الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا الشمالية الممانعة.. وسوريا الجنوبية الديمقراطية!

ماهر عدنان قنديل

2013 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


بعد عامين ونيف كل شئ تغير وتقسم في سوريا، إنقسم الشعب وإنقسمت الحارات والمدن والأرصفة والمقاهي، إنقسم الفنانين، والرياضيين، إنقسم الهواء والأكسجين والنيتروجين والهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، إنقسمت طيور في السماء والأسماك داخل مياه البحار، والحيوانات والنباتات بين الإعتراض والتأييد.. (ولا حياة لمن تنادي) ورغم هذا لا يزال البعض يتخوف من تقسيم الحدود (الوهمية)! ويخوفنا من نتائج حدوث ذلك، ويحاول إرعابنا وإرهابنا من ذلك، وتخويننا إذا قلنا عكس ذلك! (طبعاً السادة الأشراف ينظرون إلى الأمور من عيونهم البخيلة، ومن عقولهم الأنانية، ويتحدثون من تحت مكيفاتهم، ومن بيوتهم الفاخرة والفارهة، ولا يعيشون واقع الإنسان البسيط وهموم المواطن المسكين داخل الأراضي السورية) إنقسم جسد الإنسان إلى نصفين، وإنفصل رأسه من كتفيه، ولا يزال البعض يتفلسف علينا بخوفه من الإنقسام الحدودي! بدون شك سيتهمني البعض بأنني عميلاً وخائناً لأنني فتحت باب التقسيم، ولأنني فتحت نافذة التقطيع الذي يعتبربها الكثيرون خطاً أحمراً لا يجب الإقتراب منه أو مجرد الحديث عنه أو الهمس به، ولكن،(كما يقول شوينهاور كل الحقائق تمر بثلاث مراحل: الأولى أن تتعرض للسخرية، والثانية أن تقاوم بعنف، أما الثالثة فأن يتم اعتبارها من المسلمات)، والسؤال الذي يُطرح لهؤلاء المتفلسفون: هل مسموح يا ناس أن يموت الإنسان؟ هل مسموح أن يتيتم الأطفال؟ وهل من المسموح أن يذبح الناس كالقربان؟ وأن تهاجر العوائل؟ وأن تباع النساء كالجواري في الأسواق الجاهلية الرخيصة؟ وأن تتحول البلد إلى مقبرة جماعية؟ هل هذا كله مسموحاً؟ وبالله عليك الغير المسموح الوحيد والممنوع الأوحد الأحد هو تقسيم البلد إلى قسمين؟! ثم من سيبقى في البلد إذا لم تتقسم بعد كل ما يجري؟ إلا، ممكن بعض الكلاب الضالة والذئاب المفترسة والأبقار المجنونة المتلوفة! (أليس الوطن هو حيث يكون الإنسان في خير؟ كما يقول المسرحي القديم "أريستوفان) ثم ألم تتقسم العديد من الدول في التاريخ.. ألم تكن سوريا الكبرى وتقسمت وتفتت إلى أربعة؟ ألم تتقسم كوريا إلى كوريتين خلال الحرب الباردة (متقدمتين واحدة جيشاً وسلاحاً، والأخرى رأسمالياً وتكنولوجياً)؟ وأم تتقطع السودان مؤخراً إلى سودانين! (وإذا كان البعض يركز على المساحة، فالدول لا تقاس بمساحتها بل بشعوبها وسياساتها والدليل الأبرز اليابان اللتي لم تمنعها صغر حجمها من الوصول إلى ما وصلت إليه من تقدم وتكنولوجيا وصناعة، وتعتبر من أكثر الدول تقدماً) ثم هل أصبح الإنسان يا جماعة الخير إلى هذه الدرجة رخيصاً، أما التراب الذي ندوس عليه "بالجزمة" والأرض اللتي عليها نبصق غالية لا يجب المساس بمشاعرها ودغدغة عواطفها، وفصلها عن بعضها؟! ثم من قال أن التقسيم يعني اللاعودة إلى الأصل؟ ألم تنقسم اليمن وألمانيا وغيرها من الدول ثم هدمت حائط العزل وعادت مياهها إلى مجاريها اليوم؟ (فيا جماعة، الإنسان إذا ذهب لن يرجع أما الدول إذا تقسمت تستطيع الإتحاد والرجوع مرة أخرى عاجلاً أم أجلاً)(ومن يقول يموت المواطن ويروح الشعب في ستين داهية ويبقى الوطن عالياً شامخاً، نقول: الوطن يُبنى ويُرفع بالشعب وليس العكس.. فإذا مات الشعب إنتحر الوطن) صحيح أننا جميعاً نريد بقاء سوريا واحدة موحدة متحدة بحدودها الطبيعية الجميلة ولكن المطالبة بذلك حالياً أصبح يشبه المطالبة بدولة أفلاطونية مستحيلة! أو يشبه مطالبة أحدنا الإستماع والإستمتاع برائعة الخيام بصوت "شعبان عبد الرحيم"! أو يشبه مثلاً مطالبة "ألبرت أينشتاين" الرقص والتزمبر والتطبيل والتصفير على أنغام "شيكا بيكا"! أو يشبه مطالبة المطرب "محمد عبد الوهاب" ترديد كلمات أغنية"غانغنام ستايل"، أو يشبه غناء"هيفاء وهبي" ألحان "موزارت" ويتهوفن بكلمات الشاعر الجاهلي القديم "طرفة بن العبد"! أو يشبه زواج "أبو محمد الجولاني" من "فيفي عبده".. أو يشبه إنضمام "أيمن الظواهري" لإليسا ووائل كفوري وكارول سماحة وحسين الجسمي كعضو جديد في لجنة تحكيم برنامج "إكس فاكتور"! أو يشبه إنضمام "دريد لحام" لجبهة النصرة! هل كل هذا ممكنناُ؟ إذن إذا تحققت كل تلك المستحيلات تصبح المطالبة ببقاء سوريا واحدة متماسكة بعد كل ما حدث ويحدث وسيحدث يبدو ممكناً نوعاً ما! ففي سوريا اليوم حلان (صعبان) لا ثالث لهما، إما المصالحة الوطنية والدولية الشاملة بين كل الأطراف ما يعني بالمختصر المفيد أن تجتمع على طاولة واحدة كل أطراف الصراع (الداخلية والخارجية) في أحد مطاعم الشام القديمة (بيت ستي) أو( بيت جدي) (بشار الأسد مع أبو محمد الجولاني مع برهان غليون مع هيثم مناع مع القرضاوي مع حسون مع العرعور مع حمد ونجاد مع بوتين وأوباما..) على شيشة عسلية، وعلى أكلات طيبة ولذيذة، وعلى نغمات "صباح فخري" و"فهد بلان"، ويضع الجميع أيديهم ببعض لبناء سوريا جديدة! وهذا طبعاً يبدو من سابع الإستحالات، وتحقق ذاك يعني إنضمام أعجوبة ثامنة إلى عجائب الدنيا السبع نظراً لطبيعة هؤلاء (ورأسهم التخين الذي لا يعترف إلا بالحلول الجزئية والإقصائية)؛ أما الحل الأخر المتبقي (والأسهل والأسرع على ما يبدو) هو تقسيم البلاد إلى نصفين.. سوريا الشمالية على وزن كوريا الشمالية دولة الممانعة والمواجهة كما يريدها النظام ويتمناها مؤيديه، وسوريا الجنوبية على وزن كوريا الجنوبية دولة الإنفتاح والديمقراطية والحرية كما يتمناها جميع المعارضين.. (يذكر أن الكوريتين إنقسمت حدودهم خلال الحرب الباردة، والأن سوريا تتقسم وتتجزئ، وتتناثر شعبياً خلال الحرب الساخنة الحالية) وبذلك سيرضى الجميع ويطبق كل منهم برنامجه على حدوده بمراقبة دولية، وسنرى ونحكم بعدها على من سينتصر مشروعه التنموي والإقتصادي والسياسي.. (ورجونا شطارتكم يا جماعة) (وسنشارك في دعم الطرفين كلاً في مشروعه) على الأقل حينها سيصبح التنافس بين الطرفين على أشياءً إيجابية وممتعة.. وسيكون ذلك أفضل مليون مرة من التنافس اليومي الحالي على الطريقة البيزنطية في التساؤل والتراشق على من يرتشف أكواب الدماء أكثر.. ومن يفجر البناء أكثر.. وسيكون ذلك أفضل ألف مليار مرة من تنافس روتيني مُمل على من هو "دراكولا" الأقوى والملتهم الأشرس والمدمر الشامل للأخر.. وسيكون ذلك أفضل بلايير المرات من التنافس على من هو مصاص دماء العصر الأجدر بالبقاء!

* ملاحظة هامة: كلنا ضد التقسيم؛ لكن، إذا كان التقسيم يوفر الدم، والهدم، والرعب فألف أهلاً وسهلاً به ومرحبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة