الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قتل المرتد و المجلس العلمي المغربي

حميد المصباحي

2013 / 4 / 25
حقوق الانسان


عرف المغرب تاريخيا بتسامح سلفيته,التي متحت من القيم الدينية الإسلامية,و تجنبت التطرف في المواقف و السلوكات و التجمعات الأسرية العائلية,و كل أشكال التعبير عن الحزن و الفرح,بحيث تجد الفقهاء في المغرب حاضرين في المآثم و كذلك الأعراس الراقصة,و لم يجرؤ منهم أحد على رفع راية التحريم أو التنكيل اللفظي بالناس,و كانت هذه التجربة مفخرة للمغاربة جميعا,و رسخت قيم احترام المتدينين و حتى غير المتدينين,فلم يكفر حتى شارب الخمر,بل دعي له بالهداية,حتى التوبة لم تستحض باعتبار الناس جميعا مسلمين,إلى أن عنت أفكار دخيلة على المغاربة,لفحت وجوههم بالتعصب الديني,و التطرف السلوكي حتى في العبادات,فنشبت المواجهات و محاولات الوصاية على المتدينين لجرهم إلى صيغ الرفض و المغالاة,فعلا و فكرا,وقد كانت المؤسسات الدينية المغربية,تبتغي النصح,و التوضيح بلغة الفقيه غير المتجهم أو المتحامل,و البعيدعن تلك الإنفعالات المغرضة,الحاتو على التعصب,و التي يعتبرها أصحابها شكل من أشكال التعبير عن الغضب دفاعا عن الإسلام,لكنهم نسوا أنها تقدم نموذجا فجا عن المسلم في نظر الصغار الذين يصاحبون آباءهم إلى المساجد و دور العبادات,فما هي أسباب هذه المستجدات و كيف كانت سلوكات الوعظ سابقا في المغرب؟
و لماذا هذا التحول في مؤسسة الإفتاء الوطني المغربي؟
1الإسلام المغربي
التدين في المغرب,بدأ تاريخيا منذ زمن بعيد,بل إن المغاربة فكروا في البدايات بأشكال تجعل الإسلام مستأنسا و غير غريب عن عاداتهم و فنونهم,و وجدوا فيه سموا متعاليا كما فهموه عن الأشكال التحريمية و العقابية,فلم يحدث أن جلد المغاربة سكيرا,أو زانيا في الشوارع العامة,و لم يقبلوا رفض التعامل مع اليهود أو غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى,فتشكلت الذهنية المغربية بعيدا عن كل أشكال التعصب العرقي أو الديني,لدرجة حدوث ثرات يحتفي بالتنوع,و يجعل منه مناسبات للضحك و السخرية,دون أن يقلق السامرون أو يراكموا الأحقاد عن بعضهم,فالمسكيني له آليات ساخرة من الدكالي,و العبدي يتغنى بقدرته على إفحام الدكالي,و الوجدي يخاصم البركاني,و كذلك أمر الجبلي و الريفي,مما ولد متعة للحكي و الإنصات رغم ما يعتريها أحيانا من مبالغات,هكذا كان الإسلام تدينا خاصا للمغاربة,يصفه البعض بالإسلام الشعبي,إسلام البساطة الخالي من كل مظاهر العنف و التحامل على الغير,حتى إن كان من خارج الملة,أو غير عابئ بقيمها.
2بداية التطرف
منذ ظهور ما سمي بالجهاد الأفغاني,غزت الكثير من الكتب الحاثة على الجهاد المغرب,و عمل الدعاة الذين تحول بعضهم إلى الإسلام السياسي من خلال الإنتماء إلى الجماعات الدينية التي صارت تبحث لنفسها عن موطئ قدم في المشهد السياسي المغربي,و دخلت في صراعات ضد الزوايا و كل أشكال التدين البسيط و حتى الصوفي,فبدأ الشباب المغربي يغرف من التصورات الوهابية,و غضت سلطات المغرب الطرف عن هذه الكتب و التجمعات,محاولة خنق الفكر الإشتراكي الذي صور لها كأنه فكر إلحادي,عليها التحالف مع الحركات الدينية لإضعافه و الإجهاز عليه قبل أن تقوى شوكته,و قد كانت المجالس العلمية مواكبة لهذه الصراعات,لكنها لا تخوض الصراع بالإفتاء,بل تكتفي بتحريك المنابر ,يوم الجمعة,و من خلال الجلسات التي كانت تتحكم فيها الداخلية,.
3سياقات قتل المرتد
في خضم هذه التحولات,و رغم المجهودات التي بدلتها وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية في تحديث فكر الدعاة,بدعمهم من خلال تكوينهم الذي انفتح على بعض القيم الكونية و اللغات الحية و كذا بعض محاور علم اللغة كاللسانيات,ليدرك الدعاة حاجتهم للإلمام بلغة العصر و علومه,لكن قياسات المجلس العلمي للحديث عن المرتد كانت مخلصة بحرفية للنص و بدون أي مجهود لمواءمة الحكم مع القيم الإنسانية الرافضة أصلا للإعدام حتى عندما يكون يكون حكما قضائيا,و في مثل هذه الحالة,يفضل أن يعمد المجلس العلمي على الأقل إلى ما يشبه التحفظ,حفاظا على التراث المغربي في صيغة الإسلام التسامحي المغربي,فكيف يمكن للمغرب القبول بقتل المرتد كإجابة مباشرة على حملات التبشير المسيحي التي يعرف الكل حيويتها,و انتشارها في كل الدول العربية و الإسلامية,و التي لم تتجرأ على إعلان هذا الموقف مباشرة,و هنا تحدث المفارقات,فمن جهة يتبنى المغرب فكرة حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا,و من جهة أخرى يخرج المجلس العلمي بفكرة قتل المرتد,و كأنه لا يدرك أن الإعتقاد حق للإنسان,و لا وصاية لأي مجلس عليه,فالدين الإسلامي لا يقبل بأي شكل وصائي,كما فتاويه ليست إلا التزامات شخصية في كل القيم الإنسانية الحقوقية التي وافق عليها المغرب.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللاجئون السوريون في إقليم كردستان يتمسكون بحلم العودة إلى م


.. Ctجولة مفاوضات جديدة تنطلق في مسقط بين الحكومة اليمنية والح




.. إطلاق نار مكثف صوب خيام النازحين بالمواصي


.. شهادات صادمة من سجن سدي تيمان عن عمليات تنكيل وحرمان وتعذيب




.. دوجاريك: القيود المفروضة على الوصول لا تزال تعرقل عمليات الإ