الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب العربي واتخاذ القرار الوطني

مسعود محمود حسن

2013 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


الشعب العربي واتخاذ القرار الوطني
لم تحسم الحوارات الثقافية على الساحة العربية موضوع كيفية مشاركة الشعب في اتخاذ القرار الوطني.وهناك أربعة توجهات بخصوص هذه المشاركة الشعبية:
التوجه الأوّل يرفض المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار, لأنها ضد مصالحهم, وغالبا ما ينحصر هؤلاء في ذوي السلطة ومن لف حولهم من مثقفيها ورجالاتها. وهذا التيار مُضمر ومخفي, ولا يُعلن رأيه إلا نادراً. لأنه رغم شبه انعدام المشاركة الشعبية في العالم العربي تدّعي كل الأنظمة العربية الحاكمة أنها أنظمة ديمقراطية!! ويقوم هذا التيار على تعزيز موقفه عبر أدوات كثيرة منها إشغال الرأي العام بأمور بعيدة عن السياسة والاقتصاد والسلطة والثقافة الحقيقية المجدية, ومن أكثر ما يُشغل به الرأي العام الرياضة والتسوق والاستهلاك والغناء والسينما والفن التشكيلي, وكلنا يعلم عدد الفضائيات الرياضية والغنائية والتسويقية والسينمائية. والحجة الشائعة التي يتقوى بها هذا التيار في عدم قبولهم المشاركة الشعبية هي "عدم أهلية الشعب".
التوجه الثاني يرى أنّ المشاركة الشعبية ينبغي أن تكون في إطار التشاور والإعلام فقط. والديمقراطية والعدالة عند هذا التيار تقتضي ألا تتخذ القرارات إلا بعد سماع رأي الناس فيها أو بعد إعلامهم بها. أمّا اتخاذ القرار فهي للنخبة الحكيمة والواعية والمتخصصة!!وحجة هذا التيار هي انّ الشعوب لا علم لها بأمور الدولة من سياسة واقتصاد وثقافة وعسكر, لذا من المخاطرة ترك القرار بأيديهم. وينسى هذا التيار أن أغلب الذين هم في مواقع السلطة المختلفة غير مختصون. حتى انه في أحد الدول العربية تمّ ذات مرة تعيين وزير إعلام مختص في مجال آخر بعيد تماماً عن الإعلام!!! ويقوم هؤلاء المسؤلون بتعيين مجموعة مستشارين ليساعدوهم على اتخاذ القرار. والسؤال البديهي هنا:لماذا لا يتم تعيين المستشارين والخبراء للناس العاديين أيضاً؟أليس هذا ممكناً ومعقولاً؟
وهذا التيار له صنفان, صنف يُشاور الشعب عن طريق البرلمان والصنف الآخر يُشاور الشعب عن طريق مجموعة مختصين.
التوجه الثالث وهو صاحب نظرية التمثيل الحزبي أو ما يُعرف بالحزب الحاكم. حيث يقوم الحزب الحاكم باتخاذ كلّ القرارات نيابة عن الشعب على أساس أن ذلك الحزب يمثل مصالح الجماهير. وعلى هذا فأنّ مشاركة الكل ليست ضرورية, وحجة هذا التيار أن الشعب بحاجة إلى من يقوده ويمسك بيده ويهديه إلى الصواب! وتتضمن هذه الحجة فرضية مفادها أن الشعب عاجز عن القيادة والإدارة والحكم واتخاذ القرارات, ولا يوضح هذا التيار أسباب ذلك العجز وما إذا كان عجزاً دائماً أو مؤقتاً؟
التوجه الرابع وهو التيار الأوسع في الساحة العربية لكنه الأضعف أيضاً. ويدعوا هذا التيار إلى مشاركة الشعب بجميع طبقاته وشرائحه وأطيافه في اتخاذ القرارات الوطنية, ويرفض هذا التيار بشدة عدم أهلية الشعب في اتخاذ القرار, ويرفض احتكار القرار لحزب واحد دون غيره, أو فئة دون غيرها, ويُشكك بالديمقراطية البرلمانية ويرى أنها شكلية وغير ذات جدوى. بل أنّ البعض منهم يرى أن البرلمانات العربية تتخذ الكثير من القرارات ضد ناخبيها. ويتقوى هذا التيار في دعم رأيه الخاص بمشاركة الشعب في اتخاذ القرار في ارتفاع نسبة التعليم في العالم العربي وانتشار الوعي وتقلص الأمية وزيادة نسبة المختصين في مختلف المجالات بين شرائح المجتمع, والتقدم في وسائل الاتصال التي تسمح للشعب بأن يُشارك في اتخاذ القرار وهو جالس في البيت عبر التصويت من خلال الانترنت أو عبر الهاتف أو الفاكس.
وإذا كان من دواعي الدراسة النظرية فصل التوجهات الأربعة لوصف كل واحدة على حدا, فمن الناحية العملية تندمج الاتجاهات فيما بينها وبالأخص الاتجاهات الثلاثة الأولى. فقد نجد في دولة عربية برلمان ومجلس شورى وحزب قائد وحكومة تكنوقراط في آن واحد. ألا أن التيار الوحيد المهمش هو الذي يدعوا إلى المشاركة الشعبية الواسعة والصادقة في اتخاذ القرار الوطني. ورغم اتساع نفوذه بين شريحة المثقفين والمتعلمين الجامعيين إلا أنّ جمهوره الشعبي نائم تحت تأثير الإعلام السلطوي والقضايا التي يتم استدراجه إليها ليغفل عن حقه في المشاركة باتخاذ القرار , مثل الترويج لبرامج غنائية كستار أكاديمي وسوبر ستار وبرامج الأزياء وقنوات الغناء ولأحداث الرياضية والدراما التركية وأفلام هوليود.

مسعود محمود حسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض