الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوقفوا تسليح المعارضة السورية

منعم زيدان صويص

2013 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يجب أن يعترف المؤيدون لسقوط نظام بشار الأسد، ومن ضمنهم هذا الكاتب، بأن موقفهم لم يعد ذا فائدة ولا يخدم لا مصلحة شعوبهم ولا مصلحة السوريين، لأن الظروف قد تغيرت تماما.

عندما بدأت الإحتجاجات في سوريا ضد النظام قبل أكثر من عامين، كان هناك شبه إجماع على أن مطالب المحتجين عادله وأن الوقت قد حان لإصلاح النظام الذي بقي جاثما على صدور السوريين 42 عاما دون تحقيق مكاسب قومية أو تقدم إقتصادي أو إجتماعي، رغم الشعارات البراقة. وجاءت هذه الإحتجاجات بعد أن رأت المعارضة السوريه نجاح التوانسة والليبين والمصريين في تغيير أنظمة الحكم لديهم. وعندما برزت المعارضة في سوريا، كان يقودها مجموعة من المثقفين المخلصين، من داخل سوريا وخارجها، وكانت سلمية، ولكن مع دخول الإسلاميين من جميع المعتقدات والخلفيات على الخط إتخذت المعارضة منحى جديدا وبدات بالعنف واستعمال السلاح على نطاق واسع. ومن ناحية أخرى، لم ينجح النظام في إقناع الناس بأنه سيعمل على إصلاح نفسه، ولم يتصرف الرئيس الأسد بحكمه ولم يظهر أي إحترام لمطالب المحتجين أو للأرواح التي أزهقت برصاص قوات الأمن السورية. وعندما رأى الإسلاميون السوريون نجاح إخوتهم في مصر وتونس وصعودهم إلى السلطة، تشجعوا وإغتنموا الفرصة للثأر من عائلة الأسد التي قتلت الآلاف منهم في حماه عام 1982، وبدأوا يستعملون السلاح في مواجهة قوات النظام، وانتشر القتل والتدمير.

لا داعي لسرد الأحداث التي تلت ما ذكر أعلاه ولا التطورات التي أدت إلى اتساع نطاق القتال والمعارك، فهذه الآن تاريخ، ولكن ما حصل يبرهن أنه لن يكون هناك غالب ومغلوب في سوريا، حتى لو سقط الأسد، وستنقسم البلاد أكثر مما هي منقسمة الآن، و سيتسع نطاق النزاع في المنطقة وستنتشر الفوضى عبر حدود سوريا إلى الدول المجاورة وستتعاظم الكوارث التي لن يسلم من نيرانها أحد. وها نحن نرى كيف اتخذت الأحداث منحى خطيرا عندما تم الإعلان عن إنضمام جبهة النصرة السورية إلى منظمة القاعدة، مع أن هذه الخطوه كانت متوقعة، فما يحصل في سوريا الآن هو إمتداد للفوضى والمذابح في العراق وهو المناخ الملائم لتحقيق أمنيات أيمن الظواهري .

يجب أن نعترف أيضا إن استمرار الحرب بين النظام السوري والمعارضة يدل على أن النظام يتمتع بشعبية، أو دعنا نقول تأييد شعبي، مكّنه من البقاء، وأن هذا التأييد ينمو باستمرار، وان الجيش السوري لا يزال متماسكا ويحمي النظام. وطالما أن هذا النظام يتسلم الإمدادات من روسيا وإيران بانتظام، فسيستمر في الحكم وستستمر هذه الحرب الضروس دون جدوى. إن ما يحدث في سوريا لن يتوقف حتى لو أطيح ببشار الأسد، فأفراد الجيش والأقليات العرقية والدينيه لن تكون مطمئنة ولن تقبل بالحاكمين الجدد، وسيبقى الوضع في المنطقة غير مستقر وسيزداد خطر تدخل إسرائيل، بدعم ضمني من الغرب، بحجة منع المسلحين من السيطرة على الأسلحة الكيماوية، ومن المحتمل جدا أن تمتد الحرب إلى لبنان وشمال الأردن وينتشر مقاتلوا القاعدة في كلا البلدين ويلحقوا بهما قتلا وتدميرا مماثلا، وستتسع الكوارث الحالية، وسيتم تجاهل القضية الفلسطينية واستبدالها بقضية سورية، وقضية أردنية، وقضية لبنانية.

على دول الخليج أن توقف، في أسرع وقت ممكن، دعمها للمعارضة السورية المسلحة، وأعني بذلك جبهة النصرة ومن شاكلها، فهؤلاء هم الذين يقاتلون في سوريا، ليس بهدف إزالة النظام وإرساء قواعد ديمقراطية وتقدميه وأنما لخلق نظام ديني مغلق متأخر عن ركب المدنية بألف سنة. وبمجرد سقوط النظام ستبدأ حرب مدمرة بين جبهة النصره ومن لف لفها من جهة، والأسلاميين المعتدلين من جهة أخرى، ولن تنتهي هذه الحرب بسهوله إلى أن تدمّر سوريا كلها ويصبح كل الشعب لاجئين، وتنقسم البلاد إلى كنتونات. والدول الخليجية تعرف أن المتطرفين من الإسلاميين الجهاديين موجودون بينهم وهم ينتظرون إشارة خضراء ودعما من القاعدة وأتباعها لكي يشيعوا عدم الإستقرار في بلدانهم.

على الدول الخليجيه أن توقف تمويلها للمعارضة السورية المسلحة، وعلى تركيا وبقية الدول المجاوره لسوريا أن تمنع دخول السلاح إليها، فهذا لا يخدم مصالحهم أومصالح سوريا. ومن المؤكد أن إرسال أسلحة للمعارضين السوريين العلمانيين والمعتدلين سيفشل لأنها ستصل في النهاية لجبهة النصره وحلفائها وسيؤدي ذلك إلى مزيد من القتل والتدمير. ونقول للحكومة الأردنية أن التخلص من السلفيين الأردنيين بتجاهل تسللهم للذهاب والقتال في سوريا ليس عملا حكيما وسيكون مضرا للأردن في نهاية المطاف. أما أمريكا واوروبا فلن يدعموا المسلحين الجهاديين، ولن يعارضوا إيقاف الدعم عنهم، فالأحداث التي بدأت بمقتل السفير الأمريكي في ليبيا، وكان آخرها هجوم بوسطن الذي نفذه الأخوان جوهر وتيمورلنك، سيزيد الأمريكان تصلبا في هذا الأمر. إن مساعدة الإرهابيين مهما كان هدفهم هو جريمة وانتهازية وإنعدام مسؤولية.

إلى متى سيبقى العالم يتفرج على تدمير سوريا وقتل السوريين وتشتيتهم؟ أما آن للدول العربية أن تتخذ موقفا بناءا من هذه الأزمة؟ على الدول العربية أن تبدأ ببذل المحاولات الجادة للتوصل إلى حل سلمي سياسي بمساعدة روسيا، حليفة الأسد. إن الموقف الخليجي والعربي الذي إمتد سنتين كاملتين قد برهن على فشله الذريع وجر سوريا والمنطقة إلى كل الكوارث الحالية. هل أنتم، أيها العرب، راضون عن ما حصل للسوريين في مدنهم المدمرة وفي المخيمات؟ هل يعجبكم، يا أحفاد المعتصم، ماذا يحدث للفتيات السوريات؟ إنه أسوأ من الوأد بكثير. أما النظام فلن يخرج قويا من هذه الحرب وسيضعف باستمرار، فالشعب السوري غير معجب به وسيرحب بأي نظام لا ديني في البلاد يمثل جميع الناس ويحقق الحرية والعدالة. إن الشعب السوري لم يعارض النظام على قاعدة دينية بل بسبب بُطئه وفشله في تحقيق الإصلاح وبسبب بطشه ودكتاتوريته. وهذا النظام، إذا بقي، لن يستطيع أن يستمر في تبني نفس السياسات القديمة. وها نحن قد تعلمنا درسا مما حصل في مصر وتونس، فليس من الضروري أن تغيير النظام بهذه الطريقة سيحل مشاكل سوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟