الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن إينانا، بنين، نبأ وعبير، عن الطفولة المستباحة في العراق..

شاكر الناصري

2013 / 5 / 5
حقوق الاطفال والشبيبة


كثيرة هي الجرائم والأحداث المروعة التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية، جرائمٌ بشعةٌ تقشعر لها الأبدان ويهتز لها الضمير الإنساني الحي. هذه الجرائم التي طالت الإنسان وحياته ووجوده وجعلته عرضة للإنتهاك والهتك في أية لحظة. إلا إنّ أبشع الجرائم، هي تلك التي وَجَدتْ في الأطفال وحياتهم وبراءتهم ساحة لها وكشفتْ عن حجمِ الوحشيةِ والساديةِ التي عصفتْ بالإنسان في العراق وحولته الى وحشٍ كاسرٍ ومفترسٍ ينقضُ في لحظات على ضحاياه من الأطفال الصغار ليفرغ كلّ ما في داخله من كبتٍ وأزمات وأمراض نفسية قاتلة تهددُ المجتمع ومستقبله.
ففي خلال عام واحد شهد العراق عدّة جرائم كان الأطفال ضحاياها ووقودها بعد أن تعرضوا للإختطاف والاغتصاب والقتل بدمٍ باردٍ يدللُ على العدوانيةِ التي تهيمنُ على المجرمين القتلة.
"إينانا" طفلةٌ بعمرِ خمسة أعوام، مريضةٌ بفتحتين وتضخم في قلبها الصغير، تُختطفُ ويطالب خاطفوها بفديةٍ ماليةٍ كبيرةٍ يتم تحريرها من الإختطاف فتموتُ من الرعبِ ومن تداعيات مرضها الذي يحتاج لعناية وعلاج.
"بنين" طفلةٌ بعمرِ أربعة أعوام، أخذتْ من جدّها مبلغ 250 ديناراً لأنها كانتْ تريدُ أن تشتري " نستلة" لكنّ ثمة وحش كان لها بالمرصاد فإختطفها وإغتصبها ثم أكمل جريمته فقتلها ومثل بجثتها بدم بارد . لكنها لم تتخلَ عن الـ 250 دينار التي استلمتها من جدّها حتى تشتري نستلتها وكأنها كانتْ تحاولُ إخفاءها في قبضةِ يدها الصغيرة عن هذا الوحش البشري.
" عبير" طفلةٌ بعمرِ أربعة أعوام تُختطف وتُغتصب وتُقتل من قِبل سبعة وحوشٍ آدميةٍ.
"نبأ" طفلةٌ بعمرِ خمسة أعوام، تُختطف ويتم شنقها والقاء جثتها الصغيرة في مجاري الصرف الصحي من قِبل مجرمٍ يحملُ كلّ الأمراض والعقد الاجتماعية والنفسية التي حولته الى وحشٍ آدمي مع وجود شكوك بقيامه بإغتصابها.
ليستْ هذه الجرائم هي الأولى التي يتعرضُ لها أطفالنا في العراق فقصص "سيمان" و"روداو" و"روان" و"علي" و"حسين" .....الخ قصصٌ مرعبة لا تختلفُ في معطياتها وتفاصيلها عن كلّ ما ذكرناه سابقاً ولا تختلف عن قصص الأطفال الذين عاشوا الرعب بسبب العمليات العسكرية او الذين تعرضوا للإغتصاب والقتل على يد القوات الأمريكية كما حدث مع "عبير الجنابي ذات الخمس عشرة سنة" التي اغتصبها أربعة من الجنود الأمريكيين ثم قتلوها مع عائلتها وأحرقوا المنزل لإخفاء معالم جريمتهم في منطقة المحمودية جنوبي بغداد في آذار من عام 2006، ولكنها لن تكون القصص الأخيرة. لن تتوقف هذه الجرائم التي تَكشفُ عن ساديةٍ ووحشيةٍ قل نظيرها، فما دام حال العراق على ما هو عليه، فأن تجارة القتل والإختطاف الرابحة ستتوسع وتزدهر. لقد جعلوا من الأطفال وقوداً في محرقةِ الموت ووسيلة لإحتقار الحياة وتفريغ الكبت والنزوات المدمرة.
مَن يستهدفُ الأطفال إنما يستهدفُ المستقبل ومسيرة الحياة في بلدٍ يختض في كلّ حين، يختض بفعل الإرهاب وصراعات الساسة وهشاشة الأمن وإنهيار قيم الاخلاق وتكاثر رغبة الانتقام مثل الفطر وأخذ الثأر من كلّ ما يشكل الحياة التي نعيشها. لعبةٌ كبيرةٌ هي لعبة الموت ولكنها تكشف حجم التداعي المريع الذي وصل اليه حال الناس في العراق، لا مبادئ ولا قيم أخلاقية أو اجتماعية وتربوية يمكنها أن تردع الخاطف والقاتل والمغتصب الذي يتحول الى مسخ لا يرتوي من الدم ولا تستثير آدميته صراخات الأطفال الذين يختطفهم ويتلذذ بإغتصابهم وقتلهم.
أنّ الدولة والمجتمع في العراق إزاء قضية حساسة وخطيرة جداً ولابد من الشروع في مواجهتها وإيجاد الحلول الرادعة لها. لابد من تشريع القوانين لحماية الطفولة والأستفادة من القوانين الدولية التي من الممكن لها ان تحمي المستقبل من مخاطر الإختطاف والقتل والإغتصاب وتوفير الحماية والحياة الآمنة لهم ولكن قبل كل هذا لابد من الإعتراف بحجم الدمار والإنهيار النفسي والمعنوي الذي أصاب الفرد في العراق بفعل الحروب والأزمات التي عصفت به فتحول الأنسان في هذا البلد الى كائنٍ مليء بالإمراض والعقد النفسية والاجتماعية التي تتغذى وتتزايد بفعل ما يحدث من قتلٍ وإرهاب وفقرٍ وأميةٍ وجهلٍ وسلطة الدين والطائفة والقيم العشائرية، لأن الإجراءات القانونية المتبعة بحق المجرمين والتي تتوج بإعدامهم غير قادرة على ردع الآخرين من ارتكاب جرائمهم بحق الأطفال، وأن الأمر بحاجةٍ الى مواجهةٍ إجتماعية وثقافية وتربوية شاملة وصريحة تكون موجهة أصلاً ضدّ الأسباب والظروف التي حولت العديد من الأشخاص الى وحوشٍ كاسرةٍ .
أنّ تكرار هذه الجرائم وكل جرائم الإرهاب التي تستهدف الأطفال في الشوارع والمدارس وفي البيوت وساحات اللعب يجعلنا نفقد الأمل بالحياة وبالمستقبل الذي يحترق بفعل قتل الأطفال، فكل ما نشاهده عبارة عن مسلسل رعب متواصل يزيد من قتامة ما نحن فيه .
الإنسان وحياته قيمة عليا وغير قابلة للمساومة او التجاهل فكم من الوقت سنحتاج لنعرف قيمة الإنسان ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غرابة وضياع وطن !!!
حسين طعمة ( 2013 / 5 / 5 - 17:44 )
Hussain Issa هذه تراكمات الوعي الجديد وارهاصات ثقافة محسوبة بدقة متناهية عزيزي ابا ديار ,لم نعرفها او نشهد لها مثيلا ايام الوعي الانساني المتنور طيلة تأريخ طويل .السؤال لم تحصل مثل هذه التراجعات والازمات والارتدادات في هذا الوقت بالذات ؟؟!!!يراد مراجعة شاملة لكل هذه التداعيات !!


2 - شكرا ل أمريكا تجردنا إلى طبيعتنا!
حميد كركوكي ( 2013 / 5 / 6 - 03:46 )
قلبي يا كاكه شاكر عندما أسمع كل هذه الجرائم لشعبنا المجانين! أمريكا سلخنا من جلدنا الأنساني والآن لنا الجلد الأصلي الحيواني الغابي الشرس، وشكرا لأمريكا جعلنا نذوب في سيارات مزاحمة ودخان ممل مميت، وشكرا لأمريكا سلخنا إلى أصلنا في جشع وطمع وسرقة وأسلمة مزيفة!!ألف شكر يا -عم سام” و ألف شكر يا أخ شاكر.


3 - العزيز شاكر الناصري
عبد الرضا حمد جاسم ( 2013 / 5 / 6 - 07:05 )
تحية و محبة و سلام
انها نتائج نمت على ثلاثة مراحل
الاولى الحرب مع ايران
الثانية الحصار الذي اوجدوه خصيصا لهذه النتائج
الثالث الاحتلال الذي توجوا به كل جهدهم ذاك
مزقوا الشعب وما يحمل من قيم
المسؤول امريكا ومن لف لفها و من صفق لها و ساندها حتى لو بقلبه
ماهو الحل لا اعرف لكني اعرف ان من ساهم في ذلك حتى ولو بالسكوت يجب ان يُحاسب او ان تفتح سجلات تدون فيه الاسماء عسى ان يكون ارشيف للمستقبل لتتم العوده اليه عندما يحين وقت الحساب
يجب ان يوثق كل شيء و ان يساهم بذلك كل متمكن من التوثيق
اكرر التحية


4 - رد من الكاتب
شاكر الناصري ( 2013 / 5 / 6 - 16:12 )
لانه وقت تراجع وازمات صديقي حسين وقد تكشفت الان وان تواصلها يهدد بالكثير من الضحايا.. لابد من مواجهة جادة وحقيقية مع مخلفات الحرب والحصار والاثار التي عشعشت في المجتمع ...محبتي


5 - رد من الكاتب
شاكر الناصري ( 2013 / 5 / 6 - 16:19 )
تحية محبة وسلام لك اخي عبد الرضا حمد.
نعم ان الازمات التي يشهدها العراق هي نتيجة طبيعية لمسار الحرب والخراب والحصار والدكتاتورية والاحتلال...الخ. وان ما نشهده من حوادث وجرائم الان ربما تكون قليلة اذا تم التغاظي عنها او تم التستر عليها بذريعة القيم والاعراف. بلاد كبير تضج بالموت والخراب وانهيار كرامة الإنسان الذي يفقد قيمته وامنه وسلامه لحظة بعد اخرى. الذين ساندوا وطبلاو لامريكا كثر صديقي ولكن ما نحن امامه الان كارثة حلها ومواجهة نتائجها مرهون بعمل كبير وجبار.
لابد من اعادة بناء الدولة وفق معايير واسس انسانية وحضارية صحيحة . الدولة التي تتمسك بالإنسان كقيمة عليها. وتضمن حقوقه وحرياته.
اكرر سلامي ومحبتي


6 - رد من الكاتب
شاكر الناصري ( 2013 / 5 / 6 - 16:19 )
تحية محبة وسلام لك اخي عبد الرضا حمد.
نعم ان الازمات التي يشهدها العراق هي نتيجة طبيعية لمسار الحرب والخراب والحصار والدكتاتورية والاحتلال...الخ. وان ما نشهده من حوادث وجرائم الان ربما تكون قليلة اذا تم التغاظي عنها او تم التستر عليها بذريعة القيم والاعراف. بلاد كبير تضج بالموت والخراب وانهيار كرامة الإنسان الذي يفقد قيمته وامنه وسلامه لحظة بعد اخرى. الذين ساندوا وطبلاو لامريكا كثر صديقي ولكن ما نحن امامه الان كارثة حلها ومواجهة نتائجها مرهون بعمل كبير وجبار.
لابد من اعادة بناء الدولة وفق معايير واسس انسانية وحضارية صحيحة . الدولة التي تتمسك بالإنسان كقيمة عليها. وتضمن حقوقه وحرياته.
اكرر سلامي ومحبتي


7 - رد من الكاتب
شاكر الناصري ( 2013 / 5 / 6 - 16:37 )
العزيزحميد كركوكي..تحية لك وشكرا للتعليق

اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع


.. كيف تنعكس الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟




.. كل يوم - مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: نسعى لتسل


.. مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: الوضع كارثي ومؤلم




.. مندوب جامعة الدول العربية: الجانب الأمريكي لا يريد أي دور لل