الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المسؤول عن ما يجري اليوم من احداث دامية ... ؟

حسين حامد

2013 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ليس جديدا أن نرى هذه الايام أحداثا دامية ، فمنذ عقود طويلة ، ظل العنف بين ابناء جلدتنا ، هو الوسيلة الاكثر تكرارا لحل مشاكلنا ، وان بقي الاضطهاد والتحدي وسفك دماء شعبنا في حياتنا ، أكثر بكثير من أيام الصفاء القليلة التي عاشها شعبنا وللاسف . فمنذ أن تفتحت عيوننا على هذه الصراعات السياسية المريرة بين ابناء شعبنا الواحد ، كانت الاحزاب والكتل السياسية هي الاعظم جورا والاقسى على شعبنا عند التعامل مع معاناته وتعقيد المشهد السياسي والانساني . فكواحدة من امتدادات سلسلة حلقات هذه الماسي ، نجد شعبنا اليوم يقف على شفا بركان يغلي مهددا بقذف حممه على الجميع دون استثناء، لتدمير ما تبقى من قليل من العزم لدى هذا الشعب الذي لم يعد يمتلك الاسباب الكافية مع ذاته حتى للمبادرة لدفع الاذى عن نفسه. وتحت وطأة هذه الظروف الشديدة الحساسية ، يكون احتمال ارتكاب أي خطأ جديد من تلك الاخطاء العشوائية التي طالما كلفت شعبنا دماءا غزيرة، ربما قد تفضي الى نتائج لا يحمد عقباها ، او تلك المنعطفات الشديدة القسوة والتي درج على تلقيها شعبنا من "الجهابذة" ممن فشلوا في التخطيط عمليا لحياته ومصيره وهاهو شعبنا نجده يتحمل النتائج وحده، بينما يمعن الاخرون في تجاهل واهمال حاجات حياته الاساسية .
فبعد صبر طويل وتحمل لكثير من المعانات من قبل شعبنا، جاءت مطالب المحتجين في محافظات الانبار والموصل وصلاح الدين وبما ينبغي على الحكومة من القيام بتحقيق تلك الحاجات الاساسية لحياتهم. ولكن ، الذي حصل، أنه وعلى الرغم من كل ما ورد في تلك المطالب من مشروعية ، فان التدخلات من قبل بعض اعضاء البرلمان البعثيين وتوجيه دفة التظاهرات عكس التيار، أفقدت شرعية تلك المطالب بعد ان شابتها أنواعا من عنف وتحدي السلطة وتبادل لاطلاق النار مع القوات العسكرية ، وهي لغة مرفوضة لا يرضاها شعبنا وهو الذي عانى من (لدغات) جحره ولمرات عديدة. فالكثير من تلك المطالب كانت قانونية ومشروعة، لولا تدخل البعض ممن لهم مواقع في البرلمان والحكومة ، بعد ان فشلوا في التخطيط لاسقاط الحكومة ، ولكنهم نجحوا في عدم تمرير الكثير من القوانين والتشريعات في البرلمان من اجل حقوق شعبنا، وها هم اليوم يقومون بتحريض المتظاهرين على اهمال السلطة لمطالب هؤلاء المحتجين ، بل ويقومون بدفع المتظاهرين للمطالبة بما لا يقل عن الغاء المادة 4 ارهاب واسقاط الحكومة المنتخبة.

فالمشكلة القائمة الان ، هي ان التعدي على مشروعية تلك المطالب من خلال لغة التحديات والتجاوزات واطلاق النار ، تلغي شرعية التظاهرات السلمية التي كفلها الدستور ، وتصبح خاضعة لطائلة التعدي على سلطة الدستور والقضاء في حفظ حياة شعبنا . وحينما تحاول القوات العسكرية القيام بواجباتها ، تجد امامها من بين المتظاهرين ، من اسند له دور لتأزيم الموقف من خلال تحدي هذه القوات ، واللجوء لاستخدام القوة ضدها ، الامر الذي تضطر معه القوة العسكرية المعنية بالدفاع عن نفسها ، وبذلك يتم خلق مواجهة ، وأزمة اكبر من سابقتها. في الوقت نفسه ، لا تزال ، ولسوء الحظ، مواجهات كهذه ، يسود فيها الاصرار والتعنت والتهديدات وحتى اللجوء الى اطلاق النار المتبادل بين المتظاهرين والقوات العسكرية ، بسبب ان التفاهمات وصلت الى طريق مسدود . وهذا الطريق المسدود جاء نتيجة الى أن "المخططين" لهذه التظاهرات من اعضاء البرلمان البعثيين ، يرغبون في تصعيد المواجهات من اجل ان يتم اتهام الحكومة بالتعدي وقتل المتظاهرين وعدم منحهم حقوقهم ، بينما في حقيقة الامر، أن قيادة التظاهرات من بعثيي اعضاء البرلمان ، لا يرضون باقل من اسقاط الحكومة المنتخبة ، فكيف يمكن ان يتم التفاهم حول قرار مسبق لاسقاط شرعية حكومة منتخبة!!.
لقد اثبتت معطيات المرحلة الجديدة بعد 2003 ، وبما لا يقيل الشك، ان أعدادا كبيرة من البعثيين ، لا يزالوا مستمرين في انتمائاتها للبعث. وقد اتضح ذلك من خلال المؤامرة التي كانوا يعدون اليها لقلب نظام الحكم القائم قبل حوالي السنتين ، وغير عابئين بمصير شعبنا. ألامر الذي اضطرت معه السلطة للدفاع عن شعبنا وحمايته من خلال القيام بحملة واسعة من الاعتقالات بين صفوفهم في البصرة وذي قار والنجف وبغداد والمناطق الغربية . وعلى الرغم من سقوط النظام البعثي ، فأن ما نراه اليوم من خلال هذه الاحداث الدامية ، انما هي محاولات مستمرة للتحالف البعثي – القاعدي من اجل تأجيج الصراعات بين ابناء شعبنا كلما اقتربت احتمالات ايجاد حلول من اجل الاساءة الى سمعة الحكومة وايجاد ثغرات لزحزحت الثقة لدى شعبنا و تيئيسه من جدوى حكومة لا تهتم بمطالب شعبها ، ثم التمهيد لعودة البعثيين للحكم . كما وان الاضطرابات شيئ يطمح لاثارته البعثيون الذين دأبوا على العنف .

فخلال الاربعين عاما المنصرمة، أثبت النظام البعثي قدرة قصوى على تجسيد الشر السياسي - الاجتماعي بأحط وأخبث وأقذر وسائله . فقد اثبتت تجربة الحكم البعثي ومن خلال نتائج سياسته الخارجية، ان ما يتشدق به حول اعتناقه للقضية القومية أنها لا تعني بالنسبة له ، سوى حروبا مع جيران العراق وغزوات ضد الدول العربية الشقيقة. اضافة الى ما كان النظام يضخه من اعلام مضلل من خلال الشعارات والمزايدات على القضية الفلسطينية ، ومن ثم الاعتماد على بعض العناصر الفلسطينية في تدمير ولجم واضطهاد اكبر الطوائف المسلمة في المجتمع العراقي ، وخصوصا خلال الانتفاضة الشعبانية البطولية. فكانت سمات سلوك النظام البعثي في حكمه من خلال تطبيقات فكره الفاشي عمليا، قائمة على التمييز العرقي والطائفي والعنصري والاختزال، ولا يزال ذلك الفكر يمثل بامتياز محور ذلك الشر .

كما وأن اصرار البعثيين في تأجيج هذا الصراع الدائر اليوم ، وما يتخلله من احداث مأساوية في اطلاق النار على القوات العسكرية، كانت هناك عواملا ايجابية ساعدت وتساعد البعثيين والارهابيين في البرلمان على استمرار التحدي نتيجة ادراكهم ان الدعم الذي يقدمونه للارهاب لا يزال له نتائج مؤثرة في اخلال الامن واضعاف الحكومة وزحزحت الثقة لدى شعبنا ، من بينها مثلا:
1- أن غالبية المنتمون الى القوات المسلحة هم من البعثيين، والذين كان انتمائهم للاجهزة الامنية يشكل احد اهم مصادر التهديد لشعبنا في مهام اختراق تلك القوات الامنية والعبث بالامن من خلال حصول التفجيرات وبسهول كبيرة ادت الى عجز الحكومة من كشف مصادر تلك الاختراقات الى الان .

2- أن البعثيين بحكم انتمائهم للبعث فهم منحازون ومتعاطفون ضد الحكومة. وهذا بطبيعة الحال ربما يفسر لنا أحيانا مسارعة البعض من افراد القوات المسلحة الى عدم القيام بالمقاومة المطلوبة ضد العدو ، وتكون احيانا النتائج هو الاستسلام اوالتظاهر بعدم القدرة على مواجهة العدو ، مما يمنح الاعداء من البعثيين او ارهابي القاعدة فرصة للنصر الاعلامي ورفع معنوياتهم .

3- أن الافراد من غير البعثيين في القوات المسلحة ، وعلى الرغم من شجاعتهم كعراقيين وما يتلقونه من التدريبات الجيدة ، فهم لا يزالوا يفتقرون الى الخبرات والمهارات العسكرية في المواجهات والاشتباك مع العدو، والامثلة كثيرة سواء في المواجهات مع حالات الشغب في السجون او عند تعرضهم لهجوم المباغت في مقراتهم . وعلى عكس البعثيين الذين لهم خبرات طويلة نتيجة اشتراكهم في الحرب ضد ايران ، أو تلقيهم التدريبات في الجيش الشعبي للنظام البعثي أو في المعسكرات الارهابية ، وهم يستغلون تلك الخبرات في قتل شعبنا .

4- أن كثرة وتكرار المهام العسكرية والواجبات الكثيرة والقلق المستمر من جراء التفجيرات والمفخخات المباغتة ، تصبح عوامل مهمة في زيادة التوترات العقلية والنفسية والجسدية للعسكري، الامر الذي تصبح فيه المواجهات مع الاعداء مشوبة بنقص في التعبئة النفسية والثقة بالنفس والجرأة المطلوبة والتي هي الاساس في كل اشتباك .

5- أن تعدد مصادر التأجيج الطائفي وباغراضه المتنوعة اعلاميا من قبل الساسة البعثيين والحاقدين على النظام ، وخصوصا ممن نجدهم يتباكون على الديمقراطية ودماء شعبنا ، لكنهم في حقيقتهم لا يمتلكون ايمان بالوطن ولا بشعبنا، وعلى رأسهم السيد رئيس البرلمان والقائمة العراقية ممن يستغلون تلك الازمات استغلالا بشعا ، فنجدهم يسارعون الى اللقاء بمندوب الامم المتحدة "كوبلر" لتعبأته وشحنه ضد الحكومة ، وهذه فرصا طيبة لهؤلاء في دعمهم الارهاب واستمراره والتحشيد ضد الحكومة، و زيادة تفاقم النزاعات بدلا من المبادرات للتهدئة واطفاء الحرائق لا صب الزيت عليها.

6- باعتقادنا ان حكومة المالكي مقصرة وتلام على عدم المبادرة من تحقيق مطالب شعبنا العراقي باجمعه . ففي الوقت الذي لا يزال فيه عراقنا يشوبه الكثير من الغموض والاضطراب وعدم المهنية والفساد والمحسوبية وضحالة العقل السياسي لكثيرين ممن هم في مواقع السلطة وفي الكثير من المؤسسات الامنية والتربوية المهمة ، نجد ان الحكومة ملزمة بالقيام ببعض الخطوات الاساسية في تحقيق بعض مطالب شعبنا ، على الاقل من اجل امتصاص النقمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تضرب إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟ • فرانس 24


.. إدانات دولية للهجوم الإيراني على إسرائيل ودعوات لضبط النفس




.. -إسرائيل تُحضر ردها والمنطقة تحبس أنفاسها- • فرانس 24 / FRAN


.. النيويورك تايمز: زمن الاعتقاد السائد في إسرائيل أن إيران لن




.. تجدد القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة