الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تراث الصحراء : قصص قنفذ

بوزيد مولود الغلى

2013 / 5 / 4
الادب والفن


القنفذ يقضي وفق الناموس :
اعتدى ذئب على ناقة و سلب منها عنوة بنتها البكر/ بنت مخاض ، فخاصمته الى القاضي القنفذ ، فاستدعاهما معا ، و ادعى كل منها أن " النويقة " من صلبه ، فتظاهر القنفذ بالمرض والتوجع ، وطفق يتألم ويئن حتى أشفق الذئب لحاله ، فسأله : ما بك ؟ ما الذي ألمّ بك ؟ ، فأعرض عنه وكأنه غير مبال بسؤاله ، فجال في خلد الذئب أن القاضي مريض لا يقوى على الاجابة ، فأعاد عليه السؤال مرة أخرى ، ثم أردف : هل أطلب لك آسٍ او نطاسيا ( أي طبيبا )؟ ، فرد القنفذ : لا حاجة لي به ، انما هي آلام المخاض . فتعجب الذئب من قوله ، وقال مستنكرا دعواه : وهل يلد الذكور حتى تصيبهم آلام المخاض ؟ ، فقال القنفذ : إذا عرفت هذا وأقررت به يا حبيب العين ، فاعط للناقة بنتها . ( أعرف بها ياحبيب العين واعط للناقة بكرتها ).

القنفذ أذكى و أدهى :

وضع الراعي الحملان الصغيرة في رِبَق( سلال مصنوعة من حبال مفتولة ) ، و جعلها على ظهر الأتان ، فانطلقت نحو الخيمة عائدة من المرعى . وفي الطريق ، ألفت ذؤيبا يتظاهر بالعجز عن المشي ، واستعطفها حتى لانت له ، فنط على ظهرها ، و افترس الحملان واحدا تلو الآخر ، و كلما سمعت الاثان ثغاءها أوهمها أنها خماص تلتمس ما يطفئ نار جوعتها ، ,فتدب مسرعة كي لا تبطئ في موافاة الخيمة . وما أن تراءى دخان من بعيد حتى تخايل الذؤيب دنو الاتان من خيمة أصحابها ، فقفز من على ظهرها ، وكشر عن أنيابه مبتسما ضاحكا متشفيا قائلا للاتان : هاه هاه هاه ، لقد خدعتك و التهمت ما استطعت من الحملان المحمولة على ظهرك . فشعرت الاتان بالخيبة والحسرة ثم دنت من الخيمة والتمست من أهلها ألا يمسوها بسوء حتى تأتيهم بالذئب الماكر الغادر كي ينتصفوا منه ، فوافق الراعي على ذلك ، وعادت على أعقابها حتى وجدت مغارة الذئب فبركت وبسطت ذراعيها عند باب المغارة ، وكأنها ميتة . تداعت الذئاب و الضبع الى هذه الفريسة السهلة ، وخال كل منهم أنها ميتة لا حراك لها ، بيد أنهم مكثوا في ريبة من صحة موتها ، ولم يتجاسروا على مسها حتي يأتي الحكيم القنفذ . استدعي القنفذ وجاء الى المكان على عجل ، واقترب من مناخرها ، فتحسس ريح نفَسها يخرج من مَشامّها، فصاح فيهم : " هذا الفَسّ ( كناية عن شدة السواد ) اللّي يننفس ، أنا ماني من جرّارِينُو " أي أنا لست ممن سيَجُرّه أو يقربه. " ، ولكن تبرءَ الحكيم القنفذ من قربان الاثان لم يمنع الذئبة والضبع من الوثوب على ظهرها ، فعلقوا بما عليها من ربَق ، و نهضت بهم حتى استقامت ثم مضت بهم عالقين وهم يتصايحون ويتباكون وقد فغروا أفواههم من شدة العويل ، فظن الضبع منصور أنهم إنما يتضاحكون من شدة طرافة ما نزل بهم ، فطفق يصيح و يصدح بأعلى صوته : " يا القوم اللّي تضّاحك ، أنا حَرْكَفتي طاحت أي (إحدى قوائمي سقطت ) ، إذ لم يستوِ راكبا على ظهر الاتان ، وبقيت احدى أرجله تُجَرجر كالشلو المقطوع من الجسد.

أوصلت الاثان الذئَبة والضبع الى أهل الخيمة ، واستعرضتهم أمام أعينهم واحدا تلو الآخر حتى تعرفت على غريمها الغادر ، فخيروه بين الذبح أو سلخ الجلد مع إبقائه حيا ، فاختار الحياة معذبا ، فأخذوا مُدية حادة ونزعوا عنه جلده ، فكان إذا تعرض لأشعة الشمس لسعته لسعا وبيلا شديدا ، واذا تنحى الى الظل نفشت في لحمه العاري أمةُُ من النمل ، وزادته سياط البرد الشديد لسعا . ففارقته الروح ، وظل فاغرا فاه من غير تبسُّم ، وكلما مرّ عليه الصغار ظنوه ضاحكا حتى بدت قواطعه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس


.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام




.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد