الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في خندق سوريا في مواجهة العدوان الأطلسي

عليان عليان

2013 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



التطورات التي تشهدها الأزمة ، في سوريا ، خلقت متغيرات جديدة على الأرض ، وقلبت السحر ، على الساحر الأمريكي ، وأدواته الخليجية وأزلامه في مجلس اسطنبول ، وائتلاف الشر المسمى الائتلاف الوطني السوري ، وباتت الإدارة الأمريكية ، تغذ الخطى ، مع حليفتها الإمبريالية " بريطانيا" للتدخل عسكرياً في سوريا ، تحت مبرر مزعوم أن الجيش السوري ، تجاوز الخطوط الحمر ، وأنه استخدم الأسلحة الكيماوية ضد المعارضة مرتين .
وأبرز هذه التطورات ، الانقلاب المفاجئ ، في سير المعارك على الأرض ، فبعد أن كانت مجاميع الإرهاب التكفيرية ، التي تحمل أسماء النصرة ، وأحفاد الرسول ، وغيرهما من المسميات ، المرتبطة بالقاعدة تخطط لخوض معركة دمشق الفاصلة ، من بوابة داريا ، باتت الآن تبحث عن النجاة بنفسها ، ولسان حالها " أنج سعد فقد هلك سعيد " .
فمعركة تحرير داريا ، من فلول الإرهابيين ، القادمين من الشيشان وليبيا وتونس والسعودية ومن مختلف أرجاء العالم ومن ثم إطباق الجيش العربي السوري ، على هؤلاء الإرهابيين ، في الغوطة الشرقية ، وعزل مجاميعهم في أحياء برزة وجوبر والقابون ، تمهيداً لتنظيف أحياء العاصمة وضواحيها منهم ، شكل التطور الدراماتيكي الأول على الصعيد الميداني .
وترافق مع تطورات ، إجهاز الجيش العربي السوري ، على المجاميع الإرهابية ، في محيط دمشق ، تطور حاسم آخر ، ألا وهو تطهير منطقة حمص ، من قطعان جبهة النصرة وأخواتها ، إذ أنه وبسرعة فائقة وبتكتيكات عسكرية متطورة ، تمكن الجيش السوري ، من هزيمتها وطردها من البلدات والقرى ، في حوض غرب العاصي ، ومن معظم القرى المحيطة بمدينة القصير ، وباتت هذه المدينة الإستراتيجية الواقعة على الحدود السورية اللبنانية ، التي تستخدم كقاعدة للمقاتلين التكفيريين القادمين من طرابلس ، باتت محاصرة ، وأمرها محسوم خلال أيام ، ما يمكن الجيش السوري ، من حسم المعركة بسهولة ، مع قطعان النصرة وفلول ما يسمى بالجيش الحر ، في بعض أحياء حمص القديمة .
هذه التطورات ، قضت مضاجع الإدارة الأمريكية ، وأدواتها في المنطقة ، حيث أدركت هذه الإدارة ، أن حسم معركتي حمص ودمشق يشكل فاتحةً لحسم الحرب ، في بقية أرجاء سوريا ، فبدأت تعد العدة وترسم سيناريوهات التدخل ، للهجوم على سوريا .
سيناريو التدخل الأمريكي ، بدأ ينفخ في فزاعة استخدام الجيش السوري للأسلحة الكيماوية ضد المعارضة ، وأن سوريا تجاوزت الخط الأحمر الذي يبرر للولايات المتحدة ، التدخل بحجة الاستيلاء على الأسلحة الكيماوية ومنع استخدامها ، رغم أن كل المعطيات ، توضح بأن قطعان القاعدة ، هي التي نفذت الهجوم الكيماوي ، على خان العسل قرب حلب.
وبدأت فزاعة الكيماوي السوري ، تتفاعل بشكل مبرمج في الدوائر السياسية والإعلامية الأمريكية ، والأطلسية عموماً ، على النحو الذي يذكرنا بتلك الفزاعة ، التي استخدمت لضرب العراق ، واحتلاله عام 2003 ، والتي تبين زيفها ، بعد أن استخدمت كمبرر ، لتدمير هذا البلد الذي شكل تاريخياً بشعبه العريق ، العمق الاستراتيجي للقضايا العربية .
فالاستخبارات الأمريكية ، تتحدث عن أدلة لاستخدام الجيش السوري للأسلحة الكيماوية مرتين ، والإدارة الأمريكية في سياق مبرمج تتظاهر بالتعقل ، وتريد المزيد من التقييم لتقارير الاستخبارات ، وبريطانيا التي لعبت دور المروج ، لأسلحة الدمار الشامل المزعومة ، في العراق تعود للعب نفس الدور ، بشأن الترويج ، لاستخدام سوريا لهذه الأسلحة .
وبالتالي فإن النقطة المركزية ، في سيناريو التدخل الأمريكي والاطلسي في سوريا ، يكمن في ترويج فزاعة الكيماوي ، وقد ترافق مع عملية الترويج هذه ، ترتيب مسرح العمليات على الأرض ، عبر إرسال قوات وخبراء إلى الأردن ، لتدريب مجاميع من المقاتلين ، للدخول إلى سوريا لتشكل نوعاً من التوازن ، مع جبهة النصرة وأخواتها ، وقد بدأت هذه المجاميع تدخل بكثافة إلى سوريا .
وفي السياق نفسه ، عملت الإدارة الأمريكية ، على ترتيب الأوضاع في المنطقة ، لصالح أن يتفرغ جميع حلفائها ، في نسق واحد بقيادة المايسترو الأمريكي ، لضرب سوريا وإسقاطها كدولة ، وتقسيمها لمصلحة الكيان الصهيوني ، فكان أن أنهت الإدارة الأمريكية الخلاف بين تركيا والكيان الصهيوني ، بأن ضغطت هذه الإدارة على نتنياهو بأن يعتذر لأردوغان ، عن قتل ثمانية من المتضامنين الأتراك في أسطول مرمرة ، وأن يوافق على تقديم تعويضات لأسر شهداء هؤلاء المتضامنين مع غزة ، وكان أن استجاب نتنياهو فوراً ، لطلب أوباما في قاعة مطار اللد ، دون حتى أن يرجع لمجلس وزرائه المصغر.
وكان أن جمدت إدارة أوباما ، الصراع بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني ، للبحث عن تسوية مزعومة للصراع بينهما ، في إطار وعود زائفة بمنح الأكراد الحكم الذاتي ، لتتفرغ تركيا للتآمر على سوريا. .
وكان أن أنهت الإدارة الأمريكية ، تردد الحكومة الأردنية ، وأنهت حكم حلفاء حزب الله ، في لبنان ، من خلال الضغط على ميقاتي ، لتقديم استقالة حكومته ، على أمل أن تتجاوز الدولة اللبنانية ، سياسة النأي بالنفس ، عن الأزمة السورية ، باتجاه الانضمام للحريري ، وحلفائه لصالح دعم مجاميع الإرهابيين ، في سوريا، وتصديرهم إليها .
أدرك ، ويدرك غيري جيداً ، أن سوريا بحاجة إلى إصلاح وتغيير وأدرك جيداً ، أن الحل السياسي ، وفق مبادرة جنيف ، هو المخرج للأزمة ، لكنني أدرك جيداً ، أن مجاميع وقطعان النصرة – فرع القاعدة في بلاد الشام - ليست معنية بهكذا حلول ، بل تكفر الديمقراطية ومن يؤمن بها ، وأنها من خلال الإرهابيين ، الذين تم إحضارهم من مختلف تشكيلات القاعدة ، تسعى تحت عنوان الإسلام ، والإسلام براء منها ومنهم ، إلى فرض المنهج التكفيري ، على سوريا الحضارة والتاريخ .
أدرك كما غيري ، أن ما يسمى بالجيش الحر ، مجرد تشكيل صغير في ميزان القوى الداخلي ، بني على أساسه ، مسميات ذات طابع وظيفي في الخارج ، مثل مجلس اسطنبول ، والائتلاف الوطني المزعوم ، وهما تشكيلان تمت صناعتهما ، في الدوحة ، واسطنبول برعاية ودعم وتوجيه أمريكي .
وهذان التشكيلان ، ليسا معنيين بحل الأزمة السورية سياسياً ، بما يحافظ على هيبة الدولة ، ودورها الداعم للمقاومة ، والرافض للتطبيع مع العدو الصهيوني ، وذلك لسببين رئيسيين هما :
أولاً : أن عرابي هذين التشكيلين " حمد وأردوغان" ، يعملان في خدمة توجهات الإدارة الأمريكية ، الساعية بجد لتقسيم سوريا ، وإضعافها خدمة لأمن الكيان الصهيوني ، وضرب المقاومة ، واجتثاثها من جذورها ، ومن ثم إزالة كل المعوقات ، التي تعترض ، مشروع الشرق أوسط الصهيو- أمريكي.
وثانياً: أن هذين التشكيليين ، اللذين لا يمتان بصلة ، للوطنية السورية ولا للقومية العربية ، يخشيان من الحل السلمي للأزمة ، لإدراكهما أن المزاج الشعبي ، ليس في صالحهما ، وأنه في حال إجراء انتخابات فستكون نتيجتها ، لصالح قوى التغيير السلمي ، وحزب البعث ومختلف أطراف المعارضة الداخلية ، وبقية القوى الوطنية والتقدمية ، التي تؤمن بالنهج السلمي للتغيير .
ناهيك أن نسبة لا بأس بها ، من الشعب السوري ، أجرت تغييراً على موقفها من المجاميع المسلحة ، بعد أن أدركت جوهرها ، وطبيعتها الفاشية ، على مدى عامين ، وبعد أن أدركت الدور الوظيفي لمجلس اسطنبول المسمى " بالمجلس الوطني " ، وللائتلاف الوطني المزعوم في خدمة الإستراتيجية الصهيو أميركية ، وأزلامها في المنطقة .
المعركة مع الإرهابيين ، في طريقها للحسم ، - حتى وإن طالت بعض الوقت – والحل القادم والمنتظر ، يكمن في ديمقراطية ، تفتح الآفاق أمام تغيير ، يفسح المجال ، للقوى القومية ، والتقدمية ، والإسلامية المستنيرة ، لتأخذ دورها في قيادة سوريا ، بعيداً عن الانفراد بالسلطة وفق برنامج داخلي ، يفتح على الحرية والديمقراطية ، بشقيها السياسي والاجتماعي ، ومناهض للفساد وللاستبداد ، وبرنامج خارجي يتماهى مع البرنامج الراهن لسوريا العروبة ، الرافض للحلول للتصفوية للصراع العربي – الصهيوني ، وجوهره القضية الفلسطينية ، والداعم للمقاومة ، والحليف لكل القوى المناهضة للإمبريالية والصهيونية .
وفي ضوء ما تقدم ، من إدراك ، لطبيعة المؤامرة على سوريا واستهدافاتها ، لا بد للعروبيين ، والتقدميين ، من التخندق ، في خندق سوريا الدولة والدور ، في مواجهة المؤامرة الأمريكية الصهيونية التي يجري تنفيذها بأدوات عربية رسمية وإقليمية ، تلك المؤامرة التي بدأت تنحوا منحىً خطيراً ، عبر التحضيرات ، لتدخل عسكري وأطلسي مباشر في سوريا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #