الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الفاتح من ماي بالمدينة العمالية طنجة.

وديع السرغيني

2013 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


على هامش الفاتح من ماي بالمدينة العمالية طنجة.

حيث كان من الواجب واللازم، تواجد اليسار العمالي في قلب المشهد إلى جانب طليعة الطبقة العاملة المنظمة في اتحادات ونقابات ومركزيات تواجدا وازنا، قويا ومنظما.. خابت آمالنا وأحسسنا بالإحباط حيث وجدناه على الهامش. ضعيف الحزم والشكيمة، متخفيا ومتظللا بحركات الطلبة والمعطلين والحقوقيين والمهاجرين.. مؤكدا انفصاله وانعزاله عن الطبقة الاجتماعية التي يتطلع لتنظيمها وتأطيرها وقيادتها في نضالها من أجل التغيير الاشتراكي الحتمي والأكيد.
هذا المشهد المرعب، الذي حرّك في دواخلنا أكثر من سؤال، وعلى رأس الأسئلة، علاقة اليسار بالطبقة العاملة والنقابات؟ وهي علاقة لا تضيف لها أي شيء هاته المشاركات الباهتة لمناضلي اليسار المعزولين عن الطبقة العاملة، وفي مسيرتها الأممية.
فمن خلال ما عاينـّاه عبر مشاركتنا في الفاتح من ماي بمدينة طنجة العمالية التي تحتضن المئات من المعامل والمصانع والشركات والمؤسسات والورشات الصغيرة والكبيرة.. التي يُعتـّد عبيدها المأجورين بعشرات الآلاف.. تبيّن حقيقة حجم اليسار العمالي، وواقع حاله الضعيف والمتهلهل والهامشي.. حوالي العشر تيارات تدّعي كلها انتماءها لليسار العمالي، وضمنها طبعا الاتجاهات الماركسية والثورية.. تجمّعت في هذا اليوم العمالي المشهود بحثا عن موقع لها داخل هذه المسيرة العمالية الأممية، لتجد نفسها، وكما العادة وككل سنة، معزولة إلى جانب جمعية الشباب الجامعي المعطل، وثلة من الحقوقيين والمناضلين الجمعويين.. دون أية مراكمة تنظيمية أو تأطيرية لقطاع من قطاعات الطبقة العاملة.
مئات من العمال والعاملات تظاهروا ذلك اليوم ورفع البعض منهم شعارات قوية تطالب بالتغيير ومناهضة الاستغلال والاستبداد.. باستقلال شبه تام عن شبيبة اليسار وطلائع اليسار وقيادات اليسار، وهو وضع ينذر بالخطر ويرسم صورة قاتمة عن مستقبل اليسار وعلاقته بالطبقة العاملة المغربية وطلائعها.
فإذا كان اليسار العمالي بأوربا قد استرجع جزءا من قواعده وهيمنته على الشبيبة المدرسية والجامعية وعلى حركة المعطلين والنقابات وساكنة الأحياء الشعبية.. فما يعرفه اليسار بالمغرب وبمدينة طنجة بالذات من تراجع وتقهقر وتسيّب.. يُملي ويفرض على عموم اليساريين الوقوف بجرأة أمام هذه الأوضاع المختلة، بتقديرها وتقييمها، بغية إصلاح الاعوجاجات، والحد من الانزلاقات.. لإحداث قفزة ثورية في حال ومسار اليسار العمالي، خدمة لمشروع التغيير الاشتراكي.
فأصل اليسار كان، ولا زال مناهضا شرسا للنظام الرأسمالي وللطبقات المالكة البرجوازية، وبالتالي لا بد من حضوره المتفوق والمتميّز في الميدان الاجتماعي المكافح، إلى جانب جميع الطبقات والفئات الاجتماعية المقهورة والمحرومة، وعلى رأسها طبعا الطبقة العاملة، إلى جانب جمهور الشغيلة والمستخدمين والموظفين الصغار وفقراء الفلاحين والتجار والحرفيين والطلبة والمستهلكين والمعطلين..الخ وإذا كان اليسار قد افتقد العديد من حصونه وقلاعه التاريخية داخل الثانويات الكبرى، وداخل العديد من الكليات والجامعات، وبالتالي داخل الحركات التابعة لهذه المواقع والقلاع، من حركات تلاميذية وطلابية وجمعوية وشبابية معطلة..الخ فطبيعي جدا أن يكون هناك خللا فظيعا، لا بد وأن ينعكس على علاقة هذا المسمى يسارا، بحركة الطبقة العاملة وبطلائعها المنظمة داخل النقابات والاتحادات والمركزيات.
فهل هي مجرد أخطاء في الممارسة، أم هناك خلل في الرؤية والمرجعية، أم هناك أسباب أخرى أعمق تتعلق بطبيعة هذا اليسار وبظروف نشأته، ومسار تجربته وتطورها على مدى عقود من الزمن، عقود من النضال والكفاح والصمود، رغم همجية وشراسة القمع الذي تعرض له وعانى منه هذا اليسار؟
فبتسجيلنا لهذه الملاحظات التي تعنينا جميعا كيسار عمالي، وكماركسيين ثوريين، وكحركة مناهضة للرأسمالية ومناضلة من أجل إسقاط نظامها وتغييره، تغييرا جذريا اشتراكيا، لمصلحة الطبقة العاملة وحلفائها الطليعيين داخل الأوساط الكادحة والمهمشة والمحرومة، من فئات وطبقات شعبنا المناضل..الخ نواصل نداءاتنا المبدئية من أجل إعادة بعث اليسار العمالي كقوة سياسية، فكرية، اجتماعية، حية ومناضلة، قوة لها حضورها الميداني وارتباطاتها الاجتماعية والطبقية، ومبادراتها السياسية والكفاحية في ساحة الصراع الطبقي في جميع مجالاته ومستوياته.
فعلى مدى العشر سنوات الأخيرة تشكلت المبادرات العديدة في مجال تنظيم عمل اليسار وتوحيده، داخل الحركة الطلابية وداخل حركة المعطلين، وداخل الحركة النقابية وداخل الحركات النسائية، وداخل حركة مناهضة الرأسمالية، وداخل الحركة المناهضة للغلاء، وداخل حركة الدفاع عن الحريات..الخ حيث انخرطت في الحركات مجمل تيارات اليسار أو أغلبها، بشكل حماسي انتظرنا منها الكثير والجديد، أملا في تطوير النضال اليساري وتجذيره وتصليب عوده..الخ لكن وبالرغم من الإخفاقات وسيادة الهيمنة والتوظيف السياسي الضيق ـ مثلما وقع بجمعية أطاك، وداخل تنسيقيات مناهضة الغلاء وبحركة العشرين من فبراير، وحركة النقابيون الديمقراطيون ـ ما زالت العديد من الأصوات اليسارية الصادقة تناضل وتطالب بوحدة اليسار الجذري المناضل وباصطفافه داخل تنسيقيات وجبهات للنضال الطبقي والاجتماعي، ضدا على السياسات الرأسمالية ومخططاتها، ومناهضة للنظام الرأسمالي وتقوية العداء ضده باعتباره أصل الشرور وأصل المعانات والحرمانات كلها..الخ وهو الشيء الذي ندعمه ونؤيده كتيار ماركسي لينيني وكخط بروليتاري مناضل من داخل الحركة الماركسية اللينينية المغربية، محتفظين لنفسنا بحق النقد والانتقاد لجميع التيارات الانتهازية اليمينية واليسارية، داخل هذا اليسار نفسه، ومشهـّرين كذلك بجميع الاتجاهات التي تتخذ الجبهوية والعمل الوحدوي شعارا لها حين تكون في وضع الأقلية، وهو عكس ما تتخذه في حالة الأغلبية، حيث السباق والهرولة نحو المقاعد لبسط الهيمنة وإقصاء الأقليات المعارضة لتوجهاتها ـ حالة المؤتمر الأخير للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحالة المؤتمر الثاني لجمعية أطاك، وحالة الملتقى الرابع للتنسيقيات المناهضة للغلاء..الخ ـ
4 ماي 2013
وديع السرغيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام