الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعور بالحب و الحياة

سونيا ابراهيم

2013 / 5 / 2
سيرة ذاتية


-في لحظة واحدة-

لم أكن أشعر بالموت كثيراً مثلما تمنيتُ أن أذهب إلى النوم، و أنا أشعر بأن أحداً يحبني.. لم أكن أفهم هذه القسوة التي قتلتني بسبب صغر السن، و حتى كبرتُ و أصبحت غير مبالية.
الفتاة اللامبالية نضجتْ و ازدادت حدتها، و أصبحتْ تشعر كل مرة بأن الأمور تزداد غموضاً، وحتى أصبحت فاقدة السيطرة على غموضها، و مزاجيتها. كنتُ أنا غريبة الأطوار، وكنتُ أنا التي لا تهتم لأي عرض يتقدمون به إليها، و أنا التي ترفض الشعور بالشفقة تجاهها إلا جهلاً بما تمر، و مرتْ به! كنتُ كل هؤلاء أنا! آه.. لو يشعر أحدهم بنصف المزاجية، و الهروب من الواقع الذي كان يجعلني أمتلأ بالغضب كلما شعرت بأن أحداً فهم ما كنتُ قد رأيته في حياتي منذ الطفولة. البشاعة تكمن في وضع اللوم عليّ؛ لذلك شعرت بالضياع و التمزق.. لم أعرف يوماً معنى الحب و الاهتمام بي إلا كضحية مُستغلة، و صامتة إلى الأبد منذ الطفولة!

أكثر الأشخاص قُرباً هم من يتمنون موتك.. يعذبونك، يدعون عليك بالموت.. و لكنهم يطلبونك حياً و متيقظاً من جديد عندما يحلُ لهم استغلالك من جديد! الصمت، التمزق، الرغبة في التخلص من الغضب و من ثم الفشل .. مررت بكل هذا.. و الجميع كان متيقظاً.. و لكن أحداً لم يكترث.. من اكترثوا حاولوا.. و لكن لم يطل اهتمامهم .. و من علموا أصابوني بالصدمة؛ فقررت احترامهم و حافظت على المسافة عن بعد! لماذا أشعر بالاختناق، و بعدها بالذنب تجاه نفسي؟
أول صداقة جاءتني في مرحلة الاعدادية، شعرت بفقدان الأصدقاء عندما لم أمر مثلهم، بمرحلة النضج العاطفي.. معناه أني.. هل لصدمتي أن تعبر عني، و أنا أعيش بصدمات تملأ أطراف جسدي، عقلي.. احترامي لذاتي الذي انتهكوه أكثر من مائة مرة.. الطعنات غير مؤلمة، و لكن صداها في الداخل المعتم هو الأكثر إيلاماً.. و ماذا بعد! الألم الذي يُحيني هو قاتل، يُشعرني بالمرارة، و من ثم بالاختناق.. ذقتُ المرارة غصباً عني.. و كانت التوسلات من أجل حفظ كرامتي دافعاً لهم للاستمرار!

ما هو المهم بالنسبة لغيري مبنيٌ على شخصيتهم في الحياة، و معرفتهم بما مروا به بأنفسهم و تجاربهم بالحياة.. ما عرفته من الصبر أن مرارة الجراح لا تُسقى إلا لمن فيهم الأمل يكبر.. و بعد حين يتساءلون و يتساءلون: إن لم يتوقف ماذا نفعل؟ الألم كل مرة من نصيب هذه الجراح.. ما الداعي من أن نكون أقوياء؟ أهو خلق جديد لمتسع من الألم بأعماقنا؟ ما هو الجديد؟ الشعور بالحنق، و الاختناق بسبب الاستمرار في هذه الحياة؟ ما هو حتى الجديد إن مُتنا.. و نحن في كل مرة حاولنا أن ننجو فيها، ظننّا أن النجاة المستحيلة قريبة.. كنا –قبلها- غرقنا! ما الذي يمنعنا في ظل هذا الواقع الأليم -الذي تحملناه بمرارة و صبر شديدين- من أن نقول لدينا مشكلة في تواجدهم في الحياة؛ بل لدينا مشكلة أصلاً في عدم مساعدتهم على التخلص منا بأنفسهم؟ الشعور بالحنق يملأني.. أقلَ ما أصفُ بها نفسي هو أنني امرأة حانقة جداً على الحياة!

أعتقد أن تمزقي من أعماقي، و شعوري بأني غير مبالية جاء بسبب وعي بأن من بيدها أن توقف الكراهية بحياتي كانت هي نفسها والدتي، التي لم تكترث عندما فاخذني والدي، لم تتركه. كانت تصغِ إليه، و هو ينام في نفس السرير إلى جوارها، و هو يطلب مني أن اذهب لأغتسل بعد أن ينتهي من الشعور بنفسه بين فخذيّ.. كان يضع يده داخل سروالي.. و لما كنت أطلب منه أن يتوقف، كان يقول لي: أنتِ طلبتِ مني أن افعل لكِ هذا! أول مرة صرختْ والدتي، و هي ترقد معنا في نفس السرير.. كان يقول لها: المفاخذة ليست حرام مثل النكاح، لو طلبتِ مني هذا لكنتُ فعلته لك بالمثل! لما صرختْ.. علمتُ أنها لن تتركه؛ بل لامتني.. و سببتْ لي شعوراً قاتلاً بالذنب.. أنها لو ماتت لكان أفضل بالنسبة لي من بذائتها، و رغبتها بالخلاص مني بالموت لترتاح مني.. من هي.. من أنتم؟ وحوش؟ لهذا السبب لم و لن أذرف دمعة على وفاته.. يا للصدمة.. الوحيدة بين بناته لم تذرف و لا دمعة، و لم تشعر أسفاً إلا بسبب قدر الآلام التي تركها تعاني منها بصمتٍ منذ الطفولة.. من يعلم أيضاً ماذا يخبئ لنا القدر.. المزيد من الألم.. أم سيتبقى لبعضهم رؤية العدالة.. كنتُ أنا الضحية دوماً التي يجب عليها أن تتعلم معنى واحد لطول الانتظار! كنتُ أنا هي الضحية.. و إن مات هو.. و إن كانت ستموتُ هي.. فإن قدر كبير من الجراح سيظل حياً داخلي لا أنساه مهما حييت في هذه الدنيا.. لن أنسى ما ارتكبوه بحقي مهما حييت.. و إن كان هذا السبب الوحيد الذي يذكرني بمماتي منذ أن كنتُ طفلة صغيرة في حياتي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ