الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الهيبة والخيبة

إكرام يوسف

2013 / 4 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في غمار الإحساس البالغ بالألم والغضب معا، ظللت طوال ليلة السبت حتى الصباح، أتساءل بيني وبين نفسي، عما إذا كان الدكتور مرسي ـ الذي تقول زوجته أنه يمضي الليل باكيا من خشية الله، حتى تبتل وسادته ـ استطاع أن ينام ليلته، هو وبقية أعضاء جماعته!! وكنت، مثل كثيرين من أهل هذا البلد بالطبع، غير قادرة أصلا على الدخول إلى الفراش، وصورة الطفل محمد أحمد عثمان (16 عامًا) لا تريد أن تغادر مخيلتي ومعها عشرات المصابين، حصيلة هجوم أشاوس الجماعة! عشرت الأسر الجديدة انضمت إلى آلاف الأسر المكلومة منذ 2011، على أيدي حكومات المخلوع والعسكر، ومرسي الذي تعهد بالقصاص للشهداء والمصابين، فلم يفعل سوى أن أضاف إليهم أعدادًا جديدة، وصار يستوجب القصاص منه شخصيا ومن جماعته!
وبصرف النظر عن عبثية تنظيم من هم في السلطة فعلا، مظاهرات تبرر للحاكم اتخاذ قرارات لتمكين الجماعة! فقد تسببت هذه المظاهرات في صعود شهداء وجرحى أكثر من مرة: في الاتحادية، وفي المقطم، ويمكن أن نقول أيضا، في الإسكندرية..وفي كل هذه المرات، كان يصاب أيضا بعض أبناء الجماعة الأقل شأنا، الذين تقبل الجماعة التضحية بهم في سبيل هدف التمكين الأسمى! وفي كل مرة يتزايد اندفاع المواطنين العاديين ـ غير المسيسين، ومن لم يسبق لهم أصلا المشاركة في الثورة ـ للدفاع عن الثوار، بعدما اكتشفوا بأنفسهم حقيقة الجماعة الحاكمة، وفاض الكيل بهم، وقرروا التصدي لبلطجيتها؛ الأمر الذي ينذر بتزايد استخدام السلاح في الصدامات بين أعضاء الجماعة، والثوار والقوى الشعبية. فعلى الرغم من دعاوى السلمية التي ندعوا إليها وتتمسك بها القوى السياسية المختلفة، لا يمكنك أن تضمن استجابة القوى الشعبية لهذه الدعاوى ، وأن تظل للأبد عزلاء، تنتظر الذبح من حشود مسلحة تجمعها الجماعة من المحافظات تحت أعين وفي حماية السلطة والشرطة! فبعدما حدث من مداهمة الحشود المسلحة المجلوبة من المحافظات للمعتصمين السلميين أمام الاتحادية، وما شهدناه من قتل وتعذيب للعشرات غدرَا، كان خروج بعض أهالي المناطق الشعبية في المقطم مستعدين ببعض العصي أو الطوب طبيعيا، خاصة مع خطف الإخوان لمتظاهرين وتعذيبهم في مساجد، مطمئنين إلى عدم تعرضهم لأي مساءلة! ورأينا كيف تبرأت ـ مثلا ـ إدارة مسجد بلال ابن رباح من سيطرة الإخوان على المسجد عنوة، وقيامهم باختطاف متظاهرين وتعذيبهم في المسجد!
ولا معنى أن يتحدث البعض عن هيبة الرئاسة أو هيبة الدولة، إزاء عبارات سب ولعن تتردد في المظاهرات على ألسنة المكلومين بفقد الأعزاء على أيدي هذا النظام، وبعضهم كان ممن يأملون فيه خيرا، وصدقوا تعهداته، ومنحوه أصواتهم في الانتخابات!
ولا شك أن الهيبة والثقة ليستا من مستحقات المنصب مجانا، تمنح على بياض، بينما يواصل صاحب المنصب الافتئات على حقوق من وثقوا فيه ومن عصروا ليمونا على أنفسهم، أملا في أن يكون أفضل من سابقه! بالإضافة لمن كانوا يعرفون ـ منذ البداية ـ حقيقته بالخبرة والثقافة والمعرفة، وأخذوا على عاتقهم مهمة معارضته منذ اليوم الأول واستكمال الثورة التي لم تنته بعد.
ولعل في انتشار الهجوم اللفظي، الحاد في أحيان كثيرة، على ألسنة البسطاء ممن لم يسبق لهم حتى الحديث في أمور السياسة، في بلد معروف منذ آلاف السنين بتقديس الحاكم، ولم يكن بسطاؤه يجرؤون من قبل على الإساءة لفظيا للحاكم حتى بين جدران بيوتهم؛ أبلغ المثل على أن الهيبة لا تفرض ولا تشترى!
وأتذكر في كل مرة أسمع فيها آراء مواطنين عاديين في رأس الحكم وفي جماعته، قول الشاعر الفلسطيني المناضل الراحل توفيق زياد "من طالت عصاته، قلت هيبته" وقد طالت عصى الحكم هذه المرة أكثر من اللازم، ولن تستطيع المعتقلات، ولا التعذيب أو الخطف أو القتل، فرض هيبة من صار بينهم وبين الشعب دم أبنائه!
وكيف يتوقع أن يكون له هيبة من اختار معاونيه، بعناية، ممن شهد المواطنون تحرشهم بالنساء علنا، أو ثرواتهم الهائلة التي لا يعرف مصدرها وكيف تكونت بينما هم في السجون كما يدعون، أو كذبهم أو تهريفهم بما لا يعرفون، فضلا عن أحاديثهم التي تجلب سخرية المواطنين واستهانتهم؟ كيف يطلب الهيبة من صاروا مسخرة على ألسنة حتى من كانوا يتبنون مبدأ التأدب عند ذكر الحكام الكبار؟
ولا يتصورن أحد، أن حاكما فقد الهيبة بين مواطنيه، يمكن أن يجدها في الخارج! حتى لدى من سبق وأعانوه على الصعود إلى منصبه ودعموا بقائه لمجرد أن يحافظ على مصالحهم! ولا أدل على ذلك من تدني مستوى مستقبليه في أكثر من دولة زارها، وتصريحات مسئولي هذه الدول وتقييمهم له بعد الزيارة، ورفض أكثر من دولة مد يد العون له في جولات التسول، التي لا تليق أبدا ببلد مثل مصر!
لا أعتقد أن هناك فرصة أخرى، بعدما استنفد الحاكم كل الفرص، وفقد حتى ثقة من كانوا يأملون فيه خيرا من خارج جماعته، فصاروا يعضون أصابع الندم ويلومون أنفسهم ويشعرون بالذنب! بل ربما لا أكون مبالغة، لو قلت إنه قد يكون فقد أيضا ثقة جماعته ـ التي لا تدعمه إلا حرصا على مصالحها، إلى أن تجد بديلا ـ وربما يكون من بينهم من يقول الآن لإخوانه: ألم أقل لكم أنه لا يصلح؟
ولا شك أن من لديهم فكرة عن تاريخ الطغاة والحكام الفاشلين، يتوقعون مثلي أن تتصاعد أعمال القمع والعنف المفرط في مواجهة المعارضين، بالضبط كما كنا ندرس في تمرينات مادة الهندسة في المدارس "تمرين مشهور"؛ فوفقا لمتلازمة "الغباء المصاحب للكرسي" لا يتعلم الطاغية أبدا من دروس سابقيه، ويكررها حرفيا، وكلما حان موعد سقوطه، يتمادى في غيه وإرهابه، مستغلا كل أدوات القمع، بأمل أن يطيل فترة جلوسه على الكرسي، متناسيا أن سابقيه بذلوا نفس الجهود، فلم تحمهم من غضبة الجماهير، ولم تحول دون سقوطهم المهين. ومهما بذلنا من جهد في إفهام الطاغية أن وسائل القمع والإرهاب مهما بلغت وحشيتها، لا تفعل سوى أن تزيد إصرار الثوار على التخلص منه؛ فلن يفهم الشعار العبقري الذي نهتف به منذ السبعينيات "عمر السجن ما أخر بكره.. عمر القهر ما غير فكرة".. واليوم نقولها لهم.. لن يؤخر الخطف ولا السحل ولا التعذيب ولا القتل غدا قادما رغم أنوفكم.. ولن تنجح كل أدوات الكذب والقمع في استئصال الفكرة من قلوب المؤمنين بها.. أقصى ما تستطيعونه هو قتل الأجساد، لكن الأرواح ستظل حرة ، تلهم من بعدها أن بقاءكم مستحيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مصر و أمريكا
أسعد أسعد ( 2013 / 4 / 22 - 12:15 )
في مصر يجلس الرئيس علي كرسي السلطة و يستخدم الشعب لمصلحة أهله و عشيرته
في أمريكا يتقلد الرئيس المسؤليه و يخدم الشعب لتحقيق رفاهية الشعب
في مصر الرئيس يحكم و يتسلط علي رقاب الشعب
في أمريكا الرئيس خادم عمومي يرعي مصالح الشعب و سيف الرقابة مسلط علي رقبته
في مصر الرئيس تجثو له الجباه و تخر له الهامات
في أمريكا الرئيس خاضع تماما لإرادة الشعب و مطالبه
في مصر الشعب بيشتغل عند الرئيس
في أمريكا الرئيس بيشتغل عند الشعب
صباح الفل يا إكرام

اخر الافلام

.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا


.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR




.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي


.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه




.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر