الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الربيع أم العقل العربي؟

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2013 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



لعل من بين أهم افرازات ربيع الثورات العربية، والتي ترقى إلى مستوى الإشكالات العضوية، هي إشكالية الوعي والتعامل مع السلطة من قبل الإنسان العربي، كحاكم على وجه الخصوص.
ولعل نظرة سريعة على خارطة هذا الربيع القيادية وحالة التخبط التي تعيشها تعاملات هذه القيادات مع السلطة، تؤكد أن عملية تعامل العربي مع السلطة تأتي من خلال التكريس الزمني (الحكم المتفرد والمفتوح الزمن، وتجريب جميع الأخطاء والإهتداء إلى الصواب عندما لا يبقى خيار غيره) لا عن طريق الوعي وإستحقاقاته العلمية.
ونظرة سريعة على مهد هذا الربيع، تونس، ولاحقتها، مصر، خير دليل على ما نقول.. فقيادات هذين البلدين، وهما من بين أكثر الدول العربية معاناة على الصعيد الاقتصادي، نرى أن الشغل الشاغل لهاتين القيادتين هو تأبيد وجودهما في السلطة وتركيز جميع منافذها في أيديهم دون الالتفات إلى معاناة شعوبهما وما ثار المحرومون والمستضعفون من أجله ومن أجل غد رغيد جديد، على صعيد الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم.. وكذلك هو الحال مع باقي دول هذا الربيع الذي حولته هذه القيادات إلى كوابيس حقيقية.
في أحد أيام عام 2005 إلتقيت أحد قيادات الأمن العراقية وسألته عن سبب عجزهم عن السيطرة على الوضع الأمني هناك فعدد لي جملة من الأسباب، كان من بينها عدم قدرة وزارة الداخلية على تسجيل وترقيم السيارات المستوردة من مزابل دولة الامارات العربية فسألته عن سبب عدم القدرة على توفير مكائن انتاج لوحات تسجيل السيارات فرد بعصبية: هي موجودة وقد استوردنا معامل حديثة ومتطورة منها.. فسألته: أين المشكلة إذن؟ قال: لا أعرف والله وثمة ما هو أخطر مما يشغلنا! فسألته بمباشرة لم يتوقعها: هل ثمة أطراف خارجية تريد أن يبقى الوضع على ما هو عليه ويمنعكم من منح هويات تمييز للسيارات التي تفخخ وتحصد أرواح المواطنين وتبقي الوضع الأمني متقلقلا؟ فقال: أنت تريد إنطاق الأخرس يا رجل... وتركني ومضى!
فما الذي يمنع قيادات حركة النهضة ومحمد مرسي من مواجهة المشاكل الاقتصادية والبطالة المستشرية في تونس ومصر، والتي ثار من أجلها، على وجه الخصوص، الشباب التونسي والمصري؟، وبدلا عنها نرى هاتين القيادتين لا يشغلهما غير اللهاث خلف وسائل تكريس وتأبيد وجودهما في السلطة وتركيز أكبر مساحة من منافذ هذه السلطة في أيديهم؟ هل هو غياب الوعي بطبيعة المرحلة والاعتناق الأعمى لنظرية الدكتاتوريات العربية والفكر السياسي العربي المتخمر، والقائم على فكرة البطش والقمع والضرب بيد من حديد ليستقيم الأمر لهم وليحكموا أربعة عقود، كما فعل أسلافهم، فقط؛ أم ترى هناك من يدفعهم بهذا الإتجاه من أطراف، (لا يعلم هويتها إلا الله والراسخون في فكر الدكتاتورية العربية)، ويزينها لهم على إنها الحل الناجع والوحيد مع الإنسان العربي..، متناسين أن هذا الإنسان هو من ثار وهو من أوصلهم إلى سدة الحكم... وكلا الحركتين الإخوانيتين، جاءتا بإنتخاب حر ومباشر من قبل من ثاروا وضحوا بدمائهم من مستلهمي شجاعة وإيثار البطل محمد البوعزيزي؟!
متى سيخرج الحاكم العربي من أسر فكرة الحجاج بن يوسف الثقفي ويعي أن الشعوب العربية كسرت حاجز الخوف، من لحظة إشعال البوعزيزي للنار في جسده، وإنها ودعت فكرة الخوف لسطوة الحاكم المحصن خلف أسوار رجال المخابرات وأسيجة الدبابات والبنادق وتعذيب زنازين معتقلاته السرية؟
ها هما راشد الغنوشي ومحمد مرسي ماضيان في نهج الحجاج وصدام ومبارك وبن علي، وها هما الشعبان المصري والتونسي يواصلان نضالهما السلمي من أجل إفهامهما أن زمن الدكتاتورية قد ولى وأن نحن من أتينا بكما إلى السلطة.... فهل سيفهم الحاكم العربي أن الشعوب قد تحررت من أسر الخوف وأن زمن الدكتاتورية قد ولى وأن لم يعد أمامكما غير الإنصياع إلى إرادتنا وإرادة الحق... أم تراه سيبقى الحاكم العربي لا يستشير في أمر المحافظة على كرسي الحكم غير المخابرات الخارجية... وإلى أبد الآبدين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتقادات واسعة لأداء بايدن أمام ترامب في المناظرة الرئاسية


.. الأسد يبدي انفتاحه لتحسين العلاقات مع تركيا




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي: جنودنا مصممون وملتزمون بمهمة حماية


.. صحيفة لوموند: مفتاح السلام يكمن في مرحلة ما بعد نتنياهو




.. اللواء فايز الدويري يحلل العملية العسكرية الإسرائيلية في حي