الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتاتورية التمثال !!

حمزة الشمخي

2005 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


قبل التاسع من نيسان عام 2003 ، ما كان أحد منا يربط العلاقة ما بين إستمرار النظام الدموي في بغداد، وتمثال صدام المنتصب في ساحة الفردوس في العاصمة العراقية بغداد ، والذي شكل بتحطمه من قبل الجماهير ، اللحظة العظيمة، للإعلان عن البيان الأول للشعب العراقي بسقوط الدكتاتورية، وهروب أزلامها وفي مقدمتهم الجلاد صدام .
أن هذا النظام الذي إحتمى طيلة سنوات حكمه الأسود بجيوشه المختلفة، وأجهزته الأمنية الخاصة وصواريخه ومخبريه من الأنذال المنتشرين في كل أنحاء العراق ، والذي يبدو للعالم بأنه أقوى نظام في المنطقة، من حيث القوة العسكرية والإمكانيات الإقتصادية ، إضافة الى التأييد الشعبي المصطنع .
هذا النظام الذي تهاوى بسرعة كبيرة نتيجة العزلة الداخلية، والعداء المتصاعد له من قبل الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب العراقي ، إضافة الى المقاطعة الدولية المتنامية نتيجة أعماله العدوانية المجرمة , حيث ترك وحده لمواجهة مصيره المحتوم والمتوقع دائما .
أن هذا النظام الذي حكم العراق بالنار والحديد، وإستمد قوته الشكلية والظاهرية، من خلال تماثيله وصوره المنتشرة في كل مكان من العراق ، والتي كانت تفرض على الجميع دون إستثناء، حتى في بيوت المواطنين ، هذه الصور والتماثيل التي مزقت وإحرقت وحطمت في الساعات الأولى لإنهيار دكتاتورية التمثال في التاسع من نيسان عام 2003 ، ولم يبق منها شئ يذكر سوى العار والخزي لصاحبها .
أن الأنظمة الدكتاتورية في كل العالم، ومنها نظام صدام ، تعتمد عادة على التطبيل الإعلامي والأناشيد المزيفة ودمى التماثيل ومهازل الصور والخطابات الفارغة، والتي تعتبرها مصدرا لقوتها، بدلا من شعوبها التي ترتعب منها دائما، لأنها تنشد الحرية والحياة الكريمة والمستقبل الأفضل لها ولأجيالها، وأن هذه الأنظمة لا تريد أن ترى أحدا غير تماثيلها وصورها الكريهة ، والتي فاق عددها في العراق أكثر من نفوس العراق نفسه .
أن دكتاتورية التمثال التي حكمت العراق، وإشترت المرتزقة في كل مكان من العالم، والذي كان دعمهم وتأييدهم لصدام أكثر بكثير من الأصوات المؤيدة له في داخل الوطن ، لأن العراقيين أدرى بوضعهم الصعب، من هؤلاء المرتزقة والذي كان صدام يسمعهم بكل إهتمام لأنهم صوت التمثال في الخارج .
أراد صدام وتمنى أن يكون شعب العراق من تماثيل وصور، لكي يتحكم بهم مثلما يريد ، وإلا ما معنى أن يفتتح صدام بنفسه، معرضا لصوره الخاصة وبأوضاع مختلفة ، مصحوبا بالأغاني والأهازيج والتصفيق ، حيث ظهر على وجه الدكتاتور كل الإرتياح والسرور وهو ينتقل من صورة الى إخرى .
أن هذا التمثال وعصابته من التماثيل الصغيرة، قتلوا الناس ودمروا البلد وشنوا الحروب، ولا تزال تركتهم الإجرامية ثقيلة جدا ، ولا يمكن إزالت آثارها بسهولة .
أن تجربة حكم التماثيل في العراق ، أصبحت درسا مفيدا للعراقيين جميعا، ولبعض شعوب المنطقة ، التي لاتزال تتحكم بهم أنظمة التماثيل الإستبدادية ، والتي سوف تتهاوى وتتحطم بسرعة مثلما تحطمت دكتاتورية التمثال في العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذوبان تمثال شمعي لأبراهام لينكولن بسبب الحرارة الشديدة


.. ميقاتي: المدخل لعودة الهدوء إلى الجنوب يتمثل في وقف العدوان




.. إدارة جامعة أكسفورد البريطانية تسيّج محيط مخيم التضامن مع غز


.. فلسطينية تودع زوجها الذي استشهد في قصف إسرائيلي على غزة




.. أخصائي جراحة الأسنان خيام مقداد: تجديد الأسنان المفقودة من خ