الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصيبة ممدوح إسماعيل ومصيبة مصر

هاني عياد

2013 / 5 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أقسم الرجل اليمين الدستورية، عضوا فى مجلس الشعب، بما «لا يخالف شرع الله»، وبعدها وقف فى قاعة مداولات المجلس ليرفع الآذان، بينما كان بوسعه –لو كان يريد الصلاة حقا، ولم يكن مؤمنا أن العمل عبادة- أن يطلب من رئيس المجلس رفع الجلسة للصلاة، أو أن يخرج إلى المسجد الذى لا تفصله عن قاعة المداولات سوى بضع خطوات.
عن ممدوح إسماعيل أتحدث، الرجل الذى يقول عن نفسه إنه محامٍ رغم أن أحدا لا يتذكر له قضية مهمة تولاها حتى ولو خسرها، أو مرافعة صدح بها –يوما- فى قاعة محكمة، وتركت أثرا فى تاريخ القضاء المصرى، حتى ولو لم يأخذ بها القاضى، فالرجل على ما يبدو تفرغ تماما لقضايا «الدعوة» و«النضال الإسلامى»، وهذا شأنه، وليس ثمة ما يستدعى التوقف أمام من يتساءل -بسوء طوية- عن المتظاهرين والثوار وحدهم دون غيرهم «هما دول مش بيشتغلوا أيه؟ طب بيجيبوا فلوس منين؟».
أخر معارك المناضل «الإسلامى» ممدوح إسماعيل (حتى الآن) انطلقت من «جبهة عبد الله بدر»، حيث اعتبر أن القبض على المذكور وإيداعه السجن تنفيذا لحكم محكمة «مصيبة».
وعبد الله بدر هو نموذج آخر من مناضلين أخر زمن على «النموذج الإسلامى» حيث يمارس نضاله «إسلاميا» عبر شاشة التلفزيون، مستعرضا أخلاقه «الإسلامية» الرفيعة، سواء عندما يقدم نفسه باعتباره أستاذ علم التفسير فى جامعة الأزهر، ثم يتبين بشهادة الأزهر الشريف أن الرجل لم يحصل على أية شهادة أزهرية، يعنى ولا حتى ثانوية أزهرية، ولا يعمل فى أى من مؤسسات الجامعة والجامع، أو بما ينهمر منه من سباب وشتائم وسخائم وتكفير، لكل من يختلف معه، ويخوض دون أن يرف له جفن فى أعراض الناس، وكأن علم التفسير عنده هو علم السفالة، وقد خص الفنانة إلهام شاهين باهتمام خاص.
ولئن كانت هذه الأخيرة (السب والشتم) لا تتعارض مع أخلاق الإسلام كما يفهمها عبد الله بدر وممدوح إسماعيل، فإن الأولى (الكذب وانتحال صفة ليست له) جريمة يعاقب عليه القانون الذى من المفترض أن ممدوح إسماعيل يعرفه، ومع ذلك كان القبض على الشتام الكذاب وإيداعه السجن تنفيذا لحكم محكمة «مصيبة».
وقد قد كان ممكنا أن ندع الأمر يمر دون حتى أن نسأل لا ممدوح إسماعيل ولا عبد الله بدر عن «شرع الله» فى الكذب وشتم وسب الناس والخوض فى أعراض النساء، فالطيور على أشكالها تقع، لكن الذى حدث أن المناضل المحامى الإسلامى ممدوح إسماعيل وجه نداء لكل «إنسان مصرى أن يتصدى بحزم لهذه المصيبة» وهكذا أصبحت شخصيا مشمولا بنداء محامينا الجهبذ.
المشكلة عندى أننى لا أعرف كيف «أتصدى» ولا كيف يكون التصدى «بحزم»؟ يعنى اجيب حزام مثلا وأذهب للتصدى؟ أم أن «الحزم» هنا مشتقة من اسم الحاج «حازم» أبو إسماعيل، ويتعين علينا السير على خطاه فى «التصدى»؟ وهل يمكن قبول التصدى فى هذه الحالة رغم أن المرحومة أمى لم تكن أمريكية الجنسية؟ ورغم أننى لم أفقد شاحن موبايلى يوما ما؟ هل يكون «الحزم» فى هذه الحالة مقبولا؟ حلالا أم حراما؟
وماذا عن «التصدى» ذاته؟ كيف أتصدى؟ أروح أقف قدام السجن المقيم فيه عبد الله بدر وأفتح صدرى وأقول انا مش لابس قميص واقى؟ أم أتنطع وأتمطع وأتصدى بصفع امرأة على وجهها؟ أم أذهب وأحاصر السجن وأمنع أحدا من الدخول إليه، على غرار حصار مدينة الإنتاج الإعلامى والمحكمة الدستورية؟ وهل يضمن لنا المناضل ممدوح إسماعيل من يأتينا كل يوم بعجل يذبحه لنا لزوم التغذية؟ أى تصدى وأى حزم أيها المناضل الأشوس؟
حقا شر البلية ما يضحك، تعرية وسحل مواطن ليس مصيبة، همجية عصابات الإخوان فى تعرية وتعذيب معتصمين سلميين أمام قصر الاتحادية من أجل انتزاع اعترافات منهم، ليس مصيبة، إعلان رئيس إخوانى أن «المتهمين» اعترفوا أمام النيابة بتلقى أموال من قوى سياسية، بينما النيابة تفرج عن جميع «المتهمين» ليس مصيبة، قتل الحسينى أبو ضيف ليس مصيبة، تعذيب محمد الجندى حتى الموت ليس مصيبة..الخ... قائمة «المصائب» التى لا يراها «الإسلامى» ممدوح إسماعيل طويلة جدا، فالمصيبة عنده هى فقط الحكم بالسجن على رجل شتام كذاب منتحل صفة ليست له هى.
وإذا كانت مصيبة ممدوح إسماعيل تكمن فى سجن عبد الله بدر، فإن مصيبة مصر تتجسد فى الاثنين معا، لذا أعتقد أنه إذا كان الأخ ممدوح إسماعيل «محموق اوى» على عبد الله بدر، فبوسعه أن يدخل معه السجن كأسلوب عملى للتضامن والتصدى بحزم، وإن لم يشأ ذلك فربما كان الأجدى له وللإسلام أنه يشوف له شغلانة محترمة ياكل منها عيش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشهادات المضروبة
خالد ( 2013 / 5 / 5 - 21:12 )
متعتنا يا أستاذ هاني و نتمنى لك الاستمتاع بالصحة و السعادة ... قلت إيه ؟ شهادات مضروبة ؟ و كذب على رؤوس الأشهاد ؟؟ هؤلاء لا يستحون و ضربوا لنا مثلا رائعا مشرفا لما يدعون إليه ... الناس لا تجد ما تأكل و هؤلاء يهتمون بفقه الفساء ... لا يعرفون الفرق بين الفن و الابتذال ... هم في مرحلة طفل الابتدائي الذي لا يفرق بين الغول و الجمل ... سلام على العقل و بئسا لقوم شتامين جهلاء

اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر