الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم.. نجح البعث

حسين رشيد

2013 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


نعم.. نجح البعث

حسين رشيد

1
ها هو عقد من سنين التغيير النيساني انقضى، وانتهت معه حقبة الحكم الدكتاتوري البعثي القمعي، لتنفتح أبواب الحرية والديمقراطية والبناء والإعمار والانتقال إلى مصاف دول أكثر تقدما ورخاء مثلما كنا نتصور ونأمل. عقد من سنين التغيير السياسي والمواطن لم يتلمس من القيادة الجديدة شيئا سوى الخلافات والمسجالات والإشكالات، وملفات السرقة، والفساد الإداري والمالي، والتزوير والاغتيالات والتصفيات الجسدية والإدارية والفكرية والتهديد بالكشف عن ملفات فساد وإرهاب. . الخ من أمور باتت الزاد اليومي لنا.
عشر سنين وملف الخدمات لا تقدم فيه، الكهرباء معطلة، الماء الصافي غير متوفر، الشوارع محفرة ومغلقة لأسباب عدة، الأرصفة مزدهرة بالتبديل نصف السنوي أو الفصلي. الاقتصاد في طريقه إلى الانهيار والعملة ما زالت تترنح بضربات الدولار الذي يسرق شرعيا ويهرب شرعيا. الصناعات الوطنية متوقفة وشبه ميتة والسوق مشرعة الأبواب للصناعات التركية والإيرانية والسعودية أو الأردنية السورية، إلخ من دول جوار وأخرى إقليمية. أما الأمن فكذبة استتبابه باتت مكشوفة، والدليل أن الإرهاب يصول ويجول في بغداد خاصة والعراق عامة، مع نوبة تفجيرات جماعية، وطريق محمد "الكاتم" كل يوم ينحر مواطن عليه بكاتم صوت يجول ويصول ويقتل قرب سيطرات الأمن. هذا غيض من فيض، جرى ويجري بعد عقد من التغيير السياسي. لكن الشيء المهم والأهم في الموضوع، أنه بعد عشر سنين لم نجد أحداً من أزلام البعث أو من قيادته يبادر بالاعتذار ولو بشكل فردي عن الجرائم التي اقترفوها بحق البلد وأبنائه. وآخره تسليم البلد إلى من جاء بهم بقطاره المشؤوم.
2
بعد عقد من التغيير ظن الجميع أن البعث بعد 9 نيسان 2003 انتهى وتلاشى ، لكن الحال يبدو غير ذلك، فبعد حين أخذ أيتامه بالتدرج والظهور عبر لبس الثوب الديني الطائفي المذهبي، وانتموا إلى أحزاب السلطة من جديد، وتسلقوا سلم العودة إلى الدوائر الحكومية، وخاصة الأمنية منها، وتسلموا مناصب كبيرة ومهمة، وفق انتمائهم الطائفي هذه المرة، ونجحوا كل النجاح بإعادة الكثير من أتباعهم من الضباط الآخرين إلى صفوف الأجهزة، الذين نجحوا بدورهم في إعادة روح البعث إلى المؤسسة العسكرية، ومن قبلها المؤسسة الإدارية، مع إضافة مقبلات العهد الجديد، وبهارات الأحزاب الحاكمة، التي استفادت لا بل اعتمدت على نهج البعث في الحكم، وكيفية إدارة دفة السلطة.
الطرف الآخر المتمثل بالمواطن، انقسم أو انشطر إلى أجزاء، تارة يعارض، وأخرى يحن، وثالثة يهادن، ومرة ينقم على العهد الجديد وهكذا ،حتى بات لا يعرف ماذا يريد، وإلى أي إشارة بوصلية يحدد اتجاهه، ليكون بالتالي صيدا سهلا للرضوخ والسكوت والقبول بالواقع المأساوي الذي يعيشه، من غير أن يعلن رفضه له، تحت ضغط مختلف الحجج والتبريرات التي يدخل أغلبها في باب الطائفية والمذهبية والمناطقية، وبات رهين الإشارة من قبل قيادته الدينية المذهبية الطائفية أو العشائرية.
3
الطرف الثالث بالموضوع ،الإعلام وصوت القوى المعارضة الحقيقية للبعث ولمشروعه الدموي، هذه القوى المتمثلة في الأساس بالقوى اليسارية والتقدمية والديمقراطية والمدنية، أثرت فيها الأحداث والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها رغم كل ما وقع عليها من حيف وظلم، ظلت تطلق كلمة الحق وصوت الحق الوطني، غير أن الأصوات النشاز الأخرى علت لأسباب عدة ،أهمها أن هذه الأصوات تتطابق مع صوت المحتل في إبعاد هذه القوى ومنع وصولها إلى السلطة أو المشاركة فيها بأي شكل من الأشكال، كونه يبحث عمن ينفذ إرادته ومصالحه ، وهذا ما لا يتوفر في هذه القوى.
أما الإعلام فهو الآخر دخل في مزايدات سياسية ومالية، بعد عشر سنين لم نجد من وسائل الإعلام التي بلغ عددها المئات ،المقروء منها والمسموع والمرئي، من يقف في وجه البعث وعودته، تديرها القوى آنفة الذكر، وبعض الوسائل الأخرى المعارضة لعودة البعث، والتابعة لجهات تعارض عودة البعث من باب معارضة الجهة التي تريد أو تعمل على إعادة البعث بشكل أو بآخر. ناهيك عن منظومة الإعلام البعثي التي عملت بجد طوال السنين الماضية، فضلا عن شراء ذمم العديد من الوسائل الإعلامية الأخرى، وتحويل خطابها من باب إذا لم توافق على إعادة البعث فلا ترفض ذلك.
بعد أربعة عقود دموية، حكم فيها البعث البلاد والعباد. وبعد عقد من سقوطه، وكشف كل جرائمه وأفعاله البشعة، نجح البعث بالعودة تدريجيا إلى سائر مفاصل الحياة العراقية، نجح في دخول العملية السياسية، ونجح في تسلم زمام العديد من مراكز الملف الأمني في كل الاتجاهات، مثلما نجح في العودة إلى دوائر الدولة وتسلم مراكز ومناصب حساسة في شتى المجالات، نعم نجح البعث من جديد عن طريق إحياء تحالف قديم، وتحت ذات الرعاية وذات التعليمات الأمريكية. ولم يتبق سوى الوسط الثقافي الذي لم يدخله البعث، وهنا أعني اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، لا وزارة الثقافة، رغم تسرب بعض أدباء الثقافة البعثية إلى الإدارة، ومحاولة البعض الآخر الوصول أيضا عبر الانتخابات المقبلة التي من المقرر إجراؤها في نهاية الشهر المقبل، لذا لابد من التيقظ لهذا الأمر ومنع تبعيث الثقافة العراقية ، وهذه المرة على أساس ديني طائفي، بعد أن كانت وحدوية عروبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة