الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة والبطالة وانعكاساتها على العالم العربي

قصي الصافي

2013 / 5 / 1
ملف حول مشكلة البطالة في العالم العربي وسبل حلها، بمناسبة 1 ايار- ماي 2013 عيد العمال العالمي


العولمة والبطالة وانعكاساتها على العالم العربي

الأزمات الإقتصادية التي تعترض مسار النظام الرأسمالي بشكل شبه دوري انما تشكل سمةً مميزة وصداعاً مزمناً له، إلا أن الديناميكية العالية التي يتمتع بها تمكنه من النهوض معافى سليماً في كل مرة، و في معظم الأزمات يكون مخرج النظام الرأسمالي من الأزمة بتسريح العمال والتقتير في الأجور لزيادة الأرباح ، وهنا تعترض الرأسمالي مشكلة جديدة ، فالنسبة العالية من البطالة تعني ضعف القيمة الشرائية لجيش العاطلين مما يقود إلى كساد البضائع والإختلال في توازن العرض والطلب وبالتالي هبوط الأسعار وإشتداد المنافسة وأنخفاض الربح. ولحل هذه المشكلة كان لابد من برامج دعم توفر فيها الدولة معونات بطالة لسد رمق المواطن من جهة ولتجنب الكساد والدخول في أزمة إقتصادية جديدة من جهة ثانية ( كما يشجع على ذلك الإقتصاديون الكينزيون الداعون إلى ضرورة تدخل الدولة لوضع ضوابط ومحفزات للسوق بعدما ادركوا أن أدم سميث لم يكن دقيقاً فيما دعاه باليد الخفية للسوق معتقداً أن السوق يصحح نفسه ذاتياً ) ، وهكذا أمسك الرأسمالي تفاحتين بيد واحدة ، ولكن مهلاً .. هناك تفاحةٌ ثالثة سيتلذذ بقضمها والمتمثلة بوفرة العمالة الزهيدة في جيش العاطلين فمعوناتهم تمنح لفترة محددة وهي لاتكفي لسد كل احتياجاتهم ، لذا فإنهم تحت تأثير القلق والعوز يبحثون عن أي عمل ويدخلون في تنافس للحصول على وظائف بأجور مخفضة وبلا شروط .
فيما سبق إقتصر حديثنا عن البطالة في الإقتصاد الرأسمالي بنمطه الكلاسيكي، فماذا عن عولمة الاقتصاد والحملة التبشيرية الواسعه التي روج لها الليبراليون الجدد ، فإذا كان فوكوياما قد أعلن نهاية التأريخ بإنتصار الرأسمالية، فإن توماس فريدمان يجعلك تشعر وأنت تقرأ كتابة ( اللكزس وشجرة الزيتون ) وكأن الحروف ترقص جذلاً إحتفاءً بالوصفة السحرية للعولمة التي سينتفع منها الجميع وستوفر العمل للجميع ( ذلك قبل أن يعبر هو نفسه عن الإحباط الذي عبر عنه في كتابه : عالم منبسط ، ساخن ومزدحم ). أرجو أن لا يفهم بانني ادعو إلى تجنب العولمة من منطلقات ارثوذكسية مغلقة فالوقوف خارج التأريخ ليس خياراً ، ولكن يجب فهم العولمة بإيجابياتها وأعراضها السلبية .فيما يلي بعض الملاحظات عما أضافه الإقتصاد المعولم لظاهرة البطالة ولم تجد العولمة حلولاً لها.

1.. التطور التكنولوجي في مجال المعلوماتية والإتصالات قد فتح الأبواب واسعة للمضاربات المالية وشراء وبيع الأسهم والعملات فأصبح رأس المال الإفتراضي يعبر القارات في أجزاء من الثانية وقد ساد طابع إقتصاد الكازينو على النظام المالي العالمي مما جعله قلقاً غير متزن مما يعرض مؤسسات مالية وصناعية إلى الإنهيار وإعلان الإفلاس وتسريح عامليها كما حصل في 2008.

2..من نافلة القول أن التطور التكنولوجي ألمذهل والمتسارع قد إختزل كثيراً من دور الإنسان في الإنتاج حتًى أن بعض المؤسسات الصناعية تعمل آلياً ولايعمل فيها سوى تقني واحد للمراقبة، ونادراً ما يدعو فريق الصيانة عند حدوث طارئ، وهذا ما يقود بالضرورة إلى تفشي البطالة، المشكلة التي لم يجد لها النظام الرأسمالي حلولاً ناجعة لأنها ليست من اولوياته ، فأولى اولوياته ضمان حركة رأس المال الذي هو بمثابة الدم الذي يجري في عروقه لابقائه نشيطاً معافى.

3..بحكم التطور التكنولوجي يتجه الإنتاج إلى الإعتماد على المعارف الدقيقة وجمع البيانات وبالتالي الإعتماد على أيدي عاملة مدربة ومتخصصة (خبير مبيعات،سياحة ،برمجة ،أجهزة دقيقة، إتصالات ، خبير دعاية ...ألخ ) مما يجعل حشداً كبيراً من العمال الذين لم تتوفر لهم فرصة إكتساب هكذا معارف ضمن العاطلين عن العمل.

4..سهولة الأتصالات والإنترنيت لم تيسر فقط إنتقال رأس المال عبر القارات والتسوق ونقل المواد الأولية بل أيضاً القدرة على تصدير الوظائف إلى البلدان حيث الأيدي العاملة المدربة الرخيصة كما في الصين والهند وأندونسيا وغيرها مما يخلق أزمة بطالة في دول المنشأ لتلك الشركات .

5..بيع وشراء المنتجات عبر الإنترنت وحجوزات الطيران والفنادق والعقارات وغير ذلك قد ساهم بتسريح الكثير من العاملين في هذه المجالات.
ملاحظات سريعة عن البطاله في العالم العربي

1.رغم إلحاح وقيود صندوق النقد الدولي على الدول النامية بالإمتناع عن دعم الإقتصاد المحلي وعدم تدخل الدولة بالسوق الذي يجب أن يكون حراً ، إلا أن الولايات المتحدة تقدم مليارات الدولارات لدعم المزارعين لتمكينهم من منافسة الأسواق العالمية والحكومة البريطانيه تمنح لكل مزارع ما يعادل ثلاثة دولارات عن كل بقره (أي أكثر من مدخول مواطن في معظم الدول النامية ) . الدول النامية غير القادرة على دعم مزارعيها وتفتقد التقنية الزراعية المتطورة سيكون موقعها التنافسي ضعيفاً مما يقود إلى ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدينة بحثاً عن عمل أكثر ربحاً . ولما كانت المدينة العربية ليست أفضل حالاً فإن هجرة الفلاحين ستزيد من نسبة البطالة بشكل كبير ناهيك عن أزمات السكن والتعليم والصحة وباقي الخدمات الناتجة عن الزيادة في كثافة السكان .

2.. بسبب إنعدام الديمقراطية وأنتشار الفساد الإداري والمحسوبية وضعف سلطة القانون وإنعدام الأمن،وبسبب عدم مواكبة التحديث في مجال التعليم لتوفير عمال مدربين ، لم يكن في الدول العربية ما يسيل له لعاب الشركات الدولية لتستثمر فيها فتساهم بحل جزء من مشكلة البطاله .

3..إقتصر دخول الدول العربية عصر العولمة على التجارة، أي تحولت إلى أسواق للشركات العالمية ، وهنا أيضاً تبرز اشكالية طبيعة النظام السياسي القائم على الرأسمالية القرابية إذ يحتكر رؤوس النظام والمقربين صلاحيات منح الإجازات والوكالات التجارية بالرشاوي والمحسوبيات مما يجعل المشاريع التجارية لا تخضع إلى منافسة حقيقية تساهم في تطوير وإتساع تلك المشاريع لتستوعب أكبر عدد من العاملين وتعمل على صقل الخبرات ورفع المهارات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر