الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعاون، وما أدراك ما التعاون في الضفة الغربية

عبدالحميد البرغوثي

2013 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


كان هناك محاولات وأكثر في سبيل تعزيز وتقوية العمل التعاوني تجلت في توعية المزارعين والمواطنين وجمعهم في "جمعيات تعاونية" وتأسيس "إتحادات تعاونية" للجمعيات المختلفة ووضعت القوانين و"الأنظمة" لتنظيم عمل الأجسام التعاونية هذه وجلب من التمويل ومن جهات مختلفة الكثير وتم الصرف في مجالات عدة وذلك بهدف تطوير وتمكين وإستدامة العمل التعاوني. كان من هذه المجالات التمكين الإقتصادي لإستغلال الموارد (وحدات إنتاج ومعدات وبناء قدرات) والمساعدة في التسويق الجماعي (شراء و/أو تصنيع و/أو بيع) أو في الدراسات ووضع الإستراتيجيات والخطط ... الخ. وإنخرط في هذا الجهد الوطني مؤسسات حكومية وغير حكومية ودولية ومانحة وخاصة وكذلك منظمات على مستوى التجمعات وغيرها بشكل لم يكن منسقاً وغاب عن المشهد بعض المؤسسات التي لها دور في مجال التعاون أو كان دورها أقل كثيراً من المأمول.

وتشير الدراسات الأخيرة لقطاع التعاون إلى وجود العديد من مكامن الضعف بل والمشاكل والتشوهات ومنها ما هو بنيوي وهيكلي. وهنا إشارة إلى عدد من الدراسات التي صدرت عن الإدارة العامة للتعاون وكذلك معهد أبحاث السياسات الإقتصادية (ماس).

معلوم أن الجمعيات التعاونية وغيرها من الجمعيات تنشأ لتأمين هدف وحاجة معينة، وقد كانت الأهداف في بداية العمل التعاونية الإستغلال الأمثل أو الكفؤ للموارد بما فيها زمنياً (الموسم) وزيادة المساحة المستصلحة والتسويق. وقد ننمت بذرة الجمعيات التعاونية من "العونة" مطلع القرن الماضي وهو دليل وعي مبكر وإهتمام ورغبة في الإدارة الناجحة للموارد البشرية والمادية والطبيعية وإستغلال الأرض أو الحاجة.

وتشير الدراسات أن الرأسمال الإجتماعي الترابطي (العائلي) وليس التجسيري (بين فئات إجتماعية متنوعة) ظاهرة منتشرة وقوية في المجتمع الفلسطيني وهي بالتالي لا تتناسب مع العمل التعاوني كونه يشترط الإنفتاح على الآخر والتنوع الإجتماعي وعدم تغليب فئة أو عائلة أو لون سياسي. وهنا يبرز الإختلاف في وجهات النظر إلى مدى أهمة الرأسمال الإجتماعي في بناء نظام تعاوني وفي تعزيز وإستدامة العمل التعاوني، فالبعض يرى بأنها غير مشجعة ولا تؤدي للإستدامة.

مطلع ال 1970 وبعد الأزمة العالمية من نفط وغلاء أسعار والفجوة بين الفلاح المرتبط في الريف والزراعة وبين ساسة المدينة المرتبطين بالسوق العالمي والنفط، بدأت سياسة الدعم لتخفيف الآثار الإجتماعية لغلاء الأسعار وبالتالي تجنيب البلاد أية قلاقل إجتماعية. ومنها كان الدعم في إنشاء الجمعيات التعاونية "اللوائية" وإستخدامها لتقنية "Channel" الدعم المالي للفلاحين وسكان الأرياف. وبرز fذلك التسييس للجمعيات التعاونية في 1975 عند إنشاء الجمعيات اللوائية الثمانية وكذلك في عند تفجر الإنتفاضة الأولى أواسط الثمانينيات، كون الجمعيات جائت بمبادرة من وتعبيراً عن حاجة صاحب القرار السياسي وليس صاحب الحاجة وهم الأعضاء.

بعد أوسلوا 1994 وإنشاء السلطة الفلسطينية زاد الإهتمام الدولي والجهات المانحة والتنموية في مساعدة الجمعيات التعاونية وتدفق الدعم المالي وزاد عدد الجمعيات التعاونية المسجلة ونشاطها كقناة للوصول إلى المزارع وأبناء الريف بما فيه المرأة وتعزز توجه الجمعيات التعاونية كمتلقي للدعم لا كخالق أو مضيف للقيمة (الإنتاج والتصنيع والتسويق) إلى درجة أصبحت بعض الجمعيات التعاونية تتنافس على تحصيل الدعم والتمويل كشركاء في مقترحات مشاريع وبنيت قدراتها على وضع مقترحات المشاريع.

فيما بعد ظهرت سياسة الإحتلال (1998) هرتسليا والسلام الإقتصادي وما قبله (بيريز وإسرائيل العظمى بدل الكبرى) وهي تعزيز دور إسرائيل في التقنيات والتسويق وترك الآخرين (العرب والفلسطينيين) في عملية الإنتاج (موارد وقوى بشرية وعائد أقل) مع توجه لربط رأس المال العربي (والفلسطيني) مع الرأسمال الإسرائيلي أو على التحكم بالرأسمال الفلسطيني على الأقل، وبالتالي تحرير بعض الضوابط (القيود) في إستغلال الموارد بهذا الإتجاه.

كان هناك محاولات من الإدارة الحكومية "السلطة" لتثبيت مفعاعيل ومباديء الفكر التعاوني من خلال وضع بعض القيود، بعد أن إستشفت التوجه نحو التمويل وذلك من خلال المنع وشروط التسجيل ... الخ ودون مراجعة وتقييم حقيقي لهذه السياسة والإجراءات. وإنتقل القرار من الميدان "الحقل" إلى المركز، بعيداً عن الإستغلال الأمثل للموارد والرأسمال المحلي، بما فيه الإجتماعي.

وبدل أن تتطور الأمور على صعيد المؤسسات (مأسسة التعاون)، جاء تطوير التعاون بين التعاونيات وفيما بينها وبين الشركاء الآخرين بإتجاه إستغلال الجمعيات التعاونية في جلب مزيد من التمويل وأصبح المشروع محوره التمويل بدل الإنتاج، أما الإنتاج فإنتقل إلى القطاع الخاص والذي يتعاون غالباً مع التعاونيات (الإتحادات والجمعيات التعاونية) لتحصيل فوائد إضافية – ضغط بإتجاه مصلحة وهوامش ربح من خلال تسويق منتجات الجمعيات التعاونية في غياب قدرة تسويقية لدى الأجسام التعاونية، وإنتقل صاحب المصلحة "المنفعة" من المنتج المفترض (المزرعة، الفلاح، المهني" إلى رجل الأعمال وصاحب رأس المال وتحولت التعاونيات (الوحدات الإنتاجية) إلى أدوات لجلب لتمويل أو العمالة/العمل في المشاريع الرأسمالية حتى كوحدات إنتاج، مثل مزرعة إنتاج إلى حين إنشاء وتطوير مزرعة أكبر.

وواكب ذلك كله العديد من المخاطر في مواجهة التعاون منشأها الإحتلال وسياسته في التوسع وقضم الأرض وفك إرتباط المواطن (الفلاح والعامل) بمنظومة الإنتاج وربط عجلة الإقتصاد الفلسطيني بالإحتلال. كانت سياسة إسرائيل التهجير والطرد وأصبحت المعازل وحبل سري (صوري) إقتصادي.

وهو ما أدى إلى تحول التعاونيات من وحدات/مشاريع إنتاج (تولد أو تضيف قيمة) إلى أدوات إقتصادية لتمرير التمويل والمعلومات، مما يستدعي توضيح السياسة والقرار السياسي الأفضل في مجال التعاون ووضع خارطة طريق لتوصيف كيفية الوصول، على فرض أننا نمتلك الإمكانيات لعمل ذلك.

ومن البديهي أن يتطور الفكر التعاوني مع الزمن وقد يتلون تبعاً للمعطيات والتجارب المحلية، فما ورد على لسان خبراء التعاون ومجلداتهم ليس منزل أو مقدس بل يجب أن توضع التجارب المحلية بقدها وقديدها وبغثها وسمينها في مجال التحليل آخذين بالإعتبار المنهج والمبادىء العالمية لتحقيق تطور حقيقي للتعاون والأجسام التعاونية مبني ومتسق مع القاعدة الإنتاجية المحلية وإمكانية توطين مبادئ التعاون المذكورة وتوضيبها.

المقالة كتبت على هامش التحضير للقاء منتدى التعاونيات الريفية والذي تعد له منظمة ACTED في رام الله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من