الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من جرائم الجماعة في حق الشعب

فؤاد قنديل

2013 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية




تأتي على بعض الشعوب فترات ومراحل من الظلام والقهر والضلال والضياع والتخبط
وافتقاد القدرة على التعامل مع العصر ومتطلباته ومفرداته فتغيب الرؤية الصحيحة
للواقع ويختفي تماما كل فكر يخص المستقبل ويبدو كل شيء غائما ومجهولا وكئيبا ، ويضطر المفكرون
في الدول المتقدمة اعتبار هذه الحالات إشارة واضحة على أنها أصبحت خارج التاريخ .
إنها دون أدني شك شعوب تتأهب للرحيل ومغادرة الكرة الأرضية معنويا لتخرج بالتالي من الحسابات
الدولية بشتى مجالاتها ودراساتها ومراصدها.
هذه الشعوب التي ينظر إليها العالم على أن التعامل معها مضيعة للوقت وتبديد للطاقة
وإهدار لأموال وجهود تستحقها شعوب أخري تعمل ولو ببطء ووهن في سبيل بناء مجتمع
يتمتع بقدر معقول من الحرية والكرامة والعدالة والأمن والسلام الاجتماعي وحقوق الإنسان
ولديه تطلعات تعليمية وعلمية وتنموية وبعض الطموحات لبناء قاعدة إنتاجية كفيلة
بخلق مناخ ملائم لتشغيل العمالة بما يضيف حالة من الحيوية في جسد الأمة ويساعدها
على أن تحلم ،وقد تكون لدي هذه الشعوب المتمسكة بمبادرات إيجابية لحياة أفضل محاولات
متواضعة لمشاركة الدول الأخري في مشروعات فاعلة لخدمة البشرية .. هذه الشعوب التي تلحق بالكاد بركب التقدم تنطلق من احترام العقل والمنطق والعلم والتماسك الاجتماعي والحكمة السياسية
والتوافق بين كل الأطراف وسيادة المشاركة لا المغالبة والصراع أو أنا وبعدي الطوفان.
هذه هي الشعوب والأنظمة التي تراعي الله والضمير في قيادة شعوبها .. هذه هي الأنظمة
التي تتحرك بلباقة بعد تأمل طويل للظروف المحيطة بها وللظروف التي تحكم بنيتها
الاجتماعية والسياسية والثقافية ثم تحدد أولوياتها وفق منهج إنساني بالدرجة الإولي
لأن إلحاق الضرر بأصبع طفل ليس مبررا لإقامة مدرسة أو جسر أو مصنع .. لم يعد
مسموحا في العالم المعاصر الإساءة لأي إنسان ولو بكلمة نابية بحجة بناء محطة
توليد كهرباء.
أما ما يحدث في مصر الآن فهو كارثة بكل المقاييس ويتجاوز كل ماجري في الماضي
حتى نكسة 1967 ، لأن أصحاب القرار الذين وضعت الأقدار مصر في قبضتهم يستهينون
بالقانون وكرامة الشعب والأجيال ونظرة الآخرين لبلادهم التي أصبحت ممالك خاصة بهم ليس
لأحد أي حق في مشاركتهم أو منازعتهم أو الاعتراض على ما يقررون ويهدمون ويبيعون ،
وقد تجاوزوا كل النماذج الاستبدادية في التاريخ الذين كانوا يبنون ويعمرون لأنفسهم من
أجل أمجادهم الشخصية ، أما جماعة الإخوان فلم يكتفوا فقط بالاستيلاء على السلطة
بكاملها لحسابهم وهيمنوا على كل مصادر الثروة وتحكموا في كل فرد وجماعة لصالح
مخططاتهم ،لكنهم راحوا يدمرون كل شيء حتى لو أضر بهم وبالشعب والدولة ، ويفجرون
المؤسسات حتى لو جاع الشعب ، ويضربون بكل القوانين والأسس العلمية والقواعد الإقتصادية
عرض الحائط . . حالة متأخرة من الجنون تلبستهم حتى ليعتقد أي عاقل أن هؤلاء
الرجال لم يكونوا في السجون بل كانوا في المصحات النفسية والعقلية التي فشلت فشلا
ذريعا في علاجهم
آخر مثال على هذا الهوس قيام الجماعة بتكليف مجلس الشوري بوضع قانون يحاصر السلطة القضائية
و يقضي في بند من بنوده بإحالة 3500 قاض إلى التقاعد وهم الذين تجاوزوا سن الستين. وهذا يعنى:
1 - حرمان الشعب المصري من كم هائل من الخبرات القانونية النادرة التي تراكمت على مدي خمسة وثلاثين ألفا من السنين.
2 – صم الآذان وإغماض العيون عن العجز الطائل في القضاة وتكدس القضايا بالملايين في المحاكم
وتعطل الفصل فيها بما يعني المزيد من وقف الكثير من المشروعات والمصالح .
3 - زيادة معدلات الاحتقان في نفوس المواطنين بسبب تعطل سير الحياة وحبس القضايا في المحاكم.
4 – هل تم حل كل مشاكل مصر ولم يبق غير التخلص من هؤلاء القضاة الذين تري جماعة الإخوان
أنهم السبب المباشر في إفلاس الدولة أم أن المسألة في الأصل رغبة عميقة لاتخاذ إجراءات انتقامية
ضد أشخاص بعينهم ؟
5 – دفع النظام لرجاله العشوائيين إلى تنظيم مظاهرة مليونية لما سموه " تطهير القضاء " ،
وهذا إعلان عالمي واضح بأن القضاة في مصر فاسدون ومرتشون وجهلة ومتحيزون
وعلى ذلك فيتعذر أن يثق أحد أن بمصر دولة قانون ، وكل ما فيها مهدد بالقضاء الفاسد
6– يأتي هذا في الوقت الذي يحاول فيه النظام البحث عن استثمارات وعن جذب السائحين
وإقامة مشروعات تدعم الإقتصاد المنهار، ولأن رأس المال جبان فلن تتقدم أية شركة
لإقامة مشروعات في مصر حتى لو كانت تضمن ربحيتها.
7 – لن تقف المنظمات الدولية مكتوفة الأيدي إزاء هذه التجاوزات ، وكما انخفضت مراكز مصر في المؤشرات العالمية سواء المصرفية
والاقتصادية وحرية التعبير وحقوق الإنسان فسوف تنخفض بالقطع مكانة مصر على
صعيد احترام القضاء والقانون.
8 – لقد عزل عبد الناصر الخبير القانوني عبد الرزاق السنهوري عام 1954 بإيعاز من
مجلس قيادة الثورة ، ونقل 130 قاض عام 1968 إلى مناصب قانونية أقل فيما سمي
بمذبحة القضاء وما زالت نقطة سوداء تخصم سلبا من عصره ، فماذا يقول التاريخ
عن عزل 3500 قاض من شيوخ القضاء في ظل الظروف الضارية التي تعصف بمصر.
9 – لابد أن القانون المزمع صدوره سيتم الطعن عليه ، ويقدم للمحكمة الدستورية لمناقشته
ومن المتوقع رده ، ونعود مجددا ومنذ حكمت تلك الطغمة إلى المربع صفر، لأنهم لن يقبلوا
كعادتهم بحكم المحكمة الدستورية فتندلع المظاهرات والعنف والتخريب .
10 - الخطأ منشؤه الأول مجلس الشوري الذي يعد ماكينة خربة لتصنيع القوانين الحمقاء
غير المدروسة وقد أصدرت مئات القوانين الشائهة خلال شهور وأغلبها معيب
وغير مجد أصدرته جهة بلا صفة.
11 – سوف يتلاشى تدريجيا حلم القرض الذي يسعي الإخوان جاهدين للحصول عليه ،
لأن الإساءة للقضاء أو محاولة تهميشه شهادة بعدم الاستقرار وسهولة العبث بالاتفاقيات الدولية.
12 – سيزيد ما تسببت فيه تلك الجماعة بقراراتها من استهانة الدول بمكانة مصر إذ لم يعد
أحد يعنيه ما يتم فيها وقد اعتاد العالم على التخبط والأخطاء الفادحة ومن ثم لا تتناول
بعض وكالات الأنباء ما يجري بمصر إلا بالسخرية والإستهزاء.
لو كانت عصابة من البلطجية استولت على الحكم واختطفت الثورة من الشباب لكان بالإمكان
أن تستشير الخبراء والعلماء والتكنوقراط في شتى المجالات ليطرحوا عليهم الحلول والمقترحات
أما هذه الجماعة التي تعاني من الهلاوس والشيزوفرينيا وكافة الأمراض النفسية والعقلية
فهى تحاول بكل ما تملك من جنون الانتقام من الشعب جميعه حتى من الأجيال القادمة
ولذلك لا يملك الحكماء من أفراد الشعب بدلا من التناحر وإراقة الدماء في حلقة مفرغة
لا تتوقف إلا اللجوء إلى المنظمات الدولية أو الجيش ، ونحن معهم حتى تنقشع الغمة
و رسل الخراب الذين يستهدفون شعبا عاش طوال تاريخه وسطيا معتدلا ومسالما ومتسامحا وصبورا
ولكن الصبر ليس إلى آخر العمر .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر