الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تتبع دولة جنوب السودان للشرق الأوسط..!؟ (2-4)

أيويل لازرو كون

2013 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


إذا أخذنا لمحة قصيرة لوضعية الدولة السودانية الأم (قبل العام 2011م) نجدها متأرجحة في سياستها الخارجية.
تتمتع دولة السودان بموقع جغرافي مميز بشمال شرق إفريقيا تضعها في قارب (الدول المهمة) إفريقياً وعربياً بالتالي عالمياً ، وتتمتع أيضاً بكثرة مواردها الطبيعية والمعادن والنفط ومراسي البحر الأحمر، وبالرغم من هذه المميزات إلا أنها تعاني من حروبات أهلية وإضطرابات داخلية حادة منذ أستقلالها في العام 1956م ، ويتعمق السوء أكثر بتجاهل النخبة الحاكمة لهذه الإضطرابات وأهتمامها بقضايا الشرق الأوسط، الأمر الذي يجلب للسودان مزيداً من الأزمات ، فلماذا تهتم الدولة السودانية بقضايا الشرق الأوسط أكثر من شئونها الداخلية؟ هل تتبع لمنطقة الشرق الأوسط بمفهومها الجيوسياسي؟.. وما هو دورها ومواقفها الرسمية من تلك القضايا؟.. وكيف تأثرت إقليم جنوب السودان من السياسة الخارجية للحكومة السودانية !؟

في الواقع تعتبر السودان نفسها دولة عربية وأسلامية وتتشدد في ذلك مفرغاً كل جهودها لدعم أخطبوط السلفيين الأسلاموعروبي، الأمر الذي يجعله موضع أهتمام الباحثين ، حيث لم تخلو آي إضطراب في الوطن العربي من ذراع سوداني مدعياً الدفاع عن العقيدة ، لذلك لم تخلو تعريفات الباحثين مثل تومسون ، آفرون ، بايندر ، بريتشر ، هادسون ، كانتوري عن الدول التي تشكل الشرق الأوسط من ذكر إسم السودان أبداً ، فجلهم ذكروا دولة السودان مع أختلاف إن كانت في الهامش أو القلب أو غيرها من الدرجات.

إذاً فالسودان شأنها شأن الدول العربية الأخرى التي تتوهم وجود أستهداف للعروبة والأسلام من قبل أمريكا وأسرائيل ، لذلك تجد الوطن العربي نفسها مضطرة للدفاع عن نفسها وتتمخض من ذلك حالة حرب دائم وإضطراب وإرهاب وتعصب وقلق وتفجيرات وجهاد وتظلم وإنتفاضات مثل ما يسمونه (الربيع الإسلامي – أقصد العربي). ويكمن أزمة الوطن العربي في أن الواقع الإيدولوجي (اليمين واليسار) في حالة خصام وعدائية حادة ، والإسلاميين في بعضهم أيضاً ما بين الشيعة والسنة تكفير بلا حدود. لذلك يعتبرون كل من ليس معهم فهو ضدهم ، وجنوب السودان وجدت نفسها في أركان هذا العراك برفقة شمال السودان، ففي اللحظة التي تبحث فيها شعب جنوب السودان عن المأوى والصحة والأمن ، أعتبروها تابعة للكيان الصهيوني وعملاء للغرب وكفار وعبيد وغيرها من المصطلحات البزيئة التي لا تخلو أفواه الأسلاميين من نطقها أبداً وآخرها في فلسطين عندما وصف رئيس حركة حماس دولة جنوب السودان باللقيطة.
وحكومة السودان هي المسئولة عن إقحام جنوب السودان في هذه الزوبعة والتطاول العربي وتغبيش الوعي عن هوية الجنوبيين وتوجهاتهم الفكرية والدينية ، وقد تناول الدكتور منصور خالد في كتابه "جنوب السودان في المخيلة العربية" معظم المشكلات الناتجة من تلك السياسات، وبهذا تكون الحكومة السودانية قد لعبت دور سلبي ضد شعب جنوب السودان تاريخياً.

لم تكن السياسة الخارجية للحكومة السودانية منفصلة عن سياستها الداخلية ، فقد كانت تطلب الدعم المادي والمعنوي من الدول العربية والأسلامية لمحاربة شعب جنوب السودان المصنف خطراً على العروبة والأسلام ليضفى صفة الشرعية والعدالة في موقف الحكومة ، وقد كانت هذه الخطوة أستراتيجية لكسب التعاطف من الدول العربية والأسلامية ، يضاف لرصيد السودان اللامع في دعم القضية الفلسطينية ، ولم تتردد معظم دول الشرق الأوسط بمفهومها الأسلاموعروبي في دعم الحكومة السودانية لردع (الحركة الشعبية لتحرير السودان) بأعتبارها ذراع أسرائيلي أمريكي، دون أن يفكروا ولو لحظة واحدة في أحتمال عدالة القضية الإنسانية في جنوب السودان، وقد ذكرنا مراراً وتكراراً بأن من الطبيعي أن يتعاطف السودان مع أخوانهم في فلسطين ولكن من غير الطبيعي أن يتم تفضيل الفلسطيني على مواطن دارفور السوداني المسلم العربي أيضاً.

إن النخب التي تعاقبت على الحكم في السودان في النصف الآخير من القرن المنصرم فرضوا رؤية مذعنة على الجنوسودانيون بخيارين فقط إما الإسلام ديناً إما القتل نهايتك ، وبصراحة لم يختار شعب جنوب السودان أحدى الخيارين طوعاً ، لأن خياري (الأسلام أو الموت) لا يوفر أي منهما الأمن والأستقرار والحرية ، ففزعوا وتشتتوا باحثين عن ملاذ آمن ، البعض تنازل عن حقوقه الوطنية وأغترب ، ومنهم من رضخ وقبل الأسلام صورياً بتغيير إسمه الأعجم إلى أسم من أسماء الصحابة والأئمة ويصلي خمس مرات في اليوم ويصوم في شهر رمضان مرتدياً (جلابية بيضاء) وحامل على يديه السبحة مما يظهر عليه ملامح شخصية أسلامية يسبب الفرح والأنتصار لشيوخ منظمة الدعوة الأسلامية مقابل (عقد أمان) يأمن قوته ويوفر له أحتياجاته ، والبعض الآخر فضل حمل السلاح في وجه الحكومة ثائراً مثل القائد جوزيف لاقو والدكتور جون قرنق رافعين شعار الهوّية والتنمية الغير متوازنة ، إلى إن وصلت بهم المطاف إلى دولتين بأعلان دولة جنوب السودان، وإختلفت التحليلات بشأنها حيث يعتبرها (السودان الشمالي) بأنها نتاج لمخطط صهيوني أمريكي لتقسيم السودان إلى دويلات وتفتيت الوطن العربي، بينما يعتبرها شعب جنوب السودان بأنها أنتصار للحق ونتاج لنضالات مريرة ، وهي حرية مستحقة يستحسن خسارة الجانب الشمالي من آراضيهم مقابل حكم مستقل وسيادة وطنية رائدة ليبرالية وعلمانية تحترم حقوق الآخر المختلف في بوتقة تنصهر فيها جميع الديانات والثقافات في وطن يسع الجميع.

ومع الأنفصال قد ورثت جنوب السودان من دولتها الأم ملف سياسي أقليمي شائك ومشوه، وثقافات مستبطنة ، وحضارات مختلفة مما يفرض على الحكومة أستنساخ نظم إدارة التنوع لتكتسب أهلية الإدارة الوطنية المقبولة في الإقليم والأمم المتحدة مما يسهل في سياستها الخارجية ، وفي مضمار الحديث عن موروثات الدولة السودانية لجنوبها المستقل حديثاً نواجه أستفهامات طبيعية:
هل فقدت جنوب السودان عضويتها في جامعة الدول العربية بإنفصالها عن السودان الأم؟
أم ستظل تحت مظلة الشرق الأوسط الجيوسياسي بمفهومها الأسلاموعروبي؟
وماهي العوامل التي تدفع مهندسوا الشرق الأوسط للأهتمام بدولة جنوب السودان؟
ليتبع......................................................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-