادة قد اعتبر أن لعبة كرة القدم ما هي إلاّ حلقة مفرغة ولعبة غبية ومضيعة للوقت، تتلخص مفرداتها بانتقال الكرة من (آ) إلى (ب) إلى (ج).. لتعود مجدداً إلى (آ).. وهكذا دواليك... رغم ذلك، بقيت محباً ومتابعاً دائماً لهذه اللعبة!..
■ ومما زاد اهتمامي وتعلقي بهذه اللعبة، هو انتقالها من مضمار الملاعب الخضراء لتشمل أرجاء العالم، بعد أن غدت مفاهيم العدالة والتحرر والسيادة الوطنية لعبة كروية بأقدام رعاة البقر الأمريكيين وحلفائهم الصهاينة...
■ وسط دمار العراق.. لم يبق للأمريكيين اليوم إلاّ أن يعلّموا العراقيين لعبة البيسبول الأمريكية!..
■ وسط دمار العراق.. بدأ البث التجريبي للقناة الرياضية العراقية «عراق سبورت» على القمر العربي (نايلسات)، والتي أنشأتها الشركة العراقية للاستثمارات الرياضية بالتعاون مع «فيديو كايرو» في القاهرة للبث والإطلاق!!..
■ وسط التصفيات التمهيدية لدول أوروبا لكأس العالم، تسعى منظمات صهيونية إلى إقامة الهيكل اليهودي المزعوم محل المسجد الأقصى، حيث أنها تعتبر أن عام 2005 هو عام بناء الهيكل الثالث...
■ وفي التلمود الذي كتبه أحبار اليهود ليجعلوه دستور حياتهم اليومي: الذهب والفضة يمكّنان القدم من الثبات.. الثروة والقوة يُفرحان القلب.. حين يقوم الإنسان بالصلاة، عليه أن يتوجه في صلاته لصاحب الثروة والممتلكات، لأنهما لا يتأتيان من العمل وإنما من الفضيلة.. إن الخيّرين يحبّون أموالهم أكثر من أجسادهم..
■ واستناداً إلى التوراة، يقول مدرس اللاهوت اليهودي (نوبسنر): عندما يتضارب الدين مع المصالح الاقتصادية، فإن الغلبة تكون للمصالح وليس للدين..
■ وكما قال شكسبير: إذا اضطررت لمصافحتهم.. فعليك أن تعد أصابعك!!..
بالأمس كنت أكره حارس مرمى فرنسا «فابيان بارتيز».. واليوم تبين لي أنه صديقي أكثر من الكثير من الأصدقاء.. بعد أن رفض الذهاب إلى «إسرائيل» للمشاركة مع منتخب بلاده أمام نظيره «الإسرائيلي» في التصفيات الأوربية المؤهلة لنهائيات كأس العالم (2006) في ألمانيا!!..
اللعبة ما زالت مستمرة... ولكن الصافرة النهائية بفم «فابيان بارتيز»!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟