الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة تنتصر!

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2013 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


الدم فوق الأسفلت يكشف الحقيقة كالشمس. الجثث فى المشرحة مثقوبة بالرصاص فى الصدر والبطن والظهر. المحكمة لا ترى الحقيقة والدماء. لأن العدالة عمياء والقانون حبر على الأوراق. ألهذا يخرج الجناة أبرياء؟
حرب جديدة مقبلة باسم القانون الدولى بين أمريكا وكوريا الشمالية. أو الصين واليابان أو روسيا ربما تذكرنا بحرب العراق وفلسطين وغيرهما. حيث تم قتل الشعوب بالقانون ونهب مواردها. يكتب القانون والتاريخ المنتصرين فى الحروب ومن يملك السلاح والإعلام والأقلام، يختلف القانون الدولى (فى بعض البنود) عن قانون الدولة أو العائلة. لكن الأساس واحد: القوة تنتصر على العدالة يذكرنى الصراع الدائر فى مصر بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بالصراع الذى دار بينها فى العهود الماضية. كلهم يتصارعون باسم القانون والعدالة!.
فى عمرى كله منذ ولدتنى أمى لم أر وجه العدالة فى حياتى العامة أو الخاصة. لم يتغير النظام بعد الثورة. بل زاد الاستبداد الأبوى والطبقى ليشمل الاستبداد الدينى. يتحكم النظام بالسيطرة على جميع مؤسسات الدولة بما فيها الأسرة. الحجر الأساسى للدولة. والتربية والتعليم والقضاء والتشريع والدين والجيش والشرطة والإعلام. ويقوم النظام على اخضاع الشعب والمؤسسات بالقوة السافرة (الديكتاتورية). أو بالقوة المستترة (الديمقراطية). والهدف واحد: خدمة الطبقة الحاكمة وأتباعهم من الموظفين والتجار ورجال السياسة والأعمال والإعلاميين والعلماء والأدباء والأطباء والقضاة والمحامين وغيرهم من أصحاب المهن فى السوق الحرة. وينال الحاكم البراءة ويداه ملوثتان بالدم تحت اسم الرأفة أو الهيبة. ويقتل الأب ابنته وينال الشرف تحت اسم الشهامة أو الرجولة.
الفتاة اسمها "إلهام" عمرها "17" سنة. صورتها فى الصحف 20 ابريل 2013 - طفلة تلمع عيناها بابتسامة مشرقة. حبسها أبوها فى غرفة مظلمة. قيَّدها بالسلاسل الحديدية ومنع عنها الطعام. والأب هو القاضى والمتهم. يملك حرية التصرف فى أولاده وبناته. يرسلهم إلى المدرسة أو لا يرسلهم. يشغلهم فى أى عمل ويستولى على ايرادهم. له حق تأديبهم بالضرب والحبس حتى الطاعة العمياء. من حقه أن يطلق أمهم بلا سبب ويتزوج حسب مزاجه. يفرض ارادته على الأسرة كلها حسب مصلحته. هذا الأب تزوج ثلاث نساء رغم فقره الشديد. أصبح له عشرة أولاد وبنات. لم يملك طعامهم. تخلص من زوجتين بتطليقهما. وتخلص من ابنته بتزويجها رغم ارادتها.
عجزت "الهام" عن الاستمرار مع زوج فظَّ تنفر منه. هربت ثلاث مرات. استطاع أبوها أن يقبض عليها. ويحبسها ويقيدها حتى ماتت. لاحظ الأطباء بمستشفى (العدوة المركزي) علامات تكبيل اليدين والقدمين بسلاسل حديدية. وهزال نتيجة التجويع. آلاف الأطفال البنات فى مصر يفقدن حياتهن وسعادتهن بسبب القانون الأبوى المستبد.
لا يوجد عقاب للأب الذى يزوج ابنته ضد إرادتها، لا يوجد عقاب للأب الذى يشرد أطفاله ويهدم الأسرة لمجرد اشتهائه فتاة تصغره بستين عاما. لا يحدد القانون الأبوى فارق السن بين الزوجين. لا يحدد القانون عدد مرات الزواج والطلاق. قد يتزوج الرجل ويطلق مائة مرة بشرط ألا يجمع فى وقت واحد بأكثر من أربع زوجات. ويحظى الأب القاتل بالبراءة أو الحكم المخفف رأفة به وتعاطفا معه فى دفاعه عن الشرف.
يرفض النظام فى كل العهود أى محاولة لتغيير قانون الأسرة. لأن الاستبداد الأبوى فى نظرهم موروث طبيعى تحتمه الفطرة أو الذكورة أو الشريعة.
قامت الثورة المصرية لاسقاط النظام المستبد. كلمة "المستبد" فى أصلها اللغوى تعنى رب العائلة والحاكم الذى يملك سلطة فى الدولة مماثلة لسلطة الأب فى الأسرة وبعض رؤساء الدول حملوا لقب "رب العائلة". منهم شاه إيران والسادات فى مصر. لا ينفصل الاستبداد فى الدولة عنه فى العائلة.
فالأسرة هى التى تنتج وتربى الأفراد الذين يكونون الدولة. وديكتاتورية رئيس الدولة امتدادا لدكتاتورية الأب.
الديمقراطية ليست قرارا يصدره الرئيس أو البرلمان. الديمقراطية تربية وتعليم واسلوب حياة منذ الولادة حتى الموت. جرائم كثيرة تحدث وراء الأبواب المغلقة. تكتم الأسرة السِر خوفا من الفضيحة. أغلب الضحايا أطفال ونساء وفقراء. تمر الجرائم فى صمت. لا نسمع صوت المدافعين عن العدالة فى الأحزاب السياسية. أغلبهم رجال يتميزون بازدواجية السلوك. يتعاملون فيما بينهم بقيم الصدق والاخلاص للوطن. وفى الأسرة لا مانع من الكذب والخيانة حسب مصلحتهم. ولا مانع (حسب مصلحتهم) أن يتعاون الشيوعيون والسلفيون فى المفاوضات والانتخابات والتكتيكات. لكنهم جميعا (رغم اختلافاتهم الايديولوجية) يتعاونون معا على اقصاء النساء والفقراء من مراكز صنع القرار وكتابة القانون والدستور. رغم ما نزفوه (الفقراء والنساء). من دمائهم فى الثورة. ثم نقرأ خبرا سارا بالصفحة الأولى بالأهرام 25 ابريل 2013 قضت المحكمة الادارية العليا بأحقية جامعة النيل فى جميع أراضيها ومبانيها والغاء تخصيصها لمدينة زويل. ورفض الطعون المقامة من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ووزيرى التعليم العالى والاتصالات والمحامى عن د. أحمد زويل. عقب صدور الحكم سادت الفرحة والسعادة بين الأساتذة وطلاب الجامعة وأولياء الأمور الذين حضروا الجلسة هاتفين: "يحيا العدل". تنتصر العدالة أحيانا على قوة السلطة الحاكمة المدججة بمؤسسة الرئاسة وجحافل الوزراء وجبروت مبعوث الرئيس الأمريكى (د. زويل) لتطوير العلم والتعليم فى مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين والشريعة والقلة هم سسبب كل علة
مروان سعيد ( 2013 / 5 / 1 - 06:34 )
تحية لكي سيدتي وتحيتي للجيم
سيدتي انت كتبت عن الداء ولكن لم تكتبي عن الدواء ولم تتطرقي لدور المراءة الام في هذه القصة اليس لها دور في الرضوخ وقبول قرارات هذا الدكتتور الاتقدر ان تتمرد وتذهب لحقوق الانسان او حقوق الحيوان لاان مثل هذا الرجل الذي يسجن ابنته ويقيدها بالسلاسل يلزمه منظمة غير بشرية
سيدتي نحن نخلق الدكتاتور وقالوا لفرعون من فرعنك قال لم يردني احد
واعتقد قلة دخل الاسرة لها علاقة وتنعكس على اعصاب الاب والام وتتفرغ بالاولاد المساكين
ولن اتتطرق للشريعة وخاصة الاحاديث الغير لائقة بمعاملة المراءة لاانها اصبحت معروفة للجميع ولاتخفى على احد وان الدكتاتوريين المسلمين المتشددين يؤيدوها ويعملوا بها ويجعلوا من المرءة مسخ انسانة وخاضعة لرغبات وشهوات هذا الدكتاتور العظيم الذي يكون بالخارج ذي الارنب ولكن عندما يدخل لمنزله يصبح سي السيد
وارجوا منك الاستمرار لتوعية هذه الانسانة العظيمة التي اذا اعددتها اعددت شعب طيبا وعظيما ورائدا بكل المجالات
وللجميع مودتي


2 - اي اجحاف هذا ؟ واي منطق مخالف للحقييقه؟
د.قاسم الجلبي ( 2013 / 5 / 1 - 11:35 )
تقول د السعداوي وفي الاسره لا مانع من الكذب والخيانه حسب مصلحتهم ولامانع حسب مصلحتهم ان يتعاون الشيوعين والسلفيون في المفاوضات والانتخابات والتكتيكات لكنهم رغم اختلافاتهم الايدولوجيه يتعاونون معا على اقصاء النساء والفقراء قي صنع القرار وكتابه الدستور , اقول اي اجحافا هذا واي منطق مخالف للحقيقه والوقع , ان الشيوعين ياسيدتي هم الاوائل من ناصروا المرأه ووقفوا الى جانبها وناضلوا وسيناضلون من اجل انعتاقها من الرق والعبوديه , انهم اصحاب ايدلوجيات تختلف كل الاختلاف مع السلفين واللذين ينظرون الى المرأه نظره دونيه , ان الشيوعيون مع تحررها الكامل والسلفيون مع اذلالها وجعلها ام ولاده تخدم اسيادها , هناك مثل عراقي يقول اكعد اعوج واحجي عدل اي اجلس اعوج وتكلم صح , , علينا ياسيدتي ان نكون صريحين مع افكارنا ولاداعي لقولا خارج هذه الصراحه حتى ولو كانت مخالفه ل لآرائنا مع التقدير


3 - العظيمة الدكتورة نوال السعداوي
فؤاده العراقيه ( 2013 / 5 / 1 - 22:02 )

شكرا لأنسانيتكِ التي تفيض حبا وصمودا
الظالم يتفنن في ايجاد بؤرة له ليمكث بها وعندما يرى نهايته تقترب سيبحث على وسيلة لخلاصه وكما نرى اليوم كيف أخذ الدين حجة لأستبداده
لا نريد قانونا يمنع الزوج من ضرب زوجته , ولا نريد قانونا يمنعه من الزواج باخرى , ولا نريد قانونا يمنعه من التحكم باولاده ويرميهم متى ما شاء وفي اي داهية , نريد اسهل من هذا بكثير , نطالب بحق المرأة بطلاق زوجها متى ما ارادت , فهل هذا صعب أو انتهاك لحقوق القانون الذكوري, ابسط الحقوق لم يوفرها القانون للأم فكيف نريد ان يوفرها للابناء
الف تحية وتحية


4 - الى د. قاسم الجلبي المحترم
فؤاده العراقيه ( 2013 / 5 / 2 - 12:41 )

اولا تحياتي لك
مصالح الأحزاب السياسية فوق الجميع وان تعاونت مع الضد هذا هو القصد حسب اعتقادي , مثلا في الأسرة تتعاون الأم مع الأب في كذبهم على الأولاد وأن كانوا على خلاف , ارى كثير من العوائل اليوم متفقين على الخطأ وممارسته ضد الأبناء
عدم ممانعة ان تتحد ايادي الأحزاب والسلطات ان كان العامل المشترك هو المصلحة الشخصية وان كان الطرف الآخر عدو , ولكن هذا لا يعني بأن الشيوعيون سيتعاونوا مع السلفيون يوما
أو سيتعاونوا معهم الا اذا لصقوا اسم الشيوعية كذبا وتزييفا
نعم عزيزي الشيوعيون اول من ناصر المرأة وضد التفرقة اياً كان شكلها ونوعها وهذا واضح من كتابات الدكتورة نوال
مع الشكر


5 - وان
د.قاسم الجلبي ( 2013 / 5 / 3 - 08:26 )
شكرا لك سيدتي على هذا الرد المختصر, وان كنت غير متفق معه بتاتا مع التقدير

اخر الافلام

.. مبيعات سيارات تسلا الكهربائية في تراجع مستمر • فرانس 24


.. نتنياهو ينفي معلومات حول إنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها




.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: نتمسك بتدمير البنية التحتية لحم


.. شركة تبغ متهمة بـ-التلاعب بالعلم- لجذب غير المدخنين




.. أخبار الصباح | طلب عاجل من ماكرون لنتنياهو.. وبايدن يبرر سوء