الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تغرير بالمواطن العربي أم تغريبه ؟
بشرى ناصر
2005 / 4 / 17مواضيع وابحاث سياسية
ظل المواطن العربي طيلة تاريخه العربي الطويل في خصومة مع حكوماته المتغيرة تسمياتها على مر العصور والإزمنة والأحقاب ... مسجوناً في سجن الحرام (التابو)... فما يستلزم الدراية لا يستلزم الرواية ؛والسلطة ليست غير شوكةمغروسة في وعي ولا وعي المواطن العربي ... و الذي ظل قابعاً في غياهب اللاهوت الذي استخدمته الحكومات على مر العصور لخدمة مصالحها ؛ مع إن الدين كمضمون وبنية ..و هيكلية وتفكير يستلزم النقد والسؤال والبحث ومع ذلك مارست ضدنا الحكومات المتمثلة في :الخليفة؛ السلطان؛ الوالي؛ الحاكم ...... وحتى الملك أو الرئيس أقصى حالت التغييب والتهميش من جهة ومن جهة أخرى جعلت لبلاطها دوماً كتبة ومتكلمين يروجون بلسانها ما تريد ؛ ولم تكتفي بالسجون المدنية التي أنشأتها بل راحت تفرض سجوناً على (المكتوم) أوغير المعلن فازداد عدد موظفيها الساهرين على الأفئدة والفكر والمشتغلين بالترهيب والتخويف الديني وازدهر الدين ورجالاته لزرع الروادع في النفوس جنباً الى جنب مع نشطاء (الرقابة على الإبداع) وهكذا حتى حوصر الشعب العربي بكامله في سجن قاس فرض على أجسادهم ممثلاً ب(سجن الرغبة) وفرض على أرواحهم (سجن الرهبة) وبين السجنين دعت الحكومات العربية طيلة عمرها الى التفكير دون تكفير ؛ وصحافة دون تصحيف ؛ وكتابة دون تبكيت وبعث دون عبث ...... وما الى ذلك ؛ فهل يبدو هذا ضرباً من جنون أو حماقة ؟
دعوني أوضح : لقد انكشف العالم العربي على انقسام حاد كما لم ينكشف من قبل ؛ فبدخول الألفية الثالثة صرنا نقف على صوتين : صوت السلطة ؛ وصوت الشعب .
واذا كانت شعوبنا بالأمس تتبارى وتتسابق في إدراج ورقة تحرير المنطقة من أزمتها على رأس جدول الأولويات ووقتها كانت الإذاعات العربية تصرخ وتستصرخ : (أمجاد يا عرب أمجاد) و(أصبح عندي الآن بندقية) ؛ لنرى أنفسنا اليوم في مأزق أخلاقي أمام مصداقيتنا تجاه أنفسنا أو كأنما غرر بنا وبذاكرتنا ؛ ففي الوقت الذي زايدنا على القضية الأم فلسطين بدت الحكومات العربية تنحو باتجاهات أخرى مختلفة نحو خطط سلام وتصالح وخرائط طريق وما الى ذلك .... وبينما نحاول كشعب نفض غبار التقزم والدونية التي استشعرناها منذ أول استهلاك للتقنية الجديدة الداخلة علينا والتي عمقت بدواخلنا الحقيقة المرعبة (نحن شعوب استهلاكية غير منتجة) نفاجأ بتغييرات طارئة جديدة تمس ما هو أقوى وأهم من العقلية الصناعية وثقافة الإنتاج ؛شيء ما يمس الهوية العربية الآيلة للسقوط أو التحنيط ؛ ذلك هو فرض التغيير علينا بالقوة وبالحرب أحيانا؛ حين صار التدخل العسكري الأمريكي (خميرة نبل العالم) الصالحة لخبز شعوبنا المتعطشة للديمقراطية .... وضللتنا حكوماتنا العربية حين كرست الانقسام الحاد في شخصياتنا والمتمثل في تفاوت بين الاعتقاد والممارسة ؛ فالخطاب العربي المشبع بالازدواجية يتضح ويتبدى حين تتجه حكوماتنا لإقامة علاقات ومصالحات وحوارات وبحث عن صيغ للتلاقي والتلاقح والتحاور بينما الخطاب الديني المعتمد على النص المقدس يكرس أن اليهود يأتون بالدرجة الأولى من الكراهية وقبل المشركين ..... وبينما يتعمق الخلاف الجذري المطالب بإسقاط الأخر تماماً .... تأتي قرارات سلطاتنا العربية بإقامة صيغ للتسامح والحوار والالتقاء .
أظن أن ما يطلب من المواطن العربي البسيط الأعزل صاحب مقولة ( أدعي على الحكومة ولا تقل آمين) أكبر بكثير من مكوناته المعرفية الثقافية ... وأكبر بكثير من مداركه وأكبر بكثير من ازدواجيته القديمة والمعروضة للتوسع ؛ حتى لو كانت السلطة قد أسست من قبل ثقافتها الخاصة وعمقتها في روح مواطنيها تلك الثقافة القائلة : (أبانا في الأرض ) وحتى لو انشغل بقضاياه الجانبية ومشكلاته مثل الفقر والبطالة والجهل ... وحتى لو تيقنا أنه يعتمد على الولاء وليس الديمقراطية وأن البرلمانات لم تقدم ولم تؤخر شيئاً حسب قراءتنا للمشهد السياسي العربي .... قد يعي مواطننا البسيط ما يوجه ضده من إقصاء وتهميش ؛ وقد يعي تماماً تفاصيل هذا المناخ الكوني المبشر بوعود وقيم جديدة تنذر بتحديات ونهايات ومخاوف مختلفة لكنه لا يستطيع تبني الخصومة مع حكوماته ولا يتمكن من نزع النصال المتزايدة في روحه كلما توالت عليه متواليات الأسئلة والمقولات الجديدة والمفروضة عليه فرضاً ليجد نفسه في النهاية محاصراً ومستهدفاً في المنطقة الأكثر وعورة أي( الدين) كإنثربولوجي وأيدلوجي وطائفي ومذاهب أو فرق ... تطالها رياح التغير العاتية لتنسف روحه نسفاً باعتبارها ذاكرة ثقافية تتخلل مساحات الوعي واللاوعي عنده .... وقد تبدو الخسارة ليست فادحة لو أن الذاكرة الجمعية العربية قد اشتغلت على أطر التغيير كما حدث مثلاً في عصر النهضة حين اضطر العقل العربي لممارسة نوع من النقد لتفسير أسباب انحطاطه ؛ وكان عليه الدفاع عن ذاته أمام المستعمر الغازي المهدد له بالاستئصال ... لكننا اليوم قبالة أخطر نظام عالمي جديد يزيد ويضاعف من عزل المواطن عن أصحاب القرار الذين وفروا من قبل نمواً اقتصادياً من قبل فدفع المواطن فواتيره عبر ظاهرة الفراغ المعنوي والإشباع المادي والتي كانت سبباً مباشرا ورئيسياً لكثير من مشكلات نعاني منها ليس آخرها ظاهرة( تفشي المخدرات ) .
وبعد .... أردت القول أن (العولمة) تلك الموجة التي وضعت حداً فاصلاً بين تاريخين هامين : تاريخ الأيدلوجية وصراع الشرق بالغرب ؛ وبين هيمنة المذاهب والقناعات الفكرية الكبرى ... أو بمعنى آخر نحن أمام نظام عالمي جديد وإمبراطورية جديدة تدير العالم وفق تصوراتها ومخططاتها ... لذا فسقوط أول صاروخ على بغداد إنما يعني موت الشرعية الدولية والعربية والإسلامية ... وهذا ما يجب إشراك المواطن فيه وإيصاله له بعيداً عن التضليل وتعميق الازدواجية
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجمعية العامة للأمم المتحد تعتمد قرارا يطالب بوقف فوري لإطل
.. مشاهد جوية للأنقاض بعد غارات إسرائيلية على مركز البحوث العلم
.. الدفاع المدني السوري يطلب تدخلا أمميا لتحديد مواقع سجون الأس
.. اكتشاف نفق سري ضخم تحت الأرض قرب مدينة القطيفة بريف دمشق
.. لهذا السبب.. أميركا تعلن بقاء قواتها في سوريا | #أميركا_اليو