الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا هي و الأخريات رواية بنصف شخصية

جقل الواوي

2013 / 5 / 2
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


في لحظة طرابلسية عاشت سحر و أبويها و سامي و ربيع و هالة و أخرون، لحظة طرابلسية مقموعة تنوء تحت ضغط تدين شكلي يتحول بعضه الى تطرف لا يعكس التدين بقدر ما يعكس الضياع، تعبر جنى فواز عن التدين الشكلي بأصوات المؤذنين و اسماء المساجد القريبة و بأسئلة تطرحها الشخصيات على بعضها البعض عن الصلاة و الحجاب،في طرابلس حيث تتحرك الشخصيات يتواجد قمع آخر دسته الكاتبة بين السطور بخفة و لكن تاثيرة كان حارا على الشخصيات وجود المخابرات السورية الذي نسج علاقة مع التطرف يصعب فيها التمييز بينهما، بدت جبهة طرابلس ملبده و كست محاياها تعابير شاحبة كمن تنتظر مولودا أنثى سيكون مصيرة الوأد قبل أن يكمل صرخته الأولى.

تتحرك جنى فواز و أخريات ضمن هذا المناخ حيث تستعرض شخصيات مقموعة كما المدينة تماما، تتفتح سحر على صورة والدها الملفقة و التي تتمزق بين ولائين لا تبدو شخصية الوالد مخلصة لأي منهما تندمل سحر على ذاتها و تضم ساقيها بعنف عندما تواجهه أو عندما يوجه كلاما أليها، والدتها تشكيل تقليدي محافظ يتحرك في مضمار ضيق،و لا يتجاوز ما هو معروف و مشهور في مسلسلات "النسوان"، و بينهما تنعصر سحر البطلة ، تتحدث سحر عنهما فتشحن القارىء بشعور حامض ينفر منهما ثم تتحدث عن ذاتها المنكسرة الأسيرة، تتذمر سحر من والديها و من محيطها و مجتمعها المحافظ على الطقوس، و تذهب عميقا في سردية متأففه يعكس توقها الى الهروب.

في غفلة رقابية تجد سحر ما تعتقد بأنه حبا يتحول بعد سؤال محرج من الوالد"بدك تتجوزي يا سحر" سحر التي تقفز فوق غشاء البكارة تقول بصوت كسير "أي"، و تنتقل العهدة المؤنثة من يد الأب الى يد الزوج، لا يطرأ ما هو جديد على حياة سحر إلا حياتها الجنسية حيث تتحول خيالاتها المحافظة الى فعل ممارسة ذكورية الطابع شرحت مرارا في المجلات الطبية و النفسية، الزوج الذي يمثل آله فارزة للعصارة الجنسية و المرأة التي تصبح مجرد "ثقب اسود" على حد تعبير سحر. تستعرض سحر قدرتها على تحمل الجانب الهمجي من الذكر و تستعرض تفاصيل العمليات الجنسية و تظهر ما فيها من إنكسارات و هزائم، يسحق الجسد و معه الروح و تتصاعد زفرات سحر بمزيد من التذمر.

تصل قصة سحر الى النقطة التي يتوقعها كل قارىء فتتعرف على ربيع الشاب الناجح تجاريا و الخبير الجنسي.يخوض غمار تجربة زواجية معروفة التفاصيل بشكل مسبق، الزوجه الغبية المهتمة بمظهرها و الراغبة بجنس تقليدي لا يتعدى الوضعية المتعارف عليها بين الأزواج، يهرب الى سحر حيث تشكل له ملجأ جسديا، يختلسون جلسات حميمة ، تعبر عنها سحر بلغة تفوح منها رائحة النشوة. تنغلق دائرة حياة سحر بعد أن أففلت عند ربيع فتتحرك بين البيت الزوج و الأولاد و صديقتها هالة التي تلعب دور الكومبارس صديق البطل لتبرر غياباتها عن المنزل.

تحمل جنى فواز حسن قضية الأنثى المفترى عليها بشدة من الأهل و المجتمع، و تحاول أن تجد خلاصها، رغم تبنيها ربيع العاشق فارس الجنس المغوار و حددته بالأسم و الفعل كمخلص لها تستعرض حلين آخرين أحدهما حل صديقتها هالة ذات السلوك الجنسي المنفلت، و حل عمتها سامية الذي يتلخص بالموت و هو الأمر الذي جربته سحر بنفسها و لكن جرعة الأدوية المهدئة لم تفي بالغرض و بالتالي أصبح حلا غير مرغوب فيه.تغرق الكاتبة شخصيتها الرئيسة سحر بجو من الشكوى و التذمر و كانت تقليدية في طريقة عرضها و هبط مستواها في مراحل كثيرة الى صيغ تشبه رسائل "النساء الحائرات" اللاتي يطلبن مساعدة من محرري الصحف النسائية و الإجتماعية.

تحلت الكاتبة بنفس سردي طويل رشت فوقه بضع حوارات قليلة مقتضبة العبارة ساعدت في كشف اللهجة التي تتحدث فيها الشخصية و لم تساعد في رسم بروفايل أكثر وضوحا، و الشخصية الناقصة سمة مميزة في هذه الرواية لم تتوضح كل الشخصيات كان هناك دائما جانب أو جوانب مظلمة في كل منها، لم نرى من سحر الشخصية الرئيسية إلا سيدة ضاعت طفولتها و مراهقتها و لم نرى إلا وجها باهتا أو جسدا مزرقا من الضرب أو ملطخا بالسائل المنوي،و الرواية تنقص عناصر مهمة لتجعلها رواية، الشخصية الناقصة و قد بدات بعض الشخصيات مفصلة على مقاس علم النفس دون أي شذود،جمود بعض الشخصيات الحجري كشخصية سامي و ربيع و معظم رجال الرواية تتحرك حولهم الأحداث و هم كالأصنام، الحدث الروائي دون ملامح لقاء سحر بسامي و لقاء سحر بربيع و لقاء سحر بهالة تنتقل الكاتبة لتشرح العلاقة العميقة بين الشخصيات دون تأسيس و كأن هذه الشخصيات تتفاعل بذات الطريقة كمحاليل الكيمياء مهما كانت ظروف التجربة.

أرتكبت لجنة جائزة بوكر للرواية العربية خطأ بضم هذه الرواية الى القائمة القصيرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف