الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إزميل و- استراكا - ويد واحدة للحفر

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2013 / 4 / 26
الادب والفن


سامح محجوب وليالي بيت الحق
لا أعرف إن كان يعرف أنه ملتبس من" الكا والبا " ببيت الحق " دير مدينة طيبة " الهادئة ، أو لا يعرف ، فأمر عدم المعرفة هو ابداع موروث فطري، أما حالة المعرفة فتعني امتدادا حضاريا متصلا ، فالأولى تحيلنا إلى موروث مازال يجري فى العروق ، والثانية تحيلنا إلى ثلاث ألاف سنة خلت .
فى ديوانه " الحفر بيد واحدة "، اصطدمت بفناني دير المدينة ، وما عرفها الأجداد باسم بيت الحق ، هى "طيبة" الساكنة فى غرب النهر ، ترتشف من ملامحه السكينة والحكمة والهدوء . هدوء ما قرأت فى هذا الديوان الذي أقدم له قراءة تذوقية ، لا رؤية نقدية ، فالأعمال التى قال عنها نجيب سرور رحمه الله " الشعر مش بس شعر لو كان مقفى وفصيح ... الشعر لو هز قلبك وقلبي .. شعر بصحيح " لا أتعامل معها إلا من باب القلب ، ذلك القلب المصري الذي أنتج أجمل وأهم أعمالا فنية فى تاريخ مصر ، والتى لم يلتفت إليها إلا الباحثون ، وهى فن " الاستراكا " وتعني قطعا من الفخار ، سجل عليها الفنانون مآسيهم وأوجاعهم وقهر السلطة وأحلامهم وكوابيسهم. فيها تجلت روح الفنان المصري القديم ، بعيدا عن أعمال المعابد والمقابر والقصور . فترى فيها الفأر ملكا والقط خادما ذليلا ، منحنيا من فرط الانبطاح ، وهذا ما أعاد انتاجه سامح محجوب فى أوراد المنبطحين بازميل من الكلمات الهادئة حد الهياج . الساكنة حد التمرد ، وريشة موجوع أطلق عليه الوزير حوري كلابه كي يكسر ريشته الفاضحة لزيف الواقع ...فيقول :
قُلْ لِي بِرَبِّكَ:
أي الصفاتِ تريدُ؟
وأي العروشِ يروقكَ
أي العبيد تحبُّ؟ ... وأي الحسان تسركْ؟
تريدُ نجوعُ وتشبعُ وحدَك؟
وَهبنَا فَعلنَا... أيقنعُ بطنُكَ؟!
تريد نخيطُ اللسان؟
وهبنا فعلنا ... أينعمُ قهرُك؟!
تريد نعري الظهور؟
وهبنا فعلنا ... أيسكن سوطك؟!
وكأنه يعيد إلينا مآسينا دون أن يشعر أو نشعر نحن . فالمآساة واحدة والتعابير مختلفة . خرج الفنانون ومن بعدهم العمال على الثالث رمسيس يصورون على " استراكاتهم " تلك الثورة التى قادوها ، بعدما شبعت بطون الأغيار، وتركتهم نهبا للجوع . بعدما أحل القادة أجسادهم مستودعات من ذهب وحرير ، وتركوهم للعراء . حينما ألهب ظهورهم سياط القهر . فسامح محجوب ليس إلا تلك الروح السماوية عند الأجداد و قد عادت من عالمها العلوي كي تعيد تصوير المأساة . هو " البا " فى أبهى صورها ، وديوانه الحفر بيد واحدة ، ليس إلا " كاه " جديدة " لاستراكا " خبئت بعيدا عن الأعين المتوحشة. هو قرين فني لفناني بيت الحق ، قد تجلى فى كلمات . وكأنه يروي لنا عن " استراكا " شهيرة لكلاب تنهش ذئبا وحيدا وكأن الكلاب اجتمعت على كلمة سواء ، فى تلك اللوحة كان الذئب فزعا مستكينا مستسلما للموت ، فجاءت قصيدة هى رقصة عيش لا أكثر كي تصرخ فينا – قاتل – فلم تكن القصيدة قراءة للماض ، بقدر ما قدمت صرخة فى وجه الظلم وتعنيف للخانعين ، هى ميلاد من رحم ممتلء بالظلم والقهر والعدوان على البسطاء ...
لا تنتظر الموتى
عن نفسك قاتل
عن نايك قاتل
عن ظلك فوق الأرض
عن شجرة توتٍ
في حقل أبيك
عن بسمةِ طفلٍ في صبح العيد
عن خيلك
عن سيفك قاتل
لا تنتظر الموتى
هي رقصة عيشٍ لا أكثر
و"حلاوة" روح
حقا هي روح الفنان المصري الذي سجل كل شاردة وواردة فى عمر هذا الوطن المحزين والمنتظر لرقصة عيش تحيي فيه أملا قطعه كلاب " استراكا " بيت الحق . فكانت صرخه سامح محجوب بالحفر بيد واحده ، فماذا لو تركونا كي نحفر بيدين اثنتين . أعتقد أن النيل سيعود وقتها كي يجمع شتات إزيس وحورس و أوزوريس . فى النهاية أعترف بأنني قصرت فى تقديم رؤيتي لهذا الديوان الذي خرج من رحم " نفروهو وبتاح حتب وأمنيموبي " وكتاب الموتي ومتون التوابيت . فالقصائد كثيرة وقلبي موجوع ولا أحتمل تلك الصرخات التي ذكرتني بأوجاع و آلام أحبتنا أهل بيت الحق " دير المدينة " فعذرا أيها النحات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي