الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيام في بابا عمرو للروائيّ عبد الله مكسور

عروة الأحمد

2013 / 4 / 24
الادب والفن


أحياءُ العشوائيّات .. منبتُ ثورة سوريا .. ثورة القهر الذي دام أكثر من ثلاثين عاماً , وأشهرها الحيّ الحمصيّ الذي أصبح أيقونةً حمص "بابا عمرو" .
لم يقتصر ذكره على شاشات الأخبار وألسنة الناس ولافتات ثورتهم , بل تعدّاها ليتصدّر عنوان رواية "أيام في بابا عمرو" أوّل روايةٍ تتناول أحداث الثورة السوريّة للروائيّ "عبد الله مكسور" .
صحفيٌّ هُوَ .. هجر سوريا منذ سنوات , ثمّ عاد إليها أوّل إنطلاقة ثورتها ليسجّل بعض الأفلام الوثائقيّة , لِيتمَّ إعتقالهُ , ولِتبدأَ الحكاية .
( ونلاحظُ من خلال عودة "مكسور" إلى سوريا أول إنطلاقة ثورتها , وسعيه "طوعاً" لتسجيل بعض الوثائقيّات "لعمله الخاص" لا لطلبٍ فُرض عليه من جهةٍ إعلاميّةٍ , بأنّ مكسور ترك سوريا كغيره من السوريين الذين فقدوا الأمل في تحرّر هذا البلد من سلطة الإستبداد , وسرعان ما أعادهم إليها إنبثاق الأمل من جديد ) .
ابن طيبة الإمام في حماة المُفعم بالهويّة والذّكريات , يُعتقل على طريق الحنين إلى الطفولة لعدم حوزته على "بطاقة" الهويّة , ومن ثمّ يُساق إلى المعتقل في حمص , ليخرج بعدها متابعاً رحلته إلى بلدته مستعرضاً في سرده ذكريات الطفولة , وأوّل الحبّ , وأوجاع حماة 1982 , والعمّ السجين إحدى عشر عاماً بلا جرم , وربيع دمشق , وإعتقاله الأول قبل خروجه من سوريا بثلاث سنوات .
في رواية مكسور ذات السّرد الدراماتيكيّ السيريّ تظهر شخوصٌ عدّة , ولكل شخصيّة منها حكاية , كما يستحضر الكاتب من الماضي شخوصاً أخرى قد تبدو للقارئ أنها بلا اسمٍ –لولا أن الكاتب قد ذكر اسمها- تماماً كحال الكثير من أفراد هذا البلد القابعِ قيدَ الإنتظار .
يسود النصّ العديد من المفارقات الجدليّة كقول مسكور لنفسه وهو يقف عند حرس الحدود السوريّة : هناك من ينتظر دوماً في الأوطان ليسألك عن سبب عودتك وليس سبب غيابك الطويل , ليسألك عن أولئك خلف الحدود , وليس من حقّك أن تسأل عمّن هم داخل الحدود , وإلا قماذا تعني سايكس بيكو !!
كما يغزو النصّ أيضاً على نقيض , مُقَارباتٌ مثيرة أبرزها كانت مقاربة "مكسور" بين شاعر التشيلي "فيكتور جارا" الذي سِيق والآلافُ معه إلى الملعب الدوليّ – الذي سُمّي باسمه فيما بعد- حيث حُطّمت أضلاعه وأصابعه هناك , وبين ابنِ حماة "ابراهيم القاشوش" أحد أبرز أيقونات الثورة .
نوباتٌ من الحنين تغزو نصّ "مكسور" يوجعك فيها شوقه الفاضح في الغربة للحظات الماضي كما لو أنّه يعيشها ذاتها مرّة أخرى (قهوة الأمّ , رغيف تنّور الجدّة , إقتسام الفرشة الصغيرة مع الأخ في عتمة البرد , شاي الأقران , والبلدةُ الحبيبة رغم أزلام القبيلة) , وحين يعتمر الكاتب الألم يطفو على النصّ عبثيّة المشهد حين يقاطع "مكسور" سرده مراراً بنداءاتِ من يجاورونه المكان ( في المعتقل أو الملجأ ) ليبقَ على قيد الأمل .
"أيامٌ في بابا عمرو" ليست روايةً توثيقيّةً لتفاصيلَ حدثت مع صاحبها فحسب , بل هي حكايةُ الجرح السوريّ الذي لم يعد يخفى على أحد , الجرحُ المستمرّ لأكثرَ من عامين ولمّا يندملْ .
في الفصل الأخير من الرواية (الرحيل الأخير) يظهر واضحاً أن الكاتب لم يختم روايته بل تركها معلّقةً مفتوحةً كحال سوريا , ويبدو أوضح أن الكاتب لم يشأ أن يكتب روايةً نمطيّة ذات مقدّمة وعرضٍ وخاتمة , وهذا ما دعاه ربّما إلى الإعلان عن كتابته للجزء الثاني منها .
إطلاق الطبعة الأولى من رواية "أيام في بابا عمرو" كان في معرض الشارقة الدولي للكتاب في كانون الأول 2012 , وسيتم إطلاق الطبعة الثانية في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب في دورته الحالية في أرض المعارض يوم الخميس 25 / 4/ 2013 في الساعة 8:30 مساءً .
يذكر أنَّ عبد الله مكسور روائي سوري من مدينة حماة ، مجاز في الأداب والعلوم الإنسانية وحاصل على ماجستير مهني في الإعلام والعلاقات العامة من القاهرة .
صدر له رواية "شتات الروح" , ورواية "الطريق إلى غوانتنامو" , ورواية "أيام في بابا عمرو" عن دار فضاءات في الأردن ، وله قيد الطباعة رواية "زوربا العربي" , ويعمل حالياً على كتابة الجزء الثاني من رواية "أيام بابا عمرو" تحت اسمٍ مختلف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل