الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ المغرب

حميد المصباحي

2013 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


التاريخ وقائع و أحداث,صراعات و توافقات بين المتنافسين و الخصوم الذين يصيرون أعداء,و تصل العداوات حد التصفية الجسدية,فالمنتصر فيه,يدافع عن شرعية صراعاته,و تجسيدها للشرعية,أما المنهزم,فيختار تصوير نفسه كمطالب بحق انتزع منه عنوة,فعانى القهر,و لكل تصوره الخاص للتاريخ,أي الوقائع و الأحداث رغم أنها واحدة,لكن تفسيراته تختلف مع المدة,و تغدو حقائق مثيرة لما تحتويه من تأويلات,تعج بالتناقض,ففي ثناياها حقائق خفية,إظهارها يؤدي بالبنية للإنهيار,فهي غير قابلة للمساءلة,و إلا اتهم الفاعلون بالتشكيك في تلك الحقائق التي توحد الجماعات,و تصهر الترابط و تقديس أفعال الأجداد,و اعتبارها أحسن ما أمكن فعله و تجسيده,حماية للجماعة أو الوطن أو حتى الدولة,فالتاريخ ليس مجرد حكايات,غايتها المعرفة,و ربط الأجيال بعضها ببعض,بل التاريخ تشكيل لوعي الجماعة,بغية التحكم فيها و الحفاظ على هويتها,التي تطلبت صيانتها تضحيات عظام,مجرد التفكير فيها جديا يعرض الفاعل نفسه لنقمة جماعته,أو تخوين الدولة له,و التآمر عليه.
1تاريخ الحزب
لكل حزب في المغرب,الأحزاب التاريخية,له قراءته لتارخ المغرب سياسيا,و له موقفه من عملية الإستقلال,و تحديد ظروف حدوث ذلك,إذ يتم الربط يسنه و بين الحركة الوطنية,من خلال التعريف بمؤسسيها المنتمين له,و بذلك ينتزع مشروعيته كامتداد للحركة الوطنية,بل يمد جذوره حد جيش التحرير,برجالاته الذين واجهوا المستعمر بالحديد و النار,في سبيل تحرير البلد,مع أن بعض الأحزاب الوطنية,تصدت للحركات المسلحة و الداعين لها في صفوفها,أو على الأقل صمتت على تصفيتهم الجسدية,و قد كان هذا الصراع في صلب التجربة الحزبية المغربية,فهناك الرغبة في التحرير المنبعثة من البوادي و الجبال,و التي لم تكن تعترف بأهمية التفاوض,و الإستقلال اتفاقا مع فرنسا,و في المقتبل كانت الحركة الحزبية المدنية من داخل الحواضر,تؤمن بالمواجهات السلمية و المسارات التفاوضية,مع بعض الإنفلاتات المسلحة التي نفذها الشباب الحزبي المقاوم,سرا,و لم يعرف مدى موافقة المؤسسات الحزبية آنداك على مثل هذه الخطوات الجريئة,هنا يتجه الحزب إلى ربط الصلة بالحركة المسلحة بالبوادي المغربية,رغم تكلفة ذلك السياسية في تلك المرحلة,التي اختارت فيها الحركة الوطنية عدم الإنجرار مع العنف تجاه المستعمر و التعبير عنه.
2الدولة و التاريخ
للدولة أيضا تصورها عن ذاتها,و نشأتها,بل و دورها في تحقيق الإستقلال,بما قدمته من تضحيات في سبيل حرية الشعب,الذي أدرك ضرورة التلاحم بينه و بينها حماية للبلد و تحقيقا لحريته,فقدمت الدولة نفسها كتجسيد لإرادة الجماعة,التي ماهي إلا رغبة إلاهية,فحيثما اتفق الناس و أجمعوا,فتلك حجة على كون الله راضيا عما قرروه,ووفق هذه الترابطات تصير الدولة الحافظ للتاريخ الحقيقي,و المؤتمن عليه تجاه باقي الفاعلين,أحزابا كانوا أو جماعات أخرى,و أية محاولة لتفسير التحولات التي عرفها المغرب,خارج هذا السياق تعتبر لاغية و لا قيمة تاريخية لها,إلا إن انطلقت من ثوابت الدولة,و تصورها لبطولات حكامها,مقابل العوامل المساعدة الأخرى,مع ضرورة التجاهل الكلي للحركات التي واجهت المستعمر الفرنسي,خصوصا في الريف و الأطلس,فتلك انطلقت من الإيمان بالسلاح,و تجنب ما يقتضيه منطق المطالبة بالإستقلال,الذي لا يتحقق إلا بدحر المستعمر و إرباك خططه للإنفراد بدول الشمال الإفريقي,و من هنا كانت خلفية الكثير من الصراعات التي عاشتها الدولة بعد الإستقلال,و المواجهات التي نشبت بين التنظيمات السياسية و بعض مكوناتها التي تعاطفت مع الخيار المسلح و حاولت فرضه على بعض القوى السياسية.
3التاريخ و الإيديولوجيا
لارتباطه بها,حاولت التنظيمات السياسية إخفاء الكثير منه,لتضمن هيمنتها كزعامات على حق القول,و حق فضح الخفي في الممارسة السياسية قبل الإستقلال و بعده,فبقي شفاهيا في غالبه عدا ما دونته الدولة من وجهة نظرها,و هكذا بقي التاريخ المغربي,المختلف حوله سلطة في يد الزعماء,يستغلونه أحيانا حتى ضد بعضهم,بحيث صور و كأنه سلاح معرفي و نظري ضد الدولة,لا ينبغي ائتمان الصغار عليه,ربما يسيؤون استخدامه,فغدا جزءا من سلطة إيديولوجية,تنشط في الصراعات لتصفية الحسابات,أو تحقيق التفوق الإنتخابي على الخصوم و حتى الأعداء,و مع الزمن تقادمت فعاليته,و لم يعد حافزا على جذب الأنصار,و تقريب النظر بين المختلفين,لأن منطق البطولة لم يعد كافيا لتحقيق الإنتصارات,إذ حلت مكانه الفعالية التنظيمية,و جدت آليات التجييش الديني,الأكثر فعالية في مجتمع لم ينخرط بعد كليا في فكر الحداثة,
خلاصات
تاريخ المغرب بغناه و تنوعه,ينبغي ألا يظل حبيس الروايات,بل عليه التأكيد على أن التاريخ ليس كالذكريات,بل هو وثائق ملموسة تستنطق,و تساؤل لكشف الحقيقة,و دونها لا معنى لتاريخ يحكى و كأنه مجرد صور,لكل رؤيته الخاصة لها.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كنت تتحذث عن التاريخ الحذيث للمغرب
Jugurtha bedjaoui ( 2013 / 5 / 1 - 21:55 )
كنت تتحذث عن التاريخ الحذيث للمغرب وكنت اتمنى ان تتجرء وتدكر التاريخ من بدايته اي من الاستعمار العروبي وووو ولكن اراك لخصت تاريخ المغرب في سنوات معدودة آسف

اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا