الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا نحو التفرغ للمشروع الوطني

فيصل يوسف

2005 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تناقلت وكالات الأنباء العالمية مؤخرا خبر المصافحة التي جرت بين السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية ، ورئيس الدولة الإسرائيلية موشي كاتساف أثناء مراسيم تشييع جنازة الحبر الأعظم قداسة البابا يوحنا بولص الثاني في روما, ... انه وعلى رغم أهمية هذه الخطوة الشجاعة والتاريخية في الاتجاه الصحيح, ونحو بلورة مشروع وطني سوري, ينطلق من المصلحة الوطنية السورية ، إلاانها لم تحظ بالاهتمام الكامل من قبل وسائل الإعلام والرأي العام العالمي, كحدث ايجابي ومهم من اجل السلم والاستقرار في المنطقة والعالم ,و مستقبل الشعب السوري لأسباب منها ما هو مرتبط بالحدث الجلل الذي تمت المصافحة تحت خيمته ، ومنها ما هو مرتبط بالظروف الدولية والإقليمية والضغوط الدولية على سورية ، وبشكل خاص بعد صدور القرار 1559 وتداعياته ...
قد يختلف المواطنون السوريون حول تقويم المصافحة التاريخية بين رئيسهم والرئيس الإسرائيلي, نظراً لحساسية العلاقة مع إسرائيل والصلح معها ، وتاليا إجراءات التطبيع بعد إعادة الأراضي السورية المحتلة من قبلها منذ عام 1967 ، إلا إنهم يتفقون حول ضرورة إخراج سوريا من معاناتها الاقتصادية, والسياسية, والثقافية والاجتماعية . فالمطلوب إجراء إصلاحات جذرية وغير مسبوقة في كل المجالات تتجاوز بعض الإجراءات التي تمت حتى الآن بشكل خجول ,بعضها يمس الشكل دون المضمون, أو الجزء دون كله ، أو معالجة النتائج دون التصدي للأسباب الحقيقة, والأخذ في الاعتبار أولاً وأخيراً الاستحقاقات الداخلية, والتي لابد من إعطاء الأهمية القصوى لها ، لأنها تشكل ومن وجهة نظرنا صمام أمان في مواجهة الأخطار المحدقة !
لقد شكل الصراع العربي الإسرائيلي وسوريا في الجوهر منها ومنذ تأسيس الدولة العبرية من أهم العوامل المؤثرة والمعمولة بها في بناء السياسات الداخلية السورية, وذلك وفق المنطلقات النظرية لحزب البعث العربي الاشتراكي, والذي يقضي بزج كل الطاقات القطرية من أجل المشروع القومي العربي الاشمل وان من أسوأ تداعيات هذا الصراع –سوريا-إيجاد غطاء لجملة ممارسات خاطئة :الأحكام العرفية – الطوارىء عقلية المؤامرة...الخ ، بسبب الحرب المعلنة على الدولة العبرية لاستعادة الحقوق العربية المسلوبة على ارض فلسطين – واتخذت منها فيما بعد ذريعة لإبقاء الكثير من القضايا غير المحلولة لاحقاً على ماهي – وتم نشر ثقافة قومية شمولية ملزمة للدولة والمواطنين على حد سواء, من خلال تثبيتها في الدستور والعمل بها في التربية والتعليم مما انعكست سلبا على كل مناحي الحياة وكان من نتاجها الاستبداد والأعداد الهائلة من العاطلين عن العمل ,والأوضاع الاقتصادية المزرية, ومصادرة الحريات السياسية, وإلغاء دور المجتمع المدني تماما ,كل ذلك تحت يافطة موجبات إزالة الكيان الإسرائيلي من الوجود او- رميه في البحر –كما في الخطاب القوموي الحماسي الجنيني, واعتباره رأس الحربة في مواجهة المشروع والطموح القومي العربي حسب نظرية حزب البعث العربي الاشتراكي .
وما يمكن التأكيد عليه في ظل الظروف العالمية والعربية الراهنة, حيث يدير الفلسطينيون –وعلى أنظار العالم- المفاوضات مع إسرائيل, حسب مصلحتهم الوطنية دون التنسيق مع سوريا, او أي مسارات تفاوضية أخرى, ودون توافر مشروع قومي عربي نهضوي متفق عليه, بكافة مكوناته الاقتصادية والسياسية والثقافية ، وتبني كل دولة عربية سياساتها, وأوضاعها الداخلية والإقليمية والعالمية, وحتى العلاقة مع الدولة العبرية على ضوء مصالحها القطرية, دون أي اعتبار آخر, فإن سوريا هي أيضاً مدعوة اليوم, وفي أكثر من أي وقت مضى, للعمل على بلورة مشروع وطني جديد مترفع عن مساوىء الماضي والعقلية العفلقيةومعجمها الخاص, في (الوطنية) للنهوض بالوضع السوري في كل النواحي ، وهذا يستدعي بالضرورة الإقدام وعلى عجل لإنجاز ,هذا النمط من الإصلاح في البلاد .
بدت مؤشرات المشروع الوطني السوري من قبل الرئيس بشار الأسد, حتى قبل تسلمه للحكم عندما أكد عدم إمكان الوصول إلى الرقم 23- وهو يشير إلى عدد الأقطار العربية_ إن لم يتم البدء من الرقم /1/ أي سوريا , وقد كان واضحاً في خطاب القسم الذي ركز على ترتيب وإصلاح البيت الداخلي السوري, وهو ما لم يتم حيث أن سير الأحداث ولأسباب عديدة, جعلت دفة السياسة تأخذ منحى آخر بعد وفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد, وخروج القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان, وفشل المفاوضات الإسرائيلية – السورية وأحداث الحادي عشر من أيلول في نيويورك والوضع الجديد في العراق .
اجل ,الآن, وبعد تأكيد الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير أمام مجلس الشعب السوري أهمية إعطاء الأولوية للوضع الداخلي, والبدء بالتحضير للمؤتمر القطري لحزب البعث،(والذي سيحدث فيه القفزة النوعية الكبيرة في المجال الداخلي) فإن مصافحة الرئيس بشار الأسد للرئيس الإسرائيلي يشكل مقدمة مهمة, وحاسمة, لانتفاء أكثر الأسباب التي أدت لتخلف الأوضاع في سوريا, وانهماكها في غرة الصراع العربي الإسرائيلي وتداعياته الإقليمية والدولية ، بعد ما تخلت كل الأقطار العربية عنها والبدء في مصالحة مع الدولة الإسرائيلية, وبما يستوجب على دول القرار العالمي, وفي المقدمة منها الولايات المتحدةالامريكية, دعم هذه العملية لما فيها من مصلحة السلام والاستقرار في المنطقة, والعالم .
إن على المعنيين في سوريا, الأخذ بالاعتبار مصالح شعبهم في هذه المرحلة المهمة, والدقيقة من عمر المنطقة, والعالم والتفرغ الكامل للداخل السوري, من خلال نشر ثقافة تقدس الوطن والمواطن, وتحترم حقوق الإنسان وتشعر المواطن بوجوب نبذ الكراهية والأحقاد, وبناء أفضل علاقات مع الدول المجاورة, عربية كانت أم غير عربية، ومعالجة كافة الآثار السلبية التي ترتبت على الدولة والمواطن من جراء حالة الحرب بين سوريا وإسرائيل , و إلغاء الأحكام العرفية المعمول بها منذ عشرات السنين, وحصر الالتزام بالثقافة الإيديولوجية لحزب البعث ،( حتى وأن تم التعديل في منطلقاته النظرية وهيكلياته التنظيمية) بالمنضوين في أطره فقط ، فالأجدى سورياً مشروع وطني يشترك فيه كل المواطنين ,من خلال إشاعة الحياة الديمقراطية في البلاد, وتبييض السجون ,واحترام حقوق الإنسان ، والاعتراف بالأكراد والأقليات القومية كجزء من المجتمع السوري ، وان أي سبيل آخر هو مضيعة, للوقت والجهد وان لامناص من التفرغ الكامل, للبدء وعلى عجل, وبعيدا عن التردد والشعاراتية للمشروع الإصلاحي الوطني, بالأفعال وليس بالأقوال وبكافة مستلزماته السياسية, والثقافية ,والاجتماعية, والاقتصادية ...ومن دون شك, فان المصافحة التي تمت بين الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد والإسرائيلي وموشي كاتساف شكل خطوة مهمة وصحيحة وشجاعة في هذه الاتجاه حقا ويجب حشد الدعم الدولي والشعبي لها, ضمانا لعدم إجهاضها شارونيا بل ومن قبل بعض غلاة المتطرفين القوميين لأننا نحن الآن في زمن نجرب فيه طريق السلام,.. ونتقدم فيه بمبادرات سلام, تحفظ لنا حقوقنا, وكرامتنا وتضمن استعادة أرضنا المغتصبة, وكفى المؤمنين شر القتال, لنعمل من اجل نهضة سورية يحظى فيها المواطن السوري بكافة أسباب السعادة والحياة , وهو يستحقها بجدارة, بعد طول عناء وتضحيات جمة ,بذلها من اجل أشقاءه الآخرين ومن حق السوريين على هؤلاء أن يردوا إليهم في المقابل بتقديم الدعم والعون اللازمين ليستردوا عافيتهم, وليساهموا مرة أخرى وعلى أرضية الرخاء و الإخاء ما يجب عليهم فعله وتقديمه ولكن بطريقة أخرى تتكفل امن وواقع المستقبل السوري بعد رحلة طويلة من المتاعب والمشقات كان من نتائجها بقاء سوريا بمفردها في المواجهة وتخلي أصحاب الشأن الفلسطيني عن العقلية التي استمرت منذ عام 1948 وعلى عقود متتالية دون أن نفلح في تحقيق ماكنا نصبو إليه........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحت غطاءِ نيرانٍ كثيفةٍ من الجو والبر الجيش الإسرائيلي يدخل


.. عبد اللهيان: إيران عازمة على تعميق التفاهم بين دول المنطقة




.. ما الذي يُخطط له حسن نصر الله؟ ولماذا لم يعد الورقة الرابحة


.. تشكيل حكومي جديد في الكويت يعقب حل مجلس الأمة وتعليق عدد من




.. النجمان فابريغاس وهنري يقودان فريق كومو الإيطالي للصعود إلى