الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثية التفسير و التبرير و النقد , و عامان من الثورة

حمزة رستناوي

2013 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا لم تنتصر الثورة رغم مرور سنتين أسوة بثورات الربيع العربي الأخرى؟

و سأقترح ثلاثة نماذج من القراءات:

(1)

أولاً- القراءة التفسيرية : و يمكن هنا اقتراح عدة أفكار من قبيل : الطبيعة الاستبدادية المخابراتية للنظام السوري - الطبيعة الطائفية للنظام السوري – ضعف الوطنية السورية و وجود انقسام على مستوى الهوية – تلقي النظام لدعم اقليمي و دولي سياسي و عسكري فاعل- انقسام المعارضة السياسية و العسكرية على نفسها- عدم تلقي الثورة السورية لدعم عسكري اقليمي و دولي فاعل حتى الآن..الخ.

(2)

ثانياً- القراءة التبريرية: و يمكن اقتراح عدة افكار من قبيل : - مايجري هو أحد جولات الصراع السني الشيعي الذي عمره أربعة عشر قرنا , و لذلك لن يتلاشى هذا الصراع في سنتين أو حتى عقدين من الزمن, و لذلك لا أمل في انتصار الثورة السورية!

- المجتمعات العربية و منها السوري هي مجتمعات طائفية و عاش السوريون في طوائف لقرون خلت , و لذلك السلطة التي تحكم هذا المجتمع ستكون طائفية مثله, و هذا امر طبيعي .

- إننا ندفع حاليا كسوريين ثمن سكوتنا على استبداد عمره نصف قرن , و هذا جزاء عادل نستحقه , و ما يجري لنا من معاناة و شدّة ما هو إلا تطهير و عقاب الهي على سكوتنا على مظالم سلطة البعث و آل الاسد.

- المعارضة مُنقسِمة و مُشتَّتة في الداخل و الخارج لعدم وجود تقاليد و تجربة ديمقراطية راسخة لدينا في سورية, و هذا من نتائج حكم الأسد و هو المسؤول عن ذلك.

- ان استمرار الثورة السورية و عدم انتصارها رغم دخولها في العام الثالث , هو أمر مُتوقَّع و طبيعي ,فهذا حال الكثير من الثورات عبر التاريخ فالثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي استمرت لسبع سنوات و نصف, و الثورة الفرنسية لم تحقق اهدافها إلا بعد حوالي عشر سنوات.

- إن الثورة السورية لم تنتصر و لن تنتصر مالم يسلحها و يدعمها الغرب, و لأن مصالح الغرب مع اسرائيل و نظام آل الاسد من وراء الستار , لذلك لا بديل عن التفاوض مع الأسد و نظامه حقناً للدم السوري .

- رغم استبداد النظام السوري و لكنه يبقى الوحيد المُتاح القادر على المحافظة على سوريا الموحَّدة , و هو القادر على حماية الأقليات , و هو أفضل من أعداءه الاسلامين الظلاميين .

(3)

ثالثاً- القراءة النقدية: و هنا يمكن اقتراح عدة افكار في سياقها من قبيل :

- من المؤكد وجود انقسام و اضطراب في الهوية الوطنية السورية ,و هذا ليس بجديد على أيّة حال بل إنّه سابق للحقبة الأسديّة , و قد ظهر هذا الانقسام و الاضطراب - سواء كان ذو طابع طائفي أو قومي – جليّا ً في مجريات الثورة السورية, و لكن المصلحة المشتركة للسوريون تقتضي التأكيد على مشروع سوريا دولة مدنية ديمقراطية, دولة تقوم على الفصل الاجرائي بين الدين و السياسة لمنع انتقال الصراعات من البعد العقائدي الى البعد السياسي , مما يسهم في بناء و ثبات أكثر للهوية الوطنية السورية مستقبلاً .

- صحيح أنه لا يمكن القضاء على الاختلافات القومية و العقائدية بين البشر و منهم السوريون , بل إن هذا الاختلاف و التنوع عابر للتاريخ و الجغرافيا الانسانية, و ليس المطلوب أبدا القضاء عليه , و لكن لنبحث عن طريقة نحييد و نمنع فيه التأثيرات السلبية لهذه الاختلافات العقائدية و القومية عن الشأن السياسي العام, و بحيث لا يصبح الانتماء القومي و العقائدي امتياز أو نقيصة بين سوري و آخر.

- صحيح أن سوريا كانت موحده طيلة حكم آل الأسد لها, و لكن حزب البعث و آل الأسد ليسو هم من أنشأ سوريا ضمن حدودها الجغرافية الراهنة, فهي كانت موحّدة قبلهم , وهذا يعود لفترة الانتداب الفرنسي و إفشال مشروع تقسيم سوريا بارادة السوريين أنفسهم , و إن سياسات البعث و آل الأسد - التي استمرت حوالي نصف قرن - ذات الطبيعة الاستبدادية الاقصائية الطائفية تتحمّل المسؤولية الأكبر في احتمال تقسيم الدولة السورية مستقبلا عبر تعميقها للانقسامات الطائفية و القومية بين السوريين, و لكن هذا لا يعفي الثوار و القوى الحيوية في سوريا من توقّع هذا الخطر المُحتمل و مقاومته عبر التأكيد على الدولة المدنية القائمة على المواطنة المتساوية و احترام حقوق الانسان و حماية الاقليات و ضمان الحقوق الثقافية لها, و الذين يقاتلون النظام و يناصرون الدولة الدينية على اختلاف مشاربهم هم يساهمون أيضاً في تقسيم سوريا و تحويلها إلى دولة فاشلة أو دولة استبداد ديني ليس بالضرورة أن تكون أفضل حالاً من سلطة البعث و آل الاسد.

- صحيح أن السوريون يدفعون الآن ثمن الصمت و استحقاقات تعود لنصف قرن سابق , و قد تجلّى هذا في قمع و تصحير الحياة السياسية طيلة عهد البعث و آل الأسد , و لكن السؤال لماذا صمتوا ؟ و الذين لم يصمتوا منهم كيف عبّروا عن رفضهم ؟ و لماذا عارضوا هذه السلطة ؟ ..الخ الحكمة تقتضي الاستفادة من التجارب السابقة في معارضة هذا النظام الاستبدادي و نقدها , و كذلك الاستفادة من تجارب آخرى قد يكون من أهمّها جارتنا العراق , فالنظر إلى ما يجري الآن بمنظور التكفير عن الخطايا أو العقوبة الإلهية المستحقّة ينقلنا من حيّز الفعل إلى حيّز القنوط و الرضا و المراوحة التاريخية في المكان.

&&&








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من