الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سن تقاعد القضاة

نصارعبدالله

2013 / 4 / 22
دراسات وابحاث قانونية



يدهشنى جدا أن هناك رأيين فقط مطروحين حاليا على الساحة فيما يتعلق بسن التقاعد للسادة القضاة ، أحدهما يدعو إلى تقليل سن التقاعد للسادة القضاة من سبعين عاما إلى ستين عاما أسوة بسائر العاملين فى الدولة، أو على الأقل تقليله إلى ثمانية وستين أو حتى إلى أربعة وستين عاما كما كانت الحال قبل التعديلات التى لحقت فى عصر مبارك بالمادة 69من قانون السلطة القضائية،.. تلك المادة التى كانت تحدد سن تقاعد القضاة بستين عاما ثم زيدت إلى أربعة وستين ، ثم زيدت مرة بعد مرة إلى أن بلغت سبعين عاما!! ، وهى التعديلات التى جاءت فيما يقول أنصار هذا الرأى كمجاملة من نظام الرئيس مبارك لبعض الشخصيات الموالية له داخل الجهاز القضائى !، فى حين يدعو الرأى الآخر إلى الإبقاء على سن التقاعد على ما هو عليه حاليا لأن تخفيضه سوف يؤدى فى رأيهم إلى الإطاحة بأغلب رؤساء الإستئناف وأعضاء اليمين فى الدوائرالإستئنافية، فضلا عن رئيس ونواب محكمة النقض، وهو ما سوف يؤدى فى رأيهم إلى هزة عنيفة فى الجهاز القضائى وحرمان له من الكفاءات المتميزة فى وقت تعانى فيه العدالة أشد المعاناة من تكدس القضايا وعجز الأعداد الحالية من القضاة عن مواجهة هذا التكدس...يدهشنى جدا أن هناك رأيين فقط فى هذه المسألة أحدهما يدعو إلى خفض السن ، فى حين يدعو الآخر إلى الإبقاء عليه كما هو ، وكلا الرأيين نابع ـ فيما أتصور ـ ليس من الأسباب المعلنة قدر ما هو نابع من دوافع أخرى لا يصعب استنتاجها على أى متابع لطبيعة العلاقة بين السلطة القضائية والسلطة السياسية الممسكة بزمام الأمور، ...إن أحد هذين الرأيين يعبر كما واضح عن توجهات السلطة السياسية الحالية ممثلة فى جماعة الإخوان المسلمين ومحاولتها تصفية حساباتها مع المعارضين لها داخل الجهاز القضائى، فى حين يعبر الآخر عن توجهات رجال القضاء بوجه عام ،.... وبوجه خاص أولئك الذين يتولون المناصب القضائية العليا والذين تجاوز أغلبهم سن الرابعة والستين ، وأوشك بعضهم على بلوغ السبعين فعلا ، وكلا الرأيين لا يعبران عن وجهة نظر ثالثة جديرة فيما أتصور بأن يتبناها سائر المواطنين العاديين الذين هم ليسوا أعضاء فى جماعة الإخوان ، ولا هم كذلك من بين رجال السلطة القضائية، ولكنهم هم أول من سوف يستفيد من أى إصلاح قضائى لا يستهدف إلا مصلحة المتقاضين الحاليين أو المحتملين، باعتبار أنهم هم أولا وقبل كل شىء الهدف الحقيقى والنهائى من أى إصلاح قضائى . إن سائر المواطنين الذين شاء لهم قدرهم أن يكون أطرافا فى خصومات قضائية طويلة الأمد ، أو الذين أتاحت لهم ظروفهم أن يتابعوا أجيالا مختلفة من القضاة يلمسون بوضوح تام أن الأجيال الجديدة من القضاة ليسوا على مستوى كفاءة الأجيال السابقة حتى عندما كانت تلك الأجيال فى أعمارهم ، كذلك فإنهم يلمسون بوضوح مدى البطء فى العدالة الذى تتزايد معدلاته عاما بعد عام إلى أن بلغ فى العقدين الأخيرين معدلات كارثية لا سابق لها ، وقد كان من الممكن للوضع الحالى أن يصبح أشد كارثية لولا مد سن التقاعد للقضاة!!، ...وحتى إذا سلمنا جدلا بأن هذا المد كان نوعا من المجاملة من جانب نظام مبارك لعناصر بعينها فى النظام القضائى، فإن المستفيد الأول منه هم المواطنون المتقاضون أنفسهم الذين كانوا سيجدون أنفسهم أمام أوضاع أشد كارثية مما يواجهونه الآن فعلا ، وهوما يشعرون معه بأن مد سن التقاعد إلى سبعين عاما فقط لم يعد كافيا بحال من الأحوال لمواجهة التكدس الرهيب فى القضايا، ومن ثم فإن أولى خطوات الإصلاح القضائى ينبغى أن تتمثل فى جعل سن التقاعد للقضاة شبيها بسن التقاعد لأساتذة الجامعة ، فبعد سن الستين يتقاعد الأستاذ الجامعى من الناحية الإدارية فقط ، بمعنى أنه يمتنع عليه شغل أى منصب إدارى بعد سن الستين ( عمادة الكليات ووكالتها أو رئاسة الجامعة ...الخ ) ، لكنه يستمر فى أداء مهنته الأكاديمية ، وبذلك يتحول مما يطلق عليه " أستاذ عامل " إلى ما يطلق عليه: "أستاذ متفرغ"، ويستمر على هذا الوضع إلى أن يبلغ سن السبعين ، غير أنه ببلوغه السبعين لا يتوقف بالضرورة عن مزاولة المهنة، ولكنه يتحول بعدها من "أستاذ متفرغ" إلى "أستاذ غيرمتفرغ "، والفرق بين المتفرغ وغير المتفرغ هو فارق فى المعاملة المالية فحسب ، أما المهام الأكاديمية فإنها تظل واحدة فى الحالتين!! ، وعلى هذا فإن الرأى الذى أدعو إليه والذى أطلبه من محلس الشورى إذا كان معنيا حقا بتخقيق المصلحة العامة ( لا بتصفية الحساب مع هذا الفريق أو مجاملة ذاك ) ، أطالبه بأن يكون تقاعد القضاة مقتصرا على الناحية الإدارية فحسب ، بحيث يمتنع على القاضى تولى أى منصب ذى طبيعة إدارية بعد سن الستين ( رئاسة المحاكم ، الإدارات القضائية، المكاتب الفنية ...الخ ) أما مهمة الفصل فى القضايا ، فإن سن تقاعد القضاة بالنسبة لها ينبغى أن يكون مفتوحا إلى ما بعد السبعين أمام كل قاض قادر على العطاء وراغب فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم


.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #




.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا