الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أباطيل بن عطوان

رضا الأعرجي

2005 / 4 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


يقول الفاشل: أنشتاين لم يكن طالبا مجدا، وبما أنني أؤدي أداء سيئا، فأنا مثل انشتاين.
ويقول الأحمق: سخروا من غاليلو وهو كان على حق، ويسخرون مني، إذن، أنا محق كغاليلو.
وعلى منوال هذه المغالطات الشاذة، اعتاد الصحفي عبد الباري عطوان أن ينسج تشويهاته وتخرصاته وأباطيله، ولسان حاله يقول: القضية الفلسطينية مقدسة، وبما أن الجميع يقر بقدسيتها، فإذن، أنا فلسطيني مقدس، وما أقوله أو أكتبه أو أعلق عليه هو من المقدسات التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
منذ الغزو الصدامي للكويت، وبن عطوان يتصدر المشهد الإعلامي العربي، ليس عن جدارة مهنية أو قيمة وعطاء فكري، بل نتيجة الاستغلال الانتقائي للفضائيات المشبوهة، فهو يروج لنوع من العلم الزائف كطب الأعشاب في عصر الليزر، ويحاول تصوير نفسه جريئا مبدعا، بينما هو في الواقع فج متهافت ضعيف الحجة وبدون خيال، وفي كل مرة يعيد قولبة نظريته عن الطاغية المبشر بتحرير فلسطين، بدل أن يطورها وفقا للوقائع والمتغيرات، أو للضمير على الأقل.
قبل ذلك الغزو المهين للكرامة الإنسانية، وان كان جزء من أعراف الأعراب، كان بن عطوان مجرد صحفي نكرة لا يعثر القارئ على اسمه مطبوعا أو منشورا، وعلى حين غرة يتحول إلى ظاهرة سمتها شهية عارمة للهراء واللاعقلانية وتحدي الافتراضات البسيطة.
الكثير من علماء الأحياء لا يؤمنون بقصة الخليقة كما أوردتها التوراة، وعلماء الكون لا يعتقدون حتى الآن أن العالم خلق في ستة أيام، لكن فضائية "الجزيرة" خلقت بن عطوان في يوم واحد، وفرضت علينا الاعتقاد بأنه وحده القادر على تثليث المربع وتربيع الدائرة، أليست هي من جعلت "المثقف العربي" نجما في السيرك الفضائي، ينتشي كالبهلوان بتشجيع الجمهور وتصفيقاته؟
لم أفاجأ بما كتبه بن عطوان في جريته "القدس العربي" بمناسبة الذكرى الثانية لسقوط النظام الصدامي وليس سقوط بغداد، كما يروج الدجالون ولاعبو الثلاث ورقات، فنحن من جديد أمام النظرية إياها، والحجج الباطلة ذاتها، وأن كانت درجة الهيستريا والهيجان لهذا السقوط المريع قد تجاوزت المئة فهرنهايت.
فماذا قال بن عطوان لا فض فوه؟
الواقع، انه لم يدل برأي أو يعبر عن وجهة نظر قابلة للنقاش، فقد غض النظر عن العراق الديمقراطي وكيف أقام العراقيون مؤسساتهم السيادية، بل تعامى وهو الصحفي عن حرية التعبير التي أثمرت 20 قناة تلفزيونية و260 صحيفة، وانهال بوقاحة وصلف لا يحسده عليهما أحد بحفنة من شتائم بذيئة على العراق والعراقيين، أقلها قوله: "العراق الجديد عراق فاسد عنصري طائفي".
ولا نحتاج إلى مترجمين أو فقهاء في اللغة للوصول إلى مغزى هذه الشتيمة القذرة، فالعراق فاسد لأن الأكراد والشيعة حضرا في الواجهة بعد سنوات القمع والإقصاء والقهر والتنكيل والتشريد والنفي الإجباري.
وكما في كل مرة يصرح فيها بن عطوان أو يدبج افتتاحياته، نجده يولول حزينا باكيا على الأطلال، ويضعنا أمام مفارقة تثير الدهشة: فأما العراق بصدام ومجازره وحروبه الخاسرة وحزبه الفاشي وقادته من نواب العرفاء وباعة الثلج وسقط المتاع وكناسة الدكان أو الطوفان.
يعرف بن عطوان وهو الذي يقيم في الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس ويتجنس بجنسيتها بعدما أقسم على الولاء للملكة وليس للعرب أو العروبة، أن شتائمه هذه تقع تحت طائلة القانون، ففي الديمقراطيات تتدخل الحكومة فقط في السلوك البشري عندما يؤذي هذا السلوك الآخرين، أما إذا أضر الشخص بنفسه فليس هناك من حق للتدخل مهما كان سلوكه مقرفا أو عديم الأخلاق.
وكم أتمنى على القيادة العراقية الجديدة أن تضع في أجندتها موضوع ملاحقة بن عطوان وأضرابه ممن يتجرأون عليها وعلى الوطن والمواطنين قضائيا، وجرهم إلى المحاكم هم والمنابر التي يوجهون منها سمومهم بدعاوى التشهير والقذف، واعتبار ذلك من الأولويات، فلم يعد الصمت ممكنا، وكرامة العراقيين تمرغ صباح مساء على أيدي حفنة من الفاشيين والحاقدين وأصحاب النوايا السيئة والمرتزقة والمعتاشين على السحت الحرام وممن امتلأت بطونهم بالعجين الصدامي والحثالة من حملة الكوبونات.
وأسأل بن عطوان كيف سيكون موقفك لو رد عليك قارئ عراقي استفزته شتائمك، وقال لك بنفس الوقاحة والصلف: إنما أنت الفاسد الذي لا يستطيع التستر على عنصريته ونوازعه الطائفية المريضة؟ وهل ستعد هذا القول رأيا أو وجهة نظر؟
لا شك، أن من بيده مطرقة يبدو كل شئ أمامه مثل مسمار، وقد راح بن عطوان يضرب بمطرقته في العراقيين دون أدنى اعتبار لمشاعرهم وكونهم مواطنين في وطن واحد وليسوا دخلاء عليه مثله وممن لف لفه، فالعراق للعراقيين سنة وشيعة، عربا وأكرادا وتركمانا، مسلمين ومسيحيين، صابئة مندائيين ويزيديين وشبك وكرج وعلويين وحتى بهائيين. وأزيد في الطنبور نغمتين، فأقول أن العراق لمن ضحى وتشرد ونفي وعانى وأضطهد وليس للقتلة والجلادين ونهاز الفرص والمنتفعين. وكفى من حكاية عراقيي الخارج، فقد غدت حكاية سقيمة مبتذلة. فهل حين تتحرر فلسطين، إذا أراد الله وهو على كل شئ قدير، نمنع على فلسطيني الخارج حق العودة؟
اطمئن يا بن عطوان، ووفر كلماتك ليوم لا تجد فيه ما تكتبه، فالعراق يرفل اليوم بديمقراطية حقيقية أين منها ديمقراطية الـ 99%، والعراق ينعم بحرياته جميعا، الطبيعية منها والمكتسبة، فلا يوجد عراقي منذ سقوط الصنم يتلفت يمينا أو شمالا قبل أن يقول كلمته. ويكفي أن يكتب ما يشاء مراسل "القدس" في بغداد، ويروج ما يحلو له من إشاعات دون وجل أو خوف.
ومع احتقاري للدكتاتور الجرذ وأطنان الكراهية التي أكنها له في صدري، لأنني واحد من ملايين العراقيين الذين حطم حياتهم ورهن مستقبلهم بالمجهول، إلا أنني استعير منه لازمة طالما كررها وطرب لها المعجبون به من أمثال بن عطوان: فليخسأ الخاسئون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30