الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجزرة سربرنيتشا نقطة سوداء في تاريخ الأمم المتحدة

خليل البدوي

2013 / 5 / 4
الارهاب, الحرب والسلام


مجزرة سربرنيتشا نقطة سوداء في تاريخ الأمم المتحدة

خليل البدوي

اعتذر الرئيس الصربي "توميسلاف نيكوليك" عن "مذبحة سربرنيتشا"، التي ارتكبتها القوات الصربية في يوليو 1995، والتي وصفتها المحكمة الدولية بالإبادة الجماعية.
وقد صرح "توميسلاف" قائلاً: أنا أعتذر وأطلب أن يُغفر لـ"صربيا" هذه الجريمة التي ارتكبتها في "سربرنيتشا".
الجدير بالذكر أن "توميسلاف" قد أنكر في يونيو الماضي وقوع إبادة جماعية في "سربرنيتشا".
وكانت الأهداف الإستراتيجية التي أعلنتها رئاسة صِرب البوسنة هي إقامة الحدود لفصل الصرب عن المجموعات العرقية الأخرى وإلغاء الحدود على طول نهر درينا التي تفصل بين صرب البوسنة وصربيا، وقد كان المسلمون البوسنيين البوشناق عقبة أمام هذا المشروع العنصري.
وسربرنيتسا مدينة جبلية صغيرة تقع شرق البوسنة والهرسك، صناعاتها الأساسية التعدين وصناعة الملح بالإضافة لوجود عدد من المنتجعات الصحية قريبًا منها. كانت مسرح لمذبحة سربرنيتشا الشهيرة عام 1995 والتي قتل فيها ما يزيد عن 8 آلاف مدني واغتصاب منظم للبوسنيات تحت مرئي قوات الأمم المتحدة الهولندية، في 24 مارس 2007 التجمع البلدي لسربرنيتشا أعتمد قرارًا بالانفصال عن صربيا مع البقاء مع البوسنة والهرسك، الأعضاء الصرب للتجمع رفضوا القرار.
وأقدم إشارة للمدينة كانت في 1376 حيث كانت مركز مهم للتجارة في منطقة البلقان الغربية بسبب المناجم الموجودة بها، مما أدى لنزوح عدد كبير من التجار من جمهورية راغوزا وسيطروا على تجارة الفضة المحلية والتصدير عن طريق البحر عبر ميناء راغوزا وخلال القرن ال 14 اتى عدد كبير من العمال الألمان للمدينة.
في 1420 بدأت الدولة العثمانية محاولتها السيطرة على المدينة الأمر الذي حاربه الملك تفرتوك الثاني وأصبحت المدينة تحت الحكم العثماني في 1420 وقد تحول عدد كبير من سكانها إلى الإسلام ولكن بشكل أبطئ من بقية المدن المجاورة بسبب وجود عدد كبير من الكاثوليك في المدينة.
ومع وجودها تحت الحكم العثماني قلت أهميتها الاقتصادية وكذلك تناقصت اعداد الكاثوليك فيها. في مطلع كانون الثاني 1941 دخل الجيش اليوغسلافي أو الجيتنك إلى المدينة وقتلوا ما يقارب من الألف مسلم بها.
وفي الأيام الأولى من التهجير القسري التي تلت بداية الحرب في نيسان 1992 احتلت القوات الصربية مدينة صربيا التي استعيدت لاحقًا من قبل المقاومة البوسنية، وقامت بعمليات تطهير عنصري لسكان المدينة.
وفي إبريل 1993 أعلنت الأمم المتحدة بلدة سريبرينيتسا الواقعة في وادي درينا في شمال شرق البوسنة "منطقة آمنة" تحت حماية قوات الأمم المتحدة، ممثلة بعناصر الكتيبة الهولندية في قوات الأمم المتحدة والتي يبلغ تعدادها 400 عنصر، وبناء على ذلك قام المتطوعون البوسنييون الذين كانوا يدافعون عن المدينة ، بتسليم أسلحتهم.
في عام 1995 قامت القوات الصربية وبأوامر مباشرة من أعضاء هيئة الأركان الرئيسية لجيش جمهورية صربيا القادة-العسكريين والسياسيين- بالقيام بعمليات تطهير عرقي ممنهجة ضد المسلمين البوسنيين والمعروفين باسم "البوشناق"، في مدينة سربرنيتشا.
فبعد دخول القوات الصربية البلدة ذات الأغلبية المسلمة، قامت بعزل الذكور بين 14 و 50 عاماً عن النساء والشيوخ والأطفال، ثم تمت تصفية كل الذكور بين 14 و 50 عام ودفنهم في مقابر جماعية، كما تمت عمليات اغتصاب ممنهجة ضد النساء المسلمات.
وتعتبر هذه المجزرة من أفظع المجازر الجماعية التي شهدتها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، كون المجزرة إبادة جماعية واغتصاب منظم لسكانها من الجنود الصِرب وتحت حماية القوات الهولندية علما أنها كانت قد طلبت من المسلمين البوسنيين تسليم أسلحتهم مقابل ضمان أمن البلدة، الأمر الذي لم يحصل بتاتاً، فقد كانت تراقب المدينة خلال عمليات الإبادة دون أن تدافع عن المدنيين وقامت بتسليم من فر من المدنيين إليها إلى القوات الصربية ليتم قتله.
وفي اجتماع مغلق لمجلس الأمن 10 آب 1995 أي بعد شهر من سقوط البلدة بأيدي القوات الصربية، عرضت مادلين أولبريت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك صور ملتقطة بواسطة أقمار صناعية، تظهر فيه مكان دفن ألاف المسلمين البوسنيين من المدنيين ولا سيما الذكور، الذين تم قتلهم من قبل الجيش الصربي ودفنهم في حقل زراعي قرب بلدة Nova Kasaba على بعد 19 كم من سربرنتسا، في الحقيقة تم العثور على 33 جثة فقط في المكان المذكور، بينما تمت العثور على أكثر من 400 جثة في 20 موقع على أطراف بلدة سربرنتسا، مما يبعث الكثير من التساؤلات عن الدور الأمريكي في صرف الإنتباه عن المكان الحقيقي للمجزرة .
ويعتقد جورج بَمفري George Pumphrey أن الحكومة الأمريكية ممثلة بوزيرة خارجيتها حاولت صرف انتباه المجتمع الدولي عن مكان وقوع المجزرة.
وقد تم تحميل رادوفان كاراديتش الزعيم السياسي لصرب البوسنة والجنرال راتكو ملاديتش الذي قاد المليشيا الصربية بالإضافة للعديد من القادة السياسيين والعسكريين وشبه العسكريين المسؤولية عن تنظيم عمليات تبعات المجزرة بقتل المدنيين وتشريدهم.
فيما لا يزال معظمهم متواري عن الأنظار وملاحقين من قبل الإنتربول وقوات الأمم المتحدة في البوسنة.
كذلك، اتهم أهالي الضحايا القوات الهولندية العاملة في نطاق قوات الأمم المتحدة بعدم الدفاع عن أهالي المدينة وتسليم من التجأ لثكنة هذه القوات لميليشا صرب البوسنة التي قتلتهم جميعاً لاحقاً.
في عام 2004 أعلنت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي الخاصة بيوسغلافيا السابقة ICTY ،فيما سُمّي بقضية كراديتش، أن ما حصل في سربرنتسا هي عملية تطهير عرقي عن سبق الإصرار والترصُّد، وذلك وفقا للقوانين الدولية، باعتبار توفر أدلة قطعية تدين القادة الصرب الذين خططوا للمجزرة.
و في عام 2005، أشار الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك السيد كوفي عنان في رسالة الاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة للإبادة الجماعية، إلى أن اللوم يقع بالدرجة الأولى على أولئك الذين خططوا ونفذوا المذبحة والذين ساعدوهم، ولكنه يقع أيضا على الدول الكبرى والأمم المتحدة كون الأولى فشلت في اتخاذ إجراءات كافية، والثانية - أي الأمم المتحدة- ارتكبت أخطاء جسيمة قبل وأثناء وقوع المجزرة، ولذلك ستبقى مأساة سربرنيتشا نقطة سوداء في تاريخ الأمم المتحدة إلى الأبد".
في شباط/فبراير 2007، أكدت محكمة العدل الدولية ما أصدرته محكمة جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة بأن ماجرى في سريبرينيتسا كان إبادة جماعية، وأن عملية قتل آلاف الأشخاص في سربرنيتشا على هذا النحو المنظم والمنهجي الواسع النطاق بأنها أكبر الفظائع في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، فيما صنفتها المحكمة الدولية باعتبارها نوعاً من الإبادة الجماعية.
وتم تحميل رادوفان كاراديتش الزعيم السياسي لصرب البوسنة والجنرال راتكو ملاديتش الذي قاد المليشيا الصربية بالإضافة للعديد من القادة السياسيين والعسكريين وشبه العسكريين المسؤولية عن تنظيم عمليات قتل المدنيين وتشريدهم.
فيما لا يزال معظمهم متواري عن الأنظار وملاحقين من قبل الإنتربول وقوات الأمم المتحدة في البوسنة.
كذلك، اتهم أهالي الضحايا القوات الهولندية العاملة في نطاق قوات الأمم المتحدة بعدم الدفاع عن أهالي المدينة وتسليم من التجأ لثكنة هذه القوات لميليشا صرب البوسنة التي قتلتهم جميعاً لاحقاً.
وأشارت التحقيقات التي جرت في أعقاب المذبحة أن كل القوات الدولية المتواجدة في المكان قد فتحت الطريق وأمنته لتمكين الصرب من ارتكاب المذبحة ، بقتل أكثر من ثمانية آلاف مسلم، ودفنهم في قبور جماعية هائلة الحجم.
وكانت القوات الدولية في ذلك الوقت تحت القيادة الفرنسية، التي وجهت لها اتهامات أيضاً بأنها امتنعت عن إغاثة المسلمين عندما وصلتها أنباء بداية المذبحة.
كما أظهرت التحقيقات أن الجنود الهولنديين تواطئوا بالتستر على قوات الصرب, وأفسحوا لهم المجال لإسقاط المدينة وذبح أهلها.
فيما اعترفت هولندا في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2006 بالمسؤولية عن مجزرة سريبرينتسا، وتحمل قواتها التي كانت مرابطة في المنطقة، كافة تبعات ما جرى للمدنيين في المدينة التي أعلنتها الأمم المتحدة منطقة آمنة بعد نزع أسلحة سكانها.
وكانت الحكومة الهولندية قد استقالت سنة 2001 بعد صدور تقرير دولي أكد على وجود تقصير فادح من قبل قوات الأمم المتحدة في الدفاع عن المدنيين في سريبرينتسا.
وستبقى هذه المذبحة وصمه عار على جبين الإنسانية وشاهداً على فظاعات انتهاك حقوق الإنسان في العقد الأخير من القرن العشرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 1000 وفاة في الحج .. والسعودية تؤكد أنها لم تقصر • ف


.. الحوثي يكشف عن سلاح جديد.. والقوة الأوروبية في البحر الأحمر




.. النووي الروسي.. سلاح بوتين ضد الغرب | #التاسعة


.. مخاوف من انزلاق المنطقة إلى صراع إقليمي يمتد بين البحرين الأ




.. نشرة إيجاز - استقالة أعلى مسؤول أمريكي مكلف بملف غزة