الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحبة اقوى من الغضب

مجدى خليل

2013 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



أختار الإرهابيون الذين فجروا القنابل فى مارثون بوسطن، اقدم سباق للجرى فى العالم كله ، لبيعثوا برسائلهم للكراهية والتى تمتلئ بالعنف والخراب والدم. مارثون بوسطن للمسافات الطويلة بدأ عام 1897، ويقام فى ثالث يوم اثنين من أبريل كل عام، وهو اليوم الذى يشكل العيد الوطنى لولاية ماسوشوتس. هذا العام كان له حيوية خاصة حيث شارك فى المارثون 27 الف عداء من جميع انحاء العالم جاءوا لتكريم ال 26 تلميذ الذين قتلوا فى مدرسة نيو تاون العام الماضى على يد شخص مختل،فإذا بالمارثون يمتلئ بالدماء والسيقان المبتورة بفعل شخصيات إرهابية هذه المرة.
بعيدا عن التحليلات السياسية والتى سوف نتناولها فى مقالات قادمة بعد ظهور الحقيقة حول هذا العمل الجبان. لقطة إنسانية وأحدة هزت بعمق كل المتابعين لهذه المأساة، وهى لحظة استشهاد الطفل مارتن بيل ريتشارد ذو الثمانية أعوم. هذا الطفل كان مع أسرته يتابعون السباق حيث أن والده من المتنافسين فى العدو، وعند لحظة وصول والده لنقطة النهاية بعد ساعات من الجرى ،أنطلق الطفل راكضا فرحا مسرعا لمعانقة والده، فإذا بالقنبلة الغادرة تمزق جسده الطفولى البرئ.هذا الطفل رغم سنه الصغير إلا أنه كان داعية سلام، وتناولت وسائل الإعلام المختلفة صورته وهو يحمل لافتة مكتوبا عليها( لا للمزيد من أذية البشر... السلام) No more hurting people…Peace.فى مساء نفس اليوم الأثنين نشر والد الطفل بيل ريتشارد رسالة قال فيها " توفى ابنى الغالى متأثرا بجروح أصيب بها فى تفجير بوسطن. زوجتى وابنتى يتعافيان من جروح خطيرة. نشكر عائلتنا واصدقاءنا الذين نعرفهم واولئك الذين لم نلتق بهم ابدا على تعزياتنهم وصلواتهم). بعد نشر قصة الطفل فى وسائل الإعلام تجمع فى مساء اليوم التالى الثلاثاء أكثر من الف شخص فى الحديقة القريبة لمنزل الطفل واحيوا سهرة تكريم وتخليد للطفل وتعزية لأسرته بآلاف الشموع التى ملأت المكان والتى غرسوها فى كل بقاع الحديقة وسط الصلوات والترانيم والاغانى الوطنية. على مستوى المدينة كلها كان رد الفعل رائعا وسريعا، حيث امتلأت الحدائق العامة والكنائس بأهازيج الحزن والترانيم والشموع والاغانى الوطنية. فى كنيسة شارع ارلنجتون القريبة من مكان التفجير امتلأت الكنيسة على آخرها بعدد يزيد عن 700 شخص وسط البكاء والغضب النبيل والصلوات والدموع، وقال راعى الكنيسة كيم هارفى ( نجتمع اليوم وسط الغضب وقلوبنا منكسرة، لكن المحبة اقوى من الغضب، المحبة اقوى من الخوف... المحبة هى المنتصرة).
عندما قرأت هذه الكلمات الرائعة قارنتها بما يحدث فى بلادنا فى مثل هذه المناسبات من دعوات الثأر والانتقام والكراهية والتحريض، ويخرج المشاركون فى مثل هذه المناسبات بعد صيحات الانتقام وشعارات الكراهية واغانى القتال الحماسية وقلوبهم مليئة بالبغض والكره والعدائية، ولهذا تسير مجتمعاتنا فى دوائر مغلقة مليئة بلون الدم.
حقا إن المحبة اقوى من الخوف ومن الموت ومن الهاوية. المحبة تطرح الخوف إلى الخارج وتجعل الإنسان رغم الحزن النبيل العميق إلا أنه يفهم ويدرك إرادة الله فى حياة البشر. المحبة تجعل الإنسان يتجاوز الخوف ويعود لممارسية حياته الطبيعية. المحبة تجعل الإنسان يصفح ويتسامح ويترك العدالة الأرضية والسمائية تأخذ مجراها... المحبة لا تسقط ابدا وتنتصر على كل الشرور وعلى كل مكائد الشيطان ببساطة لأن المحبة هى الله، والله لا يسقط ابدا بل يسحق الشيطان تحت اقدامنا، ولهذا فأن الحقيقة المؤكدة هى أن المحبة تنتصر فى النهاية رغم آلام الزمان الحاضر.
يا الهى كم أشعر أننى تأثرت بثقافة بلادنا التى تستمرئ عدم التسامح وتتتشنج أمام الصفح والغفران للمسيئين. يا الهى كم احتاج إلى محبتك التى هى اعظم عطية منك للبشر، كم احتاج إلى محبتك لكى انتصر على نفسى وعلى ثقافة التدمير الذاتى التى تتغلغل فى بلادنا. كم احتاج إلى محبتك من آجل سلام نفسى وروحى وعقلى وحواسى بعيدا عن الخوف والقلق والاضطرابات والحزن والاكتئاب واليأس.
كم احتاج إلى محبتك لأننى اكذب واخدع نفسى إن قلت أننى اعرفك بدون أن يمتلئ قلبى بهذه المحبة. يا الهى ساعد عقلى المحدود وقلبى الصغير ليستوعب محبتك الكبيرة العظيمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فعلاً
هانى شاكر ( 2013 / 4 / 24 - 02:28 )

فعلاً
___

ألمحبة لا تسقط أبداً


شكراً لكلمة حكيمة فى زمن أغبر وعالم على فوهة بركان

....

اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه