الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير التائه بين الداخل و الخارج

سلامة كيلة

2005 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعد السؤال الحساس هو: هل تحتاج أوضاعنا إلى تغيير؟ بل بتنا نتوه في نقاش، ربما يكون عقيماً، يتراوح بين إتهام شعارات التغيير و القوى التي تطرح التغيير بإرتباط ب " الخارج " الذي هو أميركا، التي تسعى للسيطرة و الإحتلال حكماً، و بالتالي غضّ النظر عن كل مشكلات الداخل. و بين الإقتناع بأن التغيير لن يتحقّق إلا بقوة " الخارج "، الذي هو الإمبريالية الأميركية حكماً.
لهذا بات الرافض للتغيير من الخارج، رافضاً لأي تغيير و مدافعاً عن نظم إستبدادية فاسدة، دمّرت البنى المجتمعية و أنهت الحركة السياسية، و فككت التكوينات المحلية. الأمر الذي جعلها هشّة إلى حدّ أن أي فعل خارجي يمكن أن يحوّلها بسهولة و يسر. و بالتالي أفضى هذا الموقف إلى تجاوز المشكلات الداخلية و الأزمات العميقة التي وصلت إلى حدّ التفجّر نتيجة إستبداد السلطة و نهبها و إفقارها المجتمع. مما جعل، أو يجعل، صاحب هذا الموقف خارج سياق الصراع الواقعي و ملحق بالسلطة، القامعة و المنهارة معاً.
كما أن الداعم للتغيير من الخارج، بات ملحقاً بمشروع إمبريالي يهدف إلى السيطرة و النهب و التدمير، و إلى الإحتلال، رغم أن " النوايا " لا تقصد ذلك. لكن إعتبار تغيير الداخل هو الهدف المطلق، و الإنطلاق من الشعور العميق بالعجز، و أيضاً الحاجة الماسّة إلى التغيير لقهر مستبدٍّ أوصل إلى ذاك الشعور بالعجز، كل ذلك يجعل قبول دور الخارج في التغيير مسألة لها مبرّراتها.
إن الإنطلاق من بنية السلطة فقط ، و بالتالي التركيز على الجانب الديمقراطي بالتحديد ، و الشعور بأن تحويل إستبدادية السلطة غير ممكن دون " قوّة خارقة ". يقود حتماً إلى ذاك الموقف الذي يتشبّث بالخارج الإمبريالي، و من ثَمّ إلى تزيين أهدافه و تعميم التصوّر بجدّيته في تحقيق الديمقراطية و " نشر الحرية "، تأسيساً على أن " عصر العولمة " يميل إلى أنسنة العالم. و لهذا يصبح القبول بالخارج الإمبريالي أساساً لسياسة تخدم توجّهات الخارج ذاته، و تصبّ في مصالحه.
لكن الإنطلاق من " خطر الخارج " فقط ، و بالتالي رؤية ما هو موحِّد مع السلطة ، بكل الصفات التي أشرت إليها ، سوف يُبعد عن الفئات الشعبية التي تعيش مشكلات عميقة نتيجة نهب السلطة و إستبداديتها معاً، و التي تشعر بلا إمكانية إستمرار الوضع كما هو، و بالتالي بضرورة التغيير.
في السياق الأول يُربط التغيير بالخارج الإمبريالي، و يوضع في جعبته. و في السياق الثاني يُلغى التغيير ( أو يؤجّل ) خشية إستفادة الخارج ذاته. لتخرج القوى المعنية بالتغيير من دائرة الصراع لتحقيقه، و تبقى النظم الهشّة عرضة لتغيير الخارج دون مقاومة. و لهذا يتحقّق " التغيير " في الحدود التي يريدها الخارج و لمصلحته، دون تحقيق تغيير حقيقيٍّ يخدم مصالح المجتمع.
بمعنى أن السؤال: هل التغيير ضرورة؟ هو الذي يجب أن يحظى بأولوية، و بالتالي على ضوئه يجب صوغ سياسة تحقّق التغيير، لكن في الإطار الذي يخدم الداخل. إن الحالة الإستقطابية بين الداخل و الخارج هي تعبير عن رؤية أحادية لا ترى تعقيد الظروف، و بالتالي تعقيد الموقف الضروري لمواجهتها. الأمر الذي يفرض أن تكون الأمور واضحة من الداخل و الخارج، كي لا يبقى التغيير تائهاً بين الحدّين: الداخل السلطوي و الخارج الإمبريالي. التغيير ضرورة لكن بفعل القوى الشعبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبيعات سيارات تسلا الكهربائية في تراجع مستمر • فرانس 24


.. نتنياهو ينفي معلومات حول إنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها




.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: نتمسك بتدمير البنية التحتية لحم


.. شركة تبغ متهمة بـ-التلاعب بالعلم- لجذب غير المدخنين




.. أخبار الصباح | طلب عاجل من ماكرون لنتنياهو.. وبايدن يبرر سوء