الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الآخر- في البرامج التعليمية

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 4 / 20
حقوق الاطفال والشبيبة


في الفترة التي أعقبت هجومات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة الأمريكية, كثر الكلام حول برامج التعليم العربية والاسلامية التي رأى باحثون أن لها علاقة ما بتخريج جيل من المسلمين المتعصبين الذين راحوا يجددون ويكرسون العداء مع العالم الغربي في الوقت الذي يروجون فيه فكرة احياء الاسلام المجاهد. وقد دعت بعض الحكومات الغربية , وعلى رأسها ادارة بوش , الحكومات العربية والاسلامية الى مراجعة مناهجها وبرامجها التعليمية مراجعة نقدية تستوفي شروط الحوار الحضاري مع "الآخر" لغربلة ما يدرس للأطفال وكأنه حقائق أزلية عن العلاقات بين البشر, خاصة حين يكونون من أديان مختلفة. وتلقت الأقطار المعنية هذه الدعوة , كل بالطريقة التي يراها مناسبة لمصالحه الخاصة. ولا يزال النقاش جار على نطاق واسع حول هذا الموضوع الذي خصصت له دولة مثل المملكة السعودية عدة لقاءات بين أعضاء النخبة المثقفة وأجيال الشباب, ذلك أن المقصود الأول كان هو النظام التربوي السعودي. بيد أننا لسنا واثقين أن هناك اختلافات كبرى مع البرامج التربوية الاسلامية في البلدان الأخرى. نعتقد على العكس,أن الانظمة التربوية في هذه البلدان ليست فوق الشكوك, وأنها قد تكون أيضا مسؤولة الى حد ما عن "توليد اليأس" لدى الاجيال الصاعدة, مما قد يقود الى الأعمال الانتحارية المبنية على فهم خاص للعقيدة الاسلامية. ومن الواضح أنه اذا كان أغلبية الارهابيين الذين شاركوا في اختطاف الطائرات الأمريكية يوم 11 سبتمبر 2001 سعوديين , فإن أغلبية أعضاء تنظيم القاعدة قادمون من مختلف الأقطار العربية والاسلامية وليسوا جميعا من المملكة السعودية. فهذه الأخيرة لا يمكن أن تكون مسؤولة عن وجود الارهاب في مصر أو السودان أو الجزائر أو باكستان , إذ أن هذا الكلام يعفي القائمين بالأمر السياسي في تلك البلدان من أية مسؤولية, وهو ما لا يعقل. ثم إن العديد ممن ينتمون الى تنظيم القاعدة قدموا من بلدان غربية , ولهم كذلك ثقافة علمانية عصرية. فهل المدارس والجامعات الغربية هي التي تعتبر مسؤولة عن تفريخ الارهاب أيضا؟ ومن ثم , أفلا تحتاج كذلك الى مراجعة برامجها وكتبها مراجعة نقدية لتقييم رؤيتها "للآخر" ( أي العربي أو المسلم)؟
نقول إنه لا يمكن الآشارة باصبع الاتهام الى السعودية وترك غيرها أو اعفاؤه من أي مسؤولية , عندما يتعلق الأمر بالارهاب الديني. ونقول "ارهاب ديني" وليس "اسلامي" لأن العنف والتمييز على هذه الأسس موجودان في أوروبا : القضية الايرلندية مثلا, وكل قضايا التعصب الديني , لا فقط في البلقان , وإنما أيضا في قلب الديمقراطيات الغربية . فالعاقل هو من يرى الجزء كجزء من كل , والكل كجامع للأجزاء, بحيث لا يمكن التغاضي في التحليل الموضوعي عما قد لا يقل أهمية عن الظاهر. ولا ننسى أنه في فلسطين مثلا تجتمع هذه الحقائق كما لم تجتمع في أي مكان آخر بعنف لا مثيل له , بسبب الاحتكاك القائم يوميا بين الديانات الكبرى الثلاث , على قاع من الاغتصاب والاحتلال واستعمال وسائل القوة محل العقل والحوار. ولا ننسى أن اسرائيل التي تدعي العلمانية, هي في الواقع دولة يهودية الطابع , وأن برامجها التعليمية أيضا تستحق المراجعة النقدية , وسنعود الى هذه المسألة قريبا, ان شاء الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ”قرار تاريخي“.. القضاء الفرنسي يصادق على مذكرة اعتقال بشار ا


.. هل بات التحريض على المهاجرين جزءا من الصراع السياسي في فرنسا




.. منظمة الفاو تحذر من ارتفاع خطر المجاعة في جميع أنحاء غزة


.. المرصد الدولي للجوع يحذر من خطر المجاعة والتدهور الصارخ والس




.. أكثر من 755 ألف شخص معرضين لخطر المجاعة خلال الأشهر المقبلة