الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دماء جديدة ،ودماء قديمة

ثائر الربيعي

2013 / 4 / 22
حقوق الانسان


قبل اكثر من شهرين تم الايعاز من قبل المدير المعني بعملي بتقديم بعض المحاضرات التي تتعلق بثقافة النزاهة واخلاقيات المهنة لاحدى دوائر وتشكيلات الوزارة التي اعمل فيها ،وشرح بعض مضامين قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991،وقد خصصت المحاضرات للموظفين الجدد الذين تم تعينهم على الملاك الدائم ، وعند شرح المضامين المتعلقة بالمادة الفكرية وجدت تطوراً ملموساً وملحوظاً في فهم وادراك الموظفين الجدد في التجاوب والتعاون والتفاعل والتحاور معهم ،فالموضوع ليس كما كنت اظن انها مجرد ندوات أقدمها لمدة ثلاثة ايام وبعدها أعود أدراجي لعملي ،فقد وجدت فيهم روح المثابرة والتحضير والقراءة لما أريد طرحه عليهم ،حتى ان مداخلاتهم كانت بمستوى النضوج الفكري والعلمي والعملي ،وحتى تقديمي للمادة تغير بتغير طردي معهم ، وأتساءل مالسبب في هذا التحول بالثقافة الوظيفية العامة ؟
فالجواب يمكن أنهم دماء جديدة يريدون ان يجدوا انفسهم في خضم مايقال أنهم غير نافعين لأنهم جدد على الوظيفة العامة ولا تزال معرفتهم بالعمل الوظيفي ضعيفة جدا ،وان يحققوا ذاتهم بأن يضعوا بصمة واضحة لكل عمل انيطة بهم،حتى ان اليوم الاخير من المحاضرات خصصته لا اجراء اختبار لهم بتقسيمهم لأربعة مجاميع لما تناولوه في الايام السابقة من مواضيع ثقافية وقانونية وادارية وكل مجموعة خصص لها سؤالين مختلفين ، فكانت النتيجة مذهلة جدا حيث وجدت ان الإجابات ترتقي لمستوى فهم الموضوع عن عمق ،بل ان بعض المجاميع قدمت اجابة منطقية وموضوعية ومزودة من مصادر خارجية ،هذا يدل انهم ينظرون الى الوظيفة بعين الاحترام والمسؤولية وباعتبارها مسؤولية وطنية واجتماعية بالدرجة الأولى ثم وسيلة لكسب الرزق ثانية ،وانهم مدفعون ليقدموا العطاء والطاقات التي بداخلهم ،وهو بعكس ما نجده من الدماء القديمة الذين يعشعشون في وزارات الدولة ومؤسساتها ويعملون بثقافة الإطاحة بالناجحين وزاحة المبدعين والمبتكرين والتمسك بالكراسي (البيروقراطية )،وشعارهم وجود الناجح يأتي بالناجحين يعني ناقوس خطر ،ووجود الفاشل يخلق منظومة عمل من الفاشلين وهو الأصح ، لكن لكل قاعدة لها شواذ كما ان الشواذ هم قليلون جدا لانهم تربوا ايضاً على قيم النجاح ،لكن الشريحة الواسعة من الموظفين القدماء هم من يعملون بعقيلة العقود المنصرمة التي تستبعد تعليم ابسط مقومات التعليم وهو كيفية تنظيم الصادر والوارد البريدي وكتابته،وعندما نسألهم يقولون انها سر المهنة ،بل أنهم حيتان كبيرة لا تتردد في التهام واكل الأسماك الصغيرة ،كما المنصب والوظيفة ليس حكراً لشخص دون آخر ،وأتساءل لماذا لا يحدد سقف زمني في العمل لخروجهم على التقاعد وإعطاءهم حقوقهم كان يكون العمر الوظيفي من (15-20)سنة ؟هو وقت كافي من الزمن لفسح المجال للدماء الشابة التي تريد ان تروي وتسقي هذة التركة الثقيلة والحال يسري عليهم كما يسري على غيرهم ،وتسليمهم مسؤوليات ومهام وان كانت كبيرة فإعطائهم الثقة والاطمئنان النفسي لهم من شانه الحصول على كادر مهيأ يدير ادارة مراكز الدولة بخلق كادر من الدماء الجديدة ،وهذا يتطلب جملة من الإصلاحات في جهاز منظومة الموارد البشرية من حيث تغيير بعض القوانين واللوائح والتعليمات ،بمعنى ان تكون هنالك شفافية اكثر في وضوح التشريحات وسهولة فهمها وانسجامها مع بعضها البعض بما يتناسب مع طبيعة الطرف ، فالغموض وعدم وضوح الرؤية في العمل الاداري ووجود هياكل قديمة للأجهزة الادارية بلاشك دفع الموظف لان يسلك مسالك وطرق تعمل تحت الفساد الاداري بغية تجاوز الهياكل القديمة ،فضلاً ان المهم من الاصلاحات التي نجريها هو ان نتعامل مع الشخص المناسب في المكان المناسب الذي نستطيع ان نسلمه مقدرات الدولة ونأتمنه عليها لكي نحقق الاهداف المطلوبة والتي اهمها ان ينشر ثقافة النجاح والابداع لمن حوله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين