الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوائد الولايات المتحدة من اسرائيل

نزار فاضل عثمان

2013 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تختلف علاقة الولايات المتحدة مع اسرائيل عن اي علاقة أخرى بين دولتين، وبالتالي عن اي تحالف آخر ربط اميركا بدول أخرى بروابط سياسية وثقافية، وهما ان اختلفتا في الظاهر على بعض الامور، الا ان اختلافاتهما لا تصل الى حد استراتيجي كما حصل بين اميركا وعدد من حلفائها الغربيين، ان في أزمة السويس عام 1956 مع بريطانيا وفرنسا، أو في المنحى التباطؤي في منع توحيد المانيا الذي نحته كل من بريطانيا وفرنسا ايضا عام 1990، او في حرب الخليج عام 2003 التي وقفت فيه فرنسا والمانيا موقف المعارض.

وضح القادة الاميركيون على مدى عقود المساق التأسيسي لعلاقة الولايات المتحدة باسرائيل، معتبرين ان "القيم المشتركة" و"المسؤولية الاخلاقية" تضع بلادهم في موقع المدافع الدائم والداعم لإسرائيل، وعلى الرغم من ذهاب بعض المحللين الى ان العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل ذات وجه واحد، بحيث ان أميركا تحمي اسرائيل ديبلوماسيا، وتوفر لها الوسائل العسكرية لتدافع عن نفسها، لكن اسرائيل تساهم بالقليل للمصالح القومية الاميركية، وهنا السؤال، هل من سمة حاسمة ثالثة تحكم علاقة البلدين وتتمثل بالمصالح القومية المشتركة؟ أم ان العلاقة هي كشارع أحادي الاتجاه، يصب في منفعة اسرائيل بينما لا تنال الولايات المتحدة من المنفعة الا الشئ الضئيل؟

تبدو الولايات المتحدة كقوة عالمية تنحو بعيدا باتجاه الشرق الاوسط وبقية مناطق العالم، ولو أردنا رصد المصالح القومية الاميركية في الشرق الاوسط لخرج معنا الاهداف التالية: منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، لا سيما الاسلحة النووية، الحرب على الارهاب، ومنع انتشار الايديولوجية الاسلامية الجهادية، الترويج لعملية منظمة من التغيير الديمقراطي – وفق النمط الاميركي-، معارضة المد الايراني في المنطقة، ضمان تدفق النفط والغاز بأسعار مقبولة، حل النزاع العربي الاسرائيلي، وحماية أمن اسرائيل. أما بالنسبة لمصالح اسرائيل القومية فتتمثل بـ: منع الانتشار النووي بالعموم، ولا سيما من قبل ايران والمنظمات الجهادية، قتال الجهاديين، الترويج لوجود دول موالية للولايات المتحدة، ومنع التأثير الايراني وايقافه. في الحقيقة لا توجد دولة شرق أوسطية يصطف تعريفها لمصالحها القومية مع الولايات المتحدة كما اسرائيل. ويظهر لنا التاريخ تراجع اسرائيل عن مواقفها في حال تعارضت مع المصالح القومية الاميركية كما في ايقاف بيعها الاسلحة والتكنولوجية للصين وحرمان نفسها من سوق رئيسية لصادرات جيشها، ومصدر للتأثير مع بيجين، او في حال موافقتها على اجراء انتخابات في السلطة الفلسطينية على مضض في الفترة الرئاسية لبوش، والتي كان من مفاعيلها سيطرة حماس على غزة.

الواقع ان التاريخ ينقل لنا شواهد عدة للمساهمات التي أفادت فيها اسرائيل المصالح القومية الاميركية، منها على سبيل المثال لا الحصر، سرقة اسرائيل للرادار السوفياتي من مصر عام 1969 أثناء الحرب الباردة، وسيطرتها على أنظمة الاسلحة السوفياتية التي أسرت خلال حربي 1967 و 1973، ضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981، الهجوم على المفاعل السوري المشترك مع كوريا الشمالية عام 2007. كما اتخذت إسرائيل قرارات بعدم التصرف بما يصب في مصلحة الولايات المتحدة، منها عندما وافقت على الطلب الاميركي بعدم الرد على نظام صدام حسين عندما أمطرها بصواريخ السكود.

فضلا عن كون اسرائيل تمثل شرطي اميركا في المنطقة، لو أراد المرء ان يحصر الاستفادة الاميركية من اسرائيل لخرج معه التالي اعتمادا على الباحثين الاميركيين روبرت بلاكول وولتر سلوكومب: أولا: من خلال التدريب العسكري المشترك في المناطق التي فيها تعاون مضاد للارهاب، والاستخبارات التكتيكية، وتجربة الحرب المدنية، استفادت الولايات المتحدة من اسرائيل، ثانيا: ترويج التقنية العسكرية للمصالح القومية الاميركية من خلال النصيحة والخبرة على تقنيات الفحص السلوكية لأمن المطار الى اكتساب نظام الرادار التكتيكي المنتج من قبل اسرائيل، كما ان اسرائيل محدد سرعة عالمي في اجراءات حماية المركبة المدرعة، والدفاع ضد الصواريخ قصيرة المدى، والتقنيات والاجراءات لعلم الانسان الالي، جميعها اشتركت فيها مع الولايات المتحدة. ثالثا: في العالم الحيوي لتعاون الدفاع الصاروخي، الولايات المتحدة لها علاقة واسعة ومتعددة الوجوه مع اسرائيل، الشريكة الاكثر تطورا وتجريبا في هذا المجال البارز للولايات المتحدة. رابعا: صناعات اسرائيل الدفاعية لها كفاءة فريدة تفيد الولايات المتحدة، بحيث زادت قيمة المشتريات الاميركية السنوية لقدرات الدفاع الاسرائيلية بثبات خلال العقد الماضي، من اقل من نصف مليار دولار في بدايات عقد الالفية الى ما يقرب من 1,5 مليار اليوم. خامسا: تعاون الاستخبارات ومكافحة "الارهاب"، عبر الاشتراك بالمعلومات، ودعم الاعمال الوقائية، وردع التحديات، وتنسيق الاستراتيجية عامة، وربط القوات الخاصة بالتدريب والتمرين، والتعاون على الاهداف المشتركة، والتعاون الوثيق بين وكالات الامن الاميركي والاسرائيلي. سادسا: إسرائيل شريك كامل في العمليات الاستخبارية التي تفيد البلدين، مثل الجهود لمنع تجهيز اجزاء من برنامج ايران النووي او لمنع تهريب السلاح من البحر الاحمر والابيض المتوسط.

وفي السياق السياسي، فإن اسرائيل دولة ديمقراطية في علاقتها مع شعبها اليهودي، بما يبعد عنها خطر الانزلاق الى فوضى عارمة تسببها ثورات كتلك التي تحيط بها في أكثر من بلد عربي، كما ان شعب اسرائيل وسياسييها لديهم وجهة نظر اميركية الولاء.

وهنا فالدعم الاسرائيلي لمصالح الولايات المتحدة لا يعد أثمن من دعم الولايات المتحدة لاسرائيل، خصوصا وان الولايات المتحدة تدفع ثمن من انعدام الثقة من قبل شعوب العديد من الدول العربية والاسلامية بسبب دعمها غير المتناهي لاسرائيل. لكن مع هذا لا بد من الاشارة الى المفارقة المتمثلة بأن الدعم الاميركي لإسرائيل لم يؤثر في علاقة الكثير من الانظمة العربية بالولايات المتحدة، أو في منع تطوير الصلات الوثيقة معها، فهم يستفيدون من العلاقة الجيدة بالولايات المتحدة في القضايا الاخرى. ولو وضعنا الامر في سياق مختلف، هل سياسات الانظمة العربية لا سيما دول الخليج ستكون مختلفة عن حالها اليوم في حال دخلت الولايات المتحدة في أزمة مع إسرائيل؟ هل ستخفض دول الخليج من أسعار النفط؟ هل ستوقف رهاناتها الاقليمية فيما خص الدعم للولايات المتحدة مقابل إيران وبرنامجها النووي؟ هل ستعتبر سياسة اميركا الحالية نحو افغانستان ايجابية اكثر؟ هل ستنظر الى الترويج الاميركي للديمقراطية في الشرق الاوسط بشكل ايجابي أكثر؟ هل ستكون أكثر ميلا إلى الاصلاح الداخلي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة