الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصنيفات العلمية للاتصال الإنساني 1

حسني إبراهيم عبد العظيم

2013 / 4 / 27
الصحافة والاعلام


التصنيفات العلمية للاتصال الإنساني


قـدم الباحثون تصنيفات عديدة لأنواع الاتصال وأنماطه المختلفة، وتمت صياغة هذه التصنيفات وفـقًا لمؤشرات معينة، وقد ارتبطت هذه التصنيفات بصورة مباشرة بالعناصر الخمسة المكونة لعملية الاتصال وهي القائم بالاتصال، والرسالة، والمستقبل، والوسيلة والتأثير، وتدور معايير التصنيف وفقا لما يلي:

1- تصنيف الاتصال بناء على عدد الأطراف المشاركة فيه: (الاتصال الذاتي - الاتصال الشخصي - الاتصال الجمعي - الاتصال الجماهيري)
2- تصنيف الاتصال حسب الاعتماد على اللغة (اتصال لفظي - اتصال غير لفظي)
3- تصنيف الاتصال حسب العلاقة بين المرسل والمستقبل (الاتصال المباشر - الاتصال غير المباشر)
4 - تصنيفات أخرى.

وفيما يلي شرح مبسط لكل نمظ من هذه الأنماط:

1. تصنيف الاتصال بناءً على عدد الأطراف المشاركة فيه

يرى العلماء أنه يمكن تحديد أربع أشكال للاتصال بناءً على عدد الأطراف المشاركة فيه، وهي كالآتي:

أ. الاتصال الذاتي: Self-Communication

الاتصال الذاتي هو ما يحدث داخل الفرد، حينما يتحدث الفرد مع نفسه، وهو اتصال يحدث داخل عقل الفرد، ويتضمن أفكاره وتجاربه ومدركاته، في هذه الحالة يكون المرسل والمستقبل شخصًا واحدًا. فالفرد قد يناقش مع نفسه ما إذا كان سيقرأ أو لا يقرأ كتابًا من الكتب، أو يشاهد برنامجًا في التليفزيون أو يسمع حديثًا في الراديو، ومن المهم أن نعرف أن الاتصال الذاتي يتضمن الجوانب والأنماط التي يطورها الفرد في عملية الإدراك Perception أي الأسلوب الذي يلاحظ الفرد بمقتضاه ويقيم أو يعطي معنى للأفكار والأحداث والتجارب المحيطة به (جيهان رشتى 1987 : 93).

ويحتل الإدراك أهمية خاصة في علم النفس الحديث، وهناك شبه إجماع بين علماء النفس والاجتماع على المعنى المحدد لهذا المصطلح، وهو الخبرة الحسية التي اكتسبت معنىً معينًا أو دلالة خاصة، فالإدراك يتحقق حينما يستطيع المرء أن يفهم طبيعة العلاقات بين الأشياء بعد أن كان لا يعرف عنها شيئًا، ومن هنا فللتعلم Learning أهمية خاصة في الإدراك. (عاطف غيث 1990 : 323).

والواقع أننا لا نعيش فى عزلة عن الآخرين، فجزء هام من وجودنا يقوم على تفاعلنا مع بعضنا البعض. والاتصال يشكل جزءًا هامًا من عملية التفاعل هذه، ولكي نفهم عملية الاتصال مع الآخرين علينا أن نبدأ أولاً بدراسة ما يحدث داخلنا، لأن أنماط الاتصال التي تحدث داخلنا هي الأساس الذي سيحكم اتصالنا مع بعضنا. ولكي نتعلم كيف نشارك مشاعرنا وملاحظاتنا وآرائنا مع الآخرين علينا أن نتعرف أولاً كيف نتوصل إلى تلك المشاعر والملاحظات والآراء، وهي عملية ليست سهلة أو بسيطة. (جيهان رشتى 1978 : 93 – 94).

والخلاصة أن الاتصـال الذاتي هو تلك العمليات الشعورية التي تحدث داخل الفرد، أي اتصال الفرد مع نفسه،وطبيعة الرسائل التي يرسلها إلى ذاته، فبدون فهم أنفسنا، وبدون أن تتكون صـورة واقعيـة لأنفسـنا يصبح الاتصـال بين الأفـراد صـعبًا.

ب. الاتصال الشخصي (الاتصال بين فردين):

الاتصال الشخصى (بين فردين) Inter-Personal هو العملية التي تحدث يوميًا حينما نعطي أوامر أو نتلقاها، أو ندخل في مناقشة أو نتبادل التحيات، ولا تختلف عملية الاتصال الذاتي عن عملية الاتصال الشخصي كثيرًا بل قد لا يمكن فصلهما تمامًا، فالاتصال، ليس مجموعة من الوظائف المنفصلة التي لها حدود حاسمة، ولكنه يتضمن شبكات متداخلة ومتفاعلة، وليس لها بداية أو نهاية.
والاتصال الشخصي يحدث حينما يكون هناك تفاعل بين نظامين ذاتيين أو أكثر، فأنت حينما تتحدث إلى صديق تعد نظامًا ذاتيًا، ويعد صديقك أيضًا نظامًا ذاتيًا، ويتفاعل النظامان الذاتيان ليكونا نظامًا للاتصال الشخصي، ويتأثر كل نظام ذاتي عندما يتفاعل مع نظام ذاتي آخر. (جيهان رشتي 1978 : 121).

ويرى "روس" أن الاتصال الشخصي يتضمن خمسة متغيرات أساسية، أو بمعنى آخر ـ خمس مراحل متتابعة ومتداخلة:
1. فالمرسل (أ) يحول المنبهات التي تأتي إليـه إلي أفكار.
2. ينقلها في شـكل رسـالة يوصـلها إلى المستقبل (ب).
3. يتم نقـل الرسـالة بواسـطة وسـيلة إلى (ب).
4. يستجيب (ب) بمحاولة فهم أو إعادة بناء فكرة المرسل.
5. توفر استجابة (ب) رجع صدى إلى المرسل (أ). والمتغيرات السابقة متداخلة ولا يمكن فصلها على المستوى الواقعي. (جيهان رشتي 1978 : 122).

إن الاتصال الشخصي إذن هو علاقة تفاعلية مباشرة ترتبط بفكرة الفعل ورد الفعل Action & Reaction ويمثل هذا النمط المستوى الثاني للاتصال، وهو مرتكز ـ بلا شك ـ ومرتبط بالاتصال الذاتي. ويتم هذا الشكل من الاتصال بصورة يومية من خلال الكلمة المنطوقة بين أفراد الأسرة، والجيران والأصدقاء، والمدرسين، والطلاب، والزملاء ... إلخ.

ج. الاتصال الجمعي

يعد الاتصال الجمعي Group Communication المستوى الثالث من مستويات الاتصال، وهو ذلك النوع من الاتصال الذي يتم بين فرد معين جماعة بأسرها كالمحاضرة، والخطبة. فخطبة الجمعة، وقداس الأحد، والمحاضرات، والعظات الدينية، والخطب السياسية، تمثل كلها نماذج للاتصال الجمعي. ويمكن للقائم بالاتصال أن يتعرف على رد فعل الجمهور لرسالته بصورة مباشرة وآنية.

والاتصال الجمعي من أساليب الاتصال القديمة نسبيًا، فقد عرفتها الحضارات الشرقية القديمة، حيث كان الحكماء ورجال الدين يلقون دروسًا وعظات على جمهور محدد فى مكان واحد ووقت معين، وكان هذا النمط أكثر انتشارًا في المجتمع اليوناني القديم، حيث كان الفلاسفة يلقون تعاليمهم ونظرياتهم الفلسفية على تلاميذهم في أماكن محددة، كما هو الحال في الأكاديمية التي أنشأها أفلاطون، و "الليسيوم" التي أنشأها أرسطو، كما كان السوفسطائيون يلقون دروسهم لقاء أجر معين في كل مكان، كذلك كان سقراط يجمع تلاميذه في الطرقات والميادين العامة والحدائق ويعلمهم أصول فلسفته. ويعد الاتصال الجمعي الأكثر تأثيرًا من أنواع الاتصال الأخرى، وذلك نظرًا لمحدودية الجمهور، فهو أضيق نطاقًا ولكنه الأعمق أثرًا.

د. الاتصال الجماهيري:

يمكن تعريف الاتصال الجماهيري Mass Communication بأنه العملية التي يقوم فيها القائم بالاتصال (المرسل) ببث رسائل مستمرة ومتعددة من خلال الوسائل الآلية إلى عدد كبير من المتلقين فى محاولة للتأثير عليهم بطرق متعددة، وأهم ما يميز جمهور المتلقين في هذا النوع من الاتصال هو ضخامة الحجم وانتشاره، وعدم تجانس خصائص أعضائه، بالإضافة إلى عدم معرفة القائم بالاتصــال بهم. (فاطمة القليني ومحمد شومــان 2004 : 17).

ويرى آخرون أن الاتصال الجماهيري هو العملية التي تتم باستخدام وسائل الإعلام الجماهيرية Mass Media ويتم من خلالها توصيل الرسالة إلى جمهور عريض متباين الاتجاهات والمستويات، وفي العادة لا يكون الجمهور معروفًا للمرسل، حيث تصله الرسالة في نفس اللحظة وبسرعة فائقة لكي تكون قادرة على خلق رأى عام، وعلى تنمية اتجاهات وأنماط من السلوك، كما تمتلك القدرة على نقل الأفكار والمعارف والترفيه. (حسن عماد مكاوي 1998 : 32).

ويمثل الاتصال الجماهيري إحدى السمات المميزة للعصر الحديث، حيث حدث تطور هائل في وسائل الإعلام الحديثة، وتحولت هذه الوسائل إلى مؤسسات اجتماعية ضخمة بالغة التأثير، حيث تلعب أدوارًا مؤثرة في صياغة الرأي العام، وتشكيل الوعي الاجتماعي، كما أصبحت تلعب أدوارًا واضحة في السياسة الدولية والمحلية. وهناك عشرات الأمثلة على تأثير الصحافة والتليفزيون على تغيير قرارات هامة، بل وعلى الإطاحة برؤساء دول، وإسقاط حكومات، وخاصة في الدول الديموقراطية في المجتمع الغربي.

يتضح مما سبق أن تصنيف الاتصال حسب عدد الأطراف المشاركة فيه يتدرج تدرجًا تصاعديًا من البسيط (غير المنظور) ـ الاتصال الذاتي ـ إلى الأكثر تعقيدًا بداية من الشخصي مرورًا بالجمعي وانتهاءً بالاتصال الجماهيري.

وسوف نتناول في المقال القادم إن شاء الله المعايير الأخرى التي أسس على أساسها علماء الاجتماع أنواع الاتصال الإنساني









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية