الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألهث بين الخبز والحياة

عزمي موسى

2013 / 5 / 4
الادب والفن



أولا - المتسللون
طريقي ليس مثل غيري , محفوفا بالسنابل , لا حفرة ولا حجر . بل مزدحم وغير امن , حيث لا مكان على الدرب لخطاي القريبة . من وراء البحر من كل الزوايا قدموا ألينا . على أجسادنا رسموا خرائطهم , ومن هياكل موتانا صنعوا خنادقهم . في أعماق أرواحنا انغرزوا وبين متاهات فكرنا استقروا . ثم قالوا : هالكم الحياة
كل ما فينا لم يعد لنا بعد هذا اليوم . جذورنا بماضيها وحاضرها التفوا عليها ,غذوها بأفكار لا نألفها , كي نتوه ونغرق . اعوج لساننا في الدفاع عن مبادئهم . حتى أخذنا نقتل أنفسنا , ونزف جنازاتنا إليهم شهداء . نبحث عن هويتنا بين مفرداتهم , كي نرمم ما تبقى منا , فلا نجدها . نرفع رؤوسنا قليلا , فتسحقها إقدام العسكر .
يصرخ فينا حراس مدائننا . لم التشاؤم ؟ اعلموا يا جهلاء هذا الزمان . أنهم قد جاؤوا أليكم كي يحموا غذائكم من غبار أجسادكم . ويعلموكم كيف يصنع الخبز ويأكل الزعتر . فهم سادتنا وأرباب نعمتنا . فلا حياة لنا بدونهم . احذروا ... احذروا يا جهلاء هذا العصر .
ثانيا – طائر الحنطة
حين قررنا الحياة وتعلمنا رسم خطى لإقدامنا الراجفة , خافوا علينا من أنفسنا . قلصوا أحلامنا الى رغيف خبز , ضننا انه سر الخلود الآدمي , والحياة الأبدية . حتى غدا هدفنا وأقصى أمانينا . كل من فينا يبحث عنه , يلهث خلفه لا يستطيع الإمساك به . يدفعنا الجوع إليه . نركض خلفه أذلاء ويركض إمامنا متكبرا . تبددت إبعاد الرؤية عندنا وتشابهت الصور. لا نرى سواه . فكلما اقتربنا منه نبدأ التوسل إليه , عسى ان نمسك به , يغمز بعينه اليمنى ويهز رأسه ضاحكا وساخرا منا , ثم يطير مبتعدا بين السحب . نسقط على الأرض مغشيا علينا . وحين نصحوا نكرر الكرة من جديد . ولما عرفوا سرنا هذا , تصدقوا به علينا .
أنها الرحلة اليومية نحو الحياة, ليس فيها للزمن من معنى غير الذي أرادوه لنا . غابت عقولنا في الشتات المعرفي , ونسينا سبب علتنا , غرائزنا مشدودة إلية , فقدت حواسنا وظائفها المتصلة بغيره . فلا نشعر إلا ببعد المسافة عنه . قد باتت كل الكواكب اقرب ألينا منه . في زمن التقارب واختفاء المسافات . أي بعد هذا الذي يفصلنا عنه ؟
ندرك أنهم هم وحدهم وراء كل ذلك . ولكي لا نفكر في أمرنا وأمرهم أكثر . يقدموه لنا كلما شعروا بأننا قد نغضب أكثر . ويمنعوه إذ ما اعتقدوا إننا بدئنا نشبع . هذا ما أرادوه لنا وأردناه نحن .
ثالثا – ذوق غريب
اكتشاف الحقيقة افجعنا . حقيقة الرغيف الذي أحببناه , عشقناه أكثر من أنفسنا ’ من أبنائنا ومن موتانا . نحن دائما في اشتياق إليه وان كان بين أيدينا وإمام أعيننا , نخاف علية من اقتراب الهواء منه كي لا يؤذيه من غضب الرب علينا ان نحن أهملناه أو تركناه على الأرض وحيدا . نسرع بلهفة الخائف الى التقاطه وتقبيله ووضعه على رؤوسنا , سائلين الله العفو والمغفرة على ما اقترفت أيدينا من خطيئة . حقيقة من أنهكتنا السنين في رحلة البحث عنه , قاتلنا أنفسنا كي يبقى معنا .
كم كان يكرهنا يحقد علينا . وكم كانت فجيعتنا اكبر حين قال لنا بمليء شدقيه : إني أكرهكم بل واحقد عليكم . إنا لست منكم , لم أنمو على ترابكم , لم اشرب من مائكم ولم أتنفس هوائكم أكرهكم .
أيدي فلاحينكم لم تلامس سنابلي , لم أرى طيوركم على البيدر , ولم تداعبني حجارة أرضكم . إنا لست منكم , لا أدين لكم ولا أتكلم لغتكم .. هل عرفتموني ؟؟
إنا لا أطيق الجلوس على موائدكم , ولا في إدراج مطابخكم . أشعركم كذبا بالشبع وانتم جوعي , لكي لا تهضم باقي أجزائي في أمعائكم , وتبقوا اسري مذاقي العفن . فان أكلتم مني قنطار لن أزيد في صحتكم غراما, وان مللتم شكلي خرجت عليكم بأخر .. هل عرفتموني ؟؟
من شدة حقدي وكرهي لكم , أشفق عليكم . أقول لكم ناصحا , ابحثوا عن أخا لي لم تلده ارضي منكم . هو اقرب إليكم بين ظهرانيكم ازرعوه وبأيدكم احصدوه انصبوا له البيدر والمصنع .. فهل عرفتموني ؟؟؟
إنا ابن تلك البلاد البعيدة , ابن سهول وشلالات أمريكا هل عرفتم من أكون اليوم ؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لا تفوتوا متابعة حلقة الليلة من The Stage عن الممثل الكبير ا


.. بعد أن كانت ممنوعة في ليبيا.. نساء يقتحمن رياضة الفنون القتا




.. مهرجان كان السينمائي.. ريتشارد غير، أوما ثيرمان وإيما ستون ع


.. ترامب يعود للمحكمة في قضية شراء صمت الممثلة الإباحية




.. المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان