الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظهر المهراز: الشرف والجريمة والمتاجرة

أحمد بيان

2013 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


15 أبريل 2013 كان للطلبة بجامعة ظهر المهراز بفاس موعد لتنفيذ قرار مقاطعة امتحانات الدورة الاستثنائية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية. قرار اتخذه الطلبة في جمع عام، تحت إطار الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، بطريقة ديمقراطية، كاستمرار لمعركتهم المشروعة، دفاعا عن مطالبهم المشروعة وفي مقدمتها لكل حامل شهادة "الباكلوريا" الحق في مقعد داخل الجامعة المغربية، لتمييز الشهادة العلمية عن الشواهد الإدارية، رافضين إرفاقها بأي تنبيه مثل تذكرة السفر، كعصا ترفع في وجوه المغلوب على أمرهم، الذين يتوفرون على وسائط للزبونية في ظل نظام عششت فيه جميع أشكال الفساد.

ويوم 15 أبريل، يوم تقرر بطريقة مفاجئة من "مجلس الكلية" إجراء دورة استثنائية تحت ضغط مبرر بتدخلات " جمعيات المجتمع المدني" بعدما كان القرار سابقا هو الإلغاء الكلي للدورة بالرغم من رفض الطلبة لذات القرار.

إنه كان مفاجئا لأنه كان من الخلف، وضع على مكتب العمادة لتنفيذه، باعتباره مخطط مدروس ومحكوم بخلفيات دقيقة تتجاوز حدود إدارة الكلية ومؤسسات التعليم العالي كلها. والهدف منه وضع الحركة الطلابية بظهر المهراز أمام توقيت غير مناسب يملي عليها الاستسلام والتخلي على مسارها في المشهد السياسي، أو القتال دفاعا عن شرفها وخطها. فالحركة الطلابية التي انخرطت في انتفاضة 20 فبراير بقوة ومسيرات الشوارع بفاس، في معارك الجماهير الشعبية، وقاومت بقوة البلطجية المدعومة لوجيستيكيا وبشريا من طرف النظام لتقاتل نيابة عنه، وقاومت أيضا هجوم قوى الظلام الذي كان يستهدف وضع نهاية لحركة 20 فبراير بفاس، بعد انسحابها ( قوى الظلام) من الحركة، وأطر مناضلو ومناضلات الإتحاد الوطني لطلبة المغرب مسيرات شعبية واعتصامات على المنحة في مدن مجاورة وساندوا نضالات الجماهير الشعبية في ربوع الوطن. خاضوا معارك الأمعاء الفارغة في السجون. أطروا عائلات المعتقلين السياسيين، وعرفوا بقضاياهم... هذه الحركة والقاعدة الطلابية المناضلة التي تدخلت في كل القضايا العادلة، أزعجت النظام وعرت حقيقته أمام الرأي العام المحلي والدولي وأمام ممثلي البرجوازية العالمية طبقا لمقاييسها في حقوق الإنسان والديمقراطية. إنه المسار والتاريخ الهدف والمستهدف من طرف النظام.

وكان لزاما على هذه الحركة الطلابية أن تقاتل ولو لوحدها وأن تدافع عن موقعها ومسارها المتقدم في المسرح السياسي.

فليس قوق الإوز من أيقظ طلبة ظهر المهراز في الخامسة صباحا لمقاومة جحافل النظام كما الشأن بقلعة كابيتول في الأسطورة الرومانية؛ بل المعنويات العالية واليقظة الدائمة والإحساس بالمسؤولية أمام الشباب والشعب، مسؤولية المقاومة مؤقتا بالنيابة عن الشعب برمته. وهي بدورها خلفية الصمود بالأجساد العارية بالقلم والحجارة في وجه تتار البلاد، في وجه جنون الهزيمة والإحباط أمام صمود الأجسام النحيفة والمجوعة بمعنويات عالية لإعطاء معنى للشهادة العلمية لضمان مقعد في الجامعة المغربية لشاب مغلوب على أمر عائلته. جنون الإجرام مقابل أجساد تقدمت معلنة نفسها عربون شهادة ميلاد جديدة في ساحة الشرف ساحة زبيدة خليفة وعادل الأجراوي.

وهكذا كان درس اليوم الأول من المقاطعة، وهو الدرس الذي أرغم النظام على مراجعة أوراقه وإعادة ترتيب حسابه ليختار تعزيز قواه القمعية ويحول جامعة ظهر المهراز إلى ساحة حرب حقيقية، مارس ويمارس فيها كل جنون القتل والفتك بالأجسام النحيفة، جنون لم يسلم منه طالب ولا موظف ولا عامل مقصف في محاولة لقتل طاقة وقوى الحركة لكي لا تستعيد ذاتها...

إن النظام أقدم على هذه الجريمة كخطة استباقية ليمهد الطريق لمخططات قادمة تستهدف القوت اليومي للجماهير الشعبية، فالآتي أفظع. أقدم عليها وهو يرتجف من حجم المقاومة والصمود الذين أبدياهما الطلبة والطالبات بوسائلهم وإمكاناتهم البسيطة والبدائية . وأصيب بجنون الجريمة من صلابة مواقفهم وهم يقادون إلى جحيم المجازر.

وعلى كل حال فالحركة انتصرت أو انهزمت فهي قاومت بكل شرف، وهي جديرة بوسام النضال التاريخي المشرف. فلا بد لأي ضمير حي ولكل شريف أن يتقرب من مجريات الأحداث لتقديم الدعم وتوفير شروط النهوض السريع. فالمعتقلون/ت والمعطوبون/ت وعائلاتهم، جزء من المعركة وبوابة تستلزم الانخراط لدعم الصمود البطولي، وتثبيت النهوض السريع لحركة تشرف المسرح السياسي الجذري.

فالطالب الأوطامي بظهر المهراز يضحي بنفسه بكل تفان ونكران الذات من أجل حرمة الجامعة ومن أجل مسار انخرط فيه. فالمسار الذي خطته الحركة الطلابية بظهر المهراز تقابله البطولة والتفاني في الصمود الذي قدمه المناضلون خلال أسبوعين. فالاستهداف كان كبيرا، والصمود كان أكبر والرسالة كانت ذات بعد يتجاوز الحركة الطلابية، والرد كان تحذيرا من أي مغامرة طائشة.

وحول طرفي الصراع دار الكثير من الحديث وكتب الحديث، فيه من نقل الحقيقة بأمانة بعد تحديه لخطوط النار بالرغم من قلة الاحترافية. وفيهم من وجد في الموضوع فرصة للسمسرة والمتاجرة والتملق وإعلان الولاء. أما غالبية أصحاب مهنة المتاعب، المفترض فيهم متابعة الوقائع ليقربوا الحقيقة للرأي العام، ففضلوا الأظرفة المرفقة بالتقارير الرسمية ومطاردة أخبار المقاهي بواسطة الهواتف النقالة. وفيهم من لا تبعد الجامعة عنه سوى عشرات الأمتار، ومع ذلك لم يكلفوا أنفسهم عناء الانتقال إلى عين المكان لنقل الوقائع الحية، محتفظين لنفسهم برصيد "نظيف" يثبت انتماءهم للحقل الصحافي "المسؤول"، ومبدعين فيما يسمعونه من صياح الهزيمة والنصر وصامتين عن الجريمة مولين ظهورهم لظهر حنظلة، وفيهم "حنظلات الأمس". وعلى كل حال حولوا عجز حمل متاعب المهنة إلى تجارة وإلى معجزة تستقطب من لا يملكون ذرة نقد بأذهانهم، جامعين جمهور المستهلكين غير الناقدين لصفحات جرائد ورقية والكترونية على حساء الأخبار المسمومة والخبيثة.

إنهم أبطال صامدين أمام عجزهم لنقل الوقائع الحية. تجاوزتهم صفحات المواقع الاجتماعية ، يعيشون الترف والنشوة تحت لفاف النظام، يرفعون شارة النصر للرقابة ويأتمنون بتوجيهاتها. فلا يجدون سواعد إلا في عجز دائم عن الاستقلال عما يدور في فلك النظام. لتبقى المسافة بين شرف المقاومة والصمود من جهة والمتاجرة بالحقيقة من جهة أخرى بعيدة، بل مسافة صراع طبقي يخوضه الشعب ضد "مثقفين" تحالفوا مع النظام أو قل باعوا أقلامهم وضميرهم.

أحمد بيان

أبريل 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 10 سنوات من الحرب.. أطفال اليمن، أجيال مهددة بالضياع!


.. ماكرون يقامر بانتخابات مبكرة... هل يتكرر سيناريو ديغول أم شي




.. فرنسا: متى حُلّت الجمعية الوطنية في تاريخ الجمهورية الخامسة


.. مجلس الحرب الإسرائيلي.. دوره ومهماته | #الظهيرة




.. هزة داخلية إسرائيلية.. وحراك أميركي لتحقيق الهدنة | #الظهيرة