الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر في السياسة -من وحي الربيع العربي-

جاك جوزيف أوسي

2013 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


(1)

إن ما يحدث على امتداد منطقة الشرق الأوسط "المنطقة العربية ولاحقاً منطقة الجوار الجغرافي للدول العربية" من بوادر لحروب أهلية و اقتتال داخلي، تخوضها المجموعات القومية والطائفية والعرقية، تحت رايات خفّاقة منقوشة بشعارات براقة لا تهدف في نهاية المطاف إلى إحلال الديمقراطية ونشر الحرية للعمل على تحديث البلاد في تلك المنطقة. وهدفها النهائي لا يتمثل في تعميق ثقافة العادلة والحرية والمساواة بين أفراد تؤمن بمبدأ الفسطاطين "المؤمنين والكفار" وحتمية انتصارهم في معركة نهاية الزمان. بل إن ما يحدث مرتبط وبكل بساطة بحسابات الولايات المتحدة وصراعاتها الإقليمية "الملف النووي الإيراني"، والدولية "عودة روسيا الاتحادية كقوة عظمى، ومحاولة احتواء جمهورية الصين الشعبية في المحيط الهادي وإبعادها من القارة الإفريقية وإضعاف نفوذها المتصاعد في آسيا". وميدان هذا الصراع الرئيسي كان ومازال مناطق الطاقة الأحفورية "النفط والغاز" للسيطرة عليها وعلى إراداتها لتوظيفها في دعم اقتصاديات الدول المتصارعة.

(2)

إن ظاهرة "الربيع العربي" ناتجة -جزئياً على الأقل- عن تفاهم حصل بين الولايات المتحدة الأميركية والإخوان المسلمين. وقد ساهم في تسّهيل هذا الاتفاق رجب طيب أردوغان زعيم الإخوان المسلمين الأتراك، الذي أصبح عراباً للأنظمة الإخوانية الجديدة. يقتضي هذا الاتفاق بأن يقوم الإخوان بتحييد الجناح الأكثر تطرفاً في الحركات الإسلامية كالقاعدة وسواها، مقابل أن تسّهل أميركا رحيل الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط "مبارك في مصر وبن علي في تونس"وتسّليم الإخوان مفاتيح الحكم وزمام السلطة في تلك البلاد.
ومن المعلوم أن الولايات المتحدة الأميركية تسيطر عليها الفلسفة البراغماتية الذرائعية التي تقول بأن الأفكار ليست صحيحة أو خاطئة، وإنما هي فعّالة أو غير فعّالة. وقد أكتشف الأمريكييون بعد سنوات من الصراع مع الإسلاميين أنه لايمكن دحرهم إلا عن طريق شقهم وتفريق صفهم طبقاً للشعار الشهير "فرِّق تسد". وهكذا شقوهم إلى نصفين، نصف معتدل ونصف متطرّف لا يقبل بأي مساومة مع الغرب كالظواهري وسواه.
وفي نهاية المطاف سوف نرى من هو الرابح ومن هو الخاسر من هذه الصفقة الكبرى، بمعنى أخر، سنعرف من خدع من؟ أو من ضحك على من؟ ثم سنعرف إلى متى سيستمر شهر العسل؟ وهل هذا التحالف بُنٍّيَ على أسس كاثوليكية أم هو زواج متعة ينتهي بانتهاء الهدف منه.

(3)

وصل الإخوان المسلمين إلى السلطة في البلاد العربية عبر طريقين: صندوق الاقتراع والانقلاب العسكري. الأول في مناطق الحكم الذاتي في فلسطين المحتلة، والثاني في السودان. وفي فلسطين لم يتوانوا حين أنسوا في أنفسهم القوة أن استحوذوا على السلطة في قطاع غزة بقوة السلاح، شاطرين ما بقي من فلسطين إلى قسمين "جمهورية الضفة وإمارة غزة" ونسوا صندوق الاقتراع بكل سهولة. أما في السودان فلا يزالون يسومون البلاد والعباد سوء العذاب منذ الانقلاب الذي قاموا به، وقد استقل ثلث السودان بعد حرب مريرة وقلب ظهر المِجّن للعرب نتيجة سياسات التميز العنصري والطائفي التي انتهجتها الحكومة "الإسلامية الرشيدة" في الخرطوم. ومن المفارقات المضحكة إن الإخوان الذين سرقوا السلطة في فلسطين واستولوا على الثورة في مصر باسم الديمقراطية ... هم من يقمعون ثورة السودان المطالبة بالديمقراطية.

(4)

حدث في سوريا
يحكى أن طفلا يركض، يضحك
ويلعب . . . .
اعترضت طريقه رصاصة غدر . .
لم يكترث . .!!!
وذهب ليكمل الغميضة ويختبئ بين زوايا الجنة . .؟؟؟ *
• مما قرأت على صفحات الfacebook

(5)


الإنكشارية الجدد

من محاسن "الربيع العربي" أنه وضّح كيفية إدارة القوى العظمى للعرب عن طريق أجهزة التحكم عن بعد. فيكفي أن تضغط إحدى القوى الكبرى للزر حتى تبدأ حروب العرب ضد العرب. فالسياسة والحرب عندنا تُدار بمنطق ابنة كليب وعقلية الثأر الهمجية. فالعرب ومن هذا المنطلق لا يأكلون إلا لحوم موتاهم ولا يشربون إلا دماء إخوتهم وحتى الثُمالة.
وخير مثال على ذلك السلطان العثماني الذي قرر بناء امبراطوريته الجدد "بتحريض من الوسواس الخناس" وفي سبيل ذلك استعاد تقاليد أجداده، فاستدعى من مجاهل التاريخ تقاليد الإنكشارية وطبّقها بحذافيرها على "الجيش الحر" حيث درّب وسلّح عناصره ليقاتل به أكراد سوريا وأقلياتها الدينية والعرقية. حيث يُراد أن تصبح الصورة الكبرى للأزمة السورية حرب جميع السوريين ضد جميع السوريين والخاسر الوحيد في هذه الحرب هي سوريا التاريخ والحضارة والرسالة الإنسانية. فالقوى الإقليمية والدولية لا ترى في العرب وسكان هذه المنطقة ومنذ أيام الغساسنة والمناذرة، سوى إنكشارية هذه الامبراطورية أو تلك.

(6)

إن الأحداث التي رافقت هبوب عواصف الربيع العربي على المنطقة العربية بدأت تؤشر إلى انتهاء مرحلة ما بعد الحكم العثماني في منطقة الشرق الأوسط. ذلك أن النظام التي وضعته بريطانيا وفرنسا عبر اتفاقية سايكس – بيكو ليحكم المنطقة خلال الفترة الممتدة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى والقضاء على الامبراطورية العثمانية واقتسام إرثها وحتى بداية الربيع العربي قد اعتمد على الهيمنة العربية السّنّية. إلا أن الثورة الإسلامية في إيران وحرب الخليج الثالثة والاحتلال الأميركي للعراق وما رافقه من إعلان الأكراد في شمال العراق الحكم الذاتي قد هزّا هذه الهيمنة.
بروز القومية الكردية كأحد المكونات الرئيسية في المنطقة بالإضافة إلى القوميات الفارسية والتركية والعربية، وصعود الإسلام الشيعي بعد قيام الجمهورية الإسلامية في إيران ومنافسته للهيمنة السّنّية، بالإضافة إلى صعود وتزايد أدوار الأقليات الدينية والعرقية الأخرى في لعب أدوار على مسرح الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، تحوّل في منطقة وادي الرافدين وبلاد الشام، التي تعتبر منطقة تلاقي العوالم الفارسية والتركية والعربية ونقطة التقاطع بين الشرق ذو الحضارة الإسلامية والغرب ذو الحضارة المسّتمدة من التراث المسيحي، إلى حرب أهلية بين أقوام وطوائف وقوميات مختلفة. ذلك أن الخلافات السياسية الداخلية سرعان ما تأخذ أبعاداً قومية أو طائفية تؤدي إلى تفجّر العنف المسّلح في المجتمع، الأمر الذي يسّهل تدخّل قوى إقليمية ودولية لتنفخ النار في الرماد إما للبحث عن موطئ قدم أو زيادة نفوذ أو تحقيق مكاسب اقتصاديةٍ كانت أم سياسية. ودائماً على حساب دموع ودماء شعوب المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هو محمد مخبر الذي سيتولى رئاسة إيران موقتا بعد وفاة رئيسي


.. فرق الإنقاذ تنقل جثامين الرئيس الإيراني ورفاقه من موقع تحطم




.. هل ستكون لدى النائب الأول للرئيس صلاحيات الرئيس رئيسي؟


.. مجلس صيانة الدستور: الرئيس المقبل سيتولى مهام الرئاسة لأربع




.. ماذا سيختل بغياب الرئيس رئيسي عن السلطة؟