الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاغتيال الاقتصادي للأمم (اندونيسيا مثالاً)

خليل البدوي

2013 / 4 / 28
الادارة و الاقتصاد



عملت سياسة الإنكليز (المستعمر القديم) على تنصيب ما يسمى بالواجهة المحلية في الحكم، هذه الواجهة تظل في الحكم مادامت محافظة على مصالح الاستعمار وعندما تفشل في الحفاظ عليه يتم التنكيل بها كما حدث مع (نورويجا في بنما؛ صدام حسين في العراق؛ مبارك في مصر) وبالتالي فموافقة صانعي القرار في الدول الصغرى على الاستدانة بقروض لن تحتاج إليها دولهم لن يصبح مشكلة كبيرة لأن هذه الواجهة المحلية تدين ببقائها في السلطة للولايات المتحدة؛ مما يعني أنها ستوافق على أي قرض ما دامت الولايات المتحدة أمرت به.
وقد لجأت القوى القديمة (بريطانيا وفرنسا) للاحتلال العسكري المكلف مادياً وبشرياً؛ نهجت الولايات المتحدة نهج مختلف تماماً وهو ما عرف بـ (سياسة الاحتواء الاقتصادي) والتي تتلخص في استخدام المؤسسات الدولية مثل "البنك الدولي" في تقديم مساعدات اقتصادية وقروض إعمار لدول العالم الثالث مقابل أن تقوم الشركات الأمريكية بتنفيذ المشروعات الكبرى في الدولة المستدينة مثل محطات طاقة ومطارات وشبكات طرق وشبكات اتصالات؛ وفي الوقت الذي تستدين هذه الدول من البنك الدولي تكون فوائد القروض أكبر من قدرة هذه الدول على السداد ومن ثم تتراكم فوائد القروض وتعجز هذه الدول عن السداد.
هنا تتدخل الولايات المتحدة "لمساعدة" هذه الدول مقابل قواعد عسكرية أمريكية على أراضي هذه الدولة أو لتمرير قرارات معينه في مجلس الأمن أو القيام بإصلاحات اقتصادية داخلية معينه (خصخصة القطاع العام، الضريبة العقارية، الكويز، .. الخ) وهذا ما زاد الطين بله. بهذا يكون البنك الدولي قد فاز بفوائد القرض وفازت الشركات بأموال عقود الإعمار وفازت الولايات المتحدة بالسيطرة السياسية على الدولة المستدينة ولا يوجد خاسر في هذه اللعبة سوى المستدين.
وقد تكرر هذا الأمر في دول كثيرة جداً مما يطرح سؤالاً مهماً؛ لماذا تستدين هذه الدول أصلاً؟
للتدليل على نظرية الاحتواء الاقتصادي دعونا ننظر لبلد وقعت في براثن الاحتواء الاقتصادي بنفس الأسلوب.
في أواخر ستينات القرن الماضي تم اكتشاف احتياطي كبير للنفط في "إندونيسيا" وفوراً أصدرت الإدارة الأمريكية الأوامر للشركات الأمريكية العملاقة بضرورة احتواء إندونيسيا بأي ثمن حتى لا تقع في قبضة المعسكر الشيوعي بكل ما تملكه من إمكانيات نفطية هائلة.
توجه مسؤولين من هذه الشركات لمقابلة صانعي القرار في إندونيسيا لتقديم عروض بتجديد شبكة الكهرباء وبناء محطات طاقة جديدة تساعد على بناء المزيد من المطارات والطرق والمصانع وإحداث نهضة اقتصادية في إندونيسيا وعرض المسئولين في هذه الشركات "التوسط" لدى البنك الدولي لتسهيل هذه القروض.
قامت الشركات الأمريكية بوضع توقعات أحمال طاقة عالية جداً تفوق حاجة إندونيسيا الفعلية؛ فالحقيقة أن أحمال الكهرباء التي كانت تكفي لم تكن تتعدي الـ 8% من قدرة الشبكة ولكن الشركات قدرت الأحمال المتوقعة بـ 20% حتى تزيد قيمة القرض ولم تمض أكثر من 5 سنوات شهدت فيها إندونيسيا طفرة بالفعل ولكن حين جاء ميعاد تحصيل الفوائد هرعت إندونيسيا لأمريكا طالبة العون.
هنا قبلت أمريكا أن تساعد إندونيسيا على التدخل لدى البنك الدولي لجدولة الديون في مقابل الحصول على عقد احتكار للشركات الأمريكية للتنقيب عن البترول في الأراضي الإندونيسية.
وبهذا تم نقل مال القرض من خزانة البنك الدولي إلى مصارف نيويورك وواشنطن وحصل البنك الدولي على الفوائد فيما حصلت الولايات المتحدة على البترول وفازت الشركات بأموال القرض التي ستصب مباشرة في خانة الاقتصاد الأمريكي.
وهكذا تم نهب ثروات إندونيسيا على الرغم من أنه كان بلداً واعداً جداً ذو مستقبل مشرق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سعر الذهب فى مصر الخميس.. عيار 21 يسجل 3140 جنيها


.. بالأرقام.. الخسائرالبشرية والاقتصادية التي لحقت بقطاع غزة من




.. حريق يلتهم مقر وزارة الضرائب في الدنمارك


.. انتخابات إيران.. منافسة تعزز سيطرة المحافظين| #الظهيرة




.. احتدام المنافسة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية في إيران..