الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد التليفزيوني - من المنهجية إلى الارتجال -

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2013 / 4 / 22
الصحافة والاعلام



يظل تأثير المشهد الهوليودي مسيطرا على مفردات العمل البرامجي الأمريكي ، ومنه انتقل الفيروس التقني والفني المتقن حد الإبهار ، إلى الفضائيات العربية بمشهديتها الإرتجالية حد التخبط . وهذا لا يعني - بأي حال من الأحوال - نقاء المشهد الاعلامي الغربي من شوائب الإرتجال والتخبط المذكور ؛كنتيجة طبيعية لعدم وجود نقد ممنهج؛ يساير هذا الزخم الفضائي العالمي اللهم جمعية النقاد الأمريكيين ، وهم -على أفضل حال- مجموعة من الصحافيين العاملين فى مجال رصد وتحليل الأخبار الفنية ، ومنها انتقلوا إلى عالم النقد البرامجي ، بشكل غير ممنهج، دون تنظير مسبق لاصطلاح النقدي البرامجي . لذا كان لزاما علينا ألا نقلل من قيمة تلك المبادرة التي جاءت من محترفين فى مجالاتهم الصحفية؛ فأصبحوا هواة فى مجال النقد التليفزيوني. لكن المثير للدهشة حقا ، أن أول مدرسة تعرضت لهذا النوع من النقد ، هى عربية الهوية ، بلا مغالاة أو تحيز . فالراصد لتاريخ النقد البرامجي ، يمكنه أن يقرأ مئات المقالات فى جرائد ومجلات عالمية وعربية ، عن برنامج هنا أوحلقة هناك ، دون أن يخرج بفكرة واضحة تفيد بأن هناك متخصصين فى هذا المجال . ربما تكون محاولات الأستاذ (سيد الغضبان) وهى من أولى المحاولات العربية للنقد البرامجي ، ورغم ذلك المجهود الذي يفرض علينا أن نحترمه إلا أنها -أيضا- ، أتت من باب الهواية ، رغم قيمة الأستاذ الإحترافية فى عالم الراديو؛ أي أنها محاولة جيدة، مثل محاولات جمعية النقاد الأمريكيين ، لكن المحاولتين كانتا من باب الإرتجال . وكي لا نضع القارئ فى تعميمات وتهويمات دائرية . نعود به إلى مجلة وجهات نظر فى العدد رقم ( 46 ) لعام 2002م ، حينما كتبت عن كتاب جديد يحمل عنوان " فن الاعداد التليفزيوني " بوصفه الأول من نوعه فى المكتبة العربية ، ثم توالت الكتابات على نهج هذا الإصدار؛ فخرجت كتب شبيهة ، تحمل عناوين قريبة من هذا العنوان تحت مسميات " فن إعداد برامج التليفزيون " " فن إعداد التقارير " ... وهكذا بدأ الإهتمام بعالم الاعداد البرامجي الذي يعد علميا وفنيا النواة الأولية لبناء أي عمل برامجي .
من فكرة كتاب فن الإعداد التليفزيوني ، خرجت مدرسة النقد البرامجي بشكلها الممنهج . وكي لا نفترض إفتراضات نظرية ، نخوض سويا فى غمار مدرسة النقد البرامجي دون تحفظات فنحن لا نكتب كتبا مقدسة ، بقدر ما نطرح أفكارا تخضع للنقد والاستكمال .
- النقد عند بن منظور وبن سيدة الأندلسي : هو خلاف النسيئة ويعنى تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها . وفى عالمنا البرامجي أيضا يجب أن نميز الخبيث من الطيب . السليم من المعيب ، كي نقف فى النهاية على عتبات الاكتمال . لذا نقدم للقارئ الكريم رؤيتنا حول منهج النقد البرامجي على حلقات ممتدة ، عساها تنال جزءا من القبول .
- تبدأ عملية النقد البرامجي على مستويين،وهما :
الأول : ضرورة أن يكون الناقد على علم كامل بالنظريات الحاكمة للإعلام، سواء أكان المرئي أم المسموع أم المقروء فى العالم [ السلطوي . الحر " التجاري " . المسئولية الإجتماعية ] ربما يتساءل البعض ، عن ضرورة تلك الفرضية المعرفية وقيمتها فى الولوج إلى نقد الشاشة فنحيله إلى " أيديولوجيا " مُلاك قناة الإتصال ؛ تلك " الأيديولوجيا " التي ترسم مسارات الخارطة البرامجية للقناة محل النقد ؛ فمثلا المحطات الحكومية فى إنجلترا ، تعمل بنظام الهيئات الممولة من دافعي الضرائب ، خلاف المحطات الحكومية فى دول العالم الثالث والتى تمول من خزائن الدول ، فتكون لسان حال الممول بغض النظر عن الرسائل المطروحة عبر الشاشة . فمعرفة النظرية التى تعمل المحطة من خلالها مهم فى تقييم البرامج بشكل علمي خارج أطر العاطفة والوجدان .
الثاني : لابد للناقد أن يتعرف على التعريفات الفنية المختلفة لمصطلح التليفزيون ،مثل المشاهدة عن بعد، أو تحويل مشهد متحرك وما يرافقه من أصوات إلى إشارات كهربائية ، ثم نقل هذه الإشارات، وتحويلها من طريق جهاز الاستقبال إلى صورة مرئية مسموعة . أما تعريف كتاب " فن الإعداد التليفزيوني " للمصطلح ، فكان : وسيلة معنية بتقديم رسالة إلى متلقي عن طريق الصورة المتحركة والصوت . يعد هذا التعريف الأقرب والأكثر إختصارا للولوج إلى مفردات النقد البرامجي المتمثل فى ...
الصورة : وتشمل ( لديكور . الإكسسوار . الإضاءة . الأشياء . العنصر البشر )
الصوت : ويشمل ( الحوار . التعليق . الضوضاء. الموسيقى . الصوت الواحد . الأصوات الحية )
إن الصورة والصوت ومشتملاتهما ، هي المفردات التي يتعامل معها الناقد البرامجي ؛ كي يتمكن من تقديم نقد ممنهج للبرنامج محل الدراسة ؛ فالصوت يعنى صلب الرسالة ، والصورة تمثل تقنية التنفيذ . لذلك يجب على الناقد البرامجي أن يكون على قدر كبير من المعرفة الخاصة بفن الإعداد وفن الإخراج البرامجي ؛ فيلزمه قبل أن يخط بيده مقالا عن النقد أن يدرس العديد من المفردات الخاصه بالعالمين ، فلن يستطع الكتابة عن الصورة إذا لم يكن دارسا لعلاقتها بالفن التشكيلي . الصورة والإدراك . الصورة والعوامل المنظمة للإدراك . الصورة وعمليات التخيل والابتكار . وأيضا هناك ضرورة لدراسة التأثيرات النفسية والسيكولوجية للإضاءة ، حتى لا تخدعه ألاعيب الإخراج؛ التى تلعب على وجدان المتلقي ، وتستطيع أن تفقده 90% من إدراكة ناهيك عن ضرورة التعرض لعالم الانتباه بأنواعه فى حال دراسة الصوت " القسري والإرادي والتلقائي " وتأثيرهم على الرسالة المطروحة ، بالإضافة إلى أهمية التفرقة بين عالم البرامج الخاص بالكبار وعالم البرامج " عالم الأطفال " ؛ فغالبا ما يقع المعدون والمخرجون والنقاد فى مأزق عدم التفرقة بين العالمين، وأيضا عدم التفرقة داخل برامج عالم الطفل ذاتها ، فيتم الخلط بين برامج للأطفال وعن الأطفال وبرامج الأطفال ذاتها . إن عالم النقد البرامجي ليس مجرد نظرة قشرية على محتوى برنامج معين ، يمكننا بعد المشاهدة أن نضع البرنامج تحت مجهر النقد ، لكنه مدرسة لها أدواتها الخاصة ونقادها اللذين نتمنى لهم أن يصبحوا روادا فى هذا المجال ، ونتمنى أيضا أن يلج الباحثون هذا البحر؛ كي نقدم منتجا عربيا غير مسبوق فى العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا