الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية البحوث العلمية

حسين جلبي

2013 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


يخيل للقلة القليلة الغير عارفة بطبائع النظام السوري بعد، أو تلك التي تتجاهل طبيعته الإجرامية لغاياتٍ مُختلفة، و هي إذ تسمع عقب كل إعتداءٍ إسرائيلي على الأراضي السورية، من ديرالزور إلى دمشق و ما بينهما، من إن الإعتداء قد إستهدف مركزاً للبحوث العلمية، و من إن النظام يحتفظ بحق الرد في الزمان و المكان المُناسبين، يخيل لهؤلاء بأنهم أمام نظام يمتلك أقصى درجات الحكمة و التروي و الحرص على مواطنيه، و إنهُ قد جعل من سوريا مختبراً علمياً كبيراً يقوم من خلال إختراعاته المتقدمة فيه على خدمة الإنسانية، و تزويد البشرية بعُلماء أفذاذ في مُختلف التخصصات.
و الحال أن النظام السوري هو أبعد ما يكون عن العلوم و مراكز البحث العلمي، اللهم إلا تلك الخاصة بتزويد آلات قتله بأسباب الإستمرار، و مراكز أُخرى مخابراتية خاصة بعلم الإجرام، تفنن فيها و أبدع بحيثُ بات من الصعوبة بمكان العثور على منافسٍ لهُ في عالمنا المُعاصر، لدرجة أن دولة مثل الولايات المُتحدة، أُضطرت في وقتٍ ما إلى اللجوء إلى خدماتهِ لإنتزاع إعترافات من موقوفين لديها في مُعسكر غوانتانامو.
و الحقيقة هي أن النظام السوري قد بلغ، إلى جانب إجرامه بحق الشعب السوري، مرحلةَ من الهوان يصعب تصورها، و ها هي إسرائيل تسقيه بُكرةً و عشيا من كأس الذل دون أن يمتلك و حلفائه من وسائل الرد سوى الصراخ أمام المايكرفونات على عكس ما يواجه به الشعب السوري الذي ثار عليه، فقد كان للهجوم الإسرائيلي هزات إرتدادية تمثلت بلطماتٍ على وجوه حلفائه من حزب الله الذي إلتزم الصمت بسبب إنشغاله في الفترة الأخيرة كما يقول بواجبه الجهادي في القصير و الريف الحُمصي، إلى إيران التي تعتقد أن الخطر على هلالها الشيعي يأتي من قاطني الأرض التي يتموضع عليها، و أخيراً روسيا التي لن تجرؤ على الخوض في إنتقاد الهجوم الإسرائيلي ـ هذا إذا لم تكن على علمٍ مُسبقٍ به ـ في الوقت الذي تقف فيه سداً منيعاً أمام النسمة خشية أن تزعج حليفها الوحيد في المنطقة.
لقد غير الهجوم الأخير من الطيران الإسرائيلي على مواقع أسدية بعضاً من روتين القتل اليومي في سوريا و حرك شيئاً ما في النفوس حتى و إن كان من باب (اللهم أهلك الظالمين بالظالمين)، لذلك سعى النظام السوري منذُ البداية إلى تجاهله كي لا يكشف عن عورته و عن ضعفه أمام شعبه، من جهتها رغبت إسرائيل من خلال الإعتراف السريع بالهجوم بتفاصيله المعروفة إلى تأكيد يدها الطولى في المنطقة و إرسال رسائل قوية إلى إيران التي يُشكل الأسد خاصرتها الضعيفة، فقد كان يُمكن لها ـ و هو ما تفعله حتى اللحظة ـ أن تُشجع على إبقاء الوضع في سوريا على هذه الحال إلى أن يتلاشى آخر حجر فيها، لكن ما لا يُمكن أن تغض الطرق عنهُ هو أن تصبح إيران نووية على حدودها الشمالية، فقد وجدت إسرائيل نفسها في نهاية الأمر بين خيارين أحلاهما مُر، فإما ترك الأسد لشعبه و هذا يعني التضحية بنظامٍ حمى حدودها لمدة أربعين عاماً و نفذ مهمتها في سوريا و المنطقة دون مُقابل، أو القبول ببقائه و لكن من خلال وصول الإيرانيين إلى حدودها، ذلك أن بقاء الأسد بالإعتماد على نفسهُ لم يعد ممكناً دون إيران أو حزب الله، و هذا ما يُفسر بدء إسرائيل بالتخلص من الترسانة السورية التي لا تُغير في موازين القوة على الأرض بين النظام و الثوار من جهة، و التي تُشكل خطراً عليها في حال سقوط النظام و وقوعها في أيدي النظام الذي سيخلفه من جهةٍ أُخرى، و هكذا فقد شكلت الهجمات الإسرائيلية في المُحصلة فألاً سيئاً للنظام السوري و إشارةً واضحة على إستحالة بقائه إن لم يكُن سقوطه القريب.
لقد أدمن النظام السوري في مواجهة قصف إسرائيل المتكرر لهُ لعب دور النعامة، فها هو يدفن رأسهُ مُجدداً في دماء السوريين، هذه الدماء التي ستغرقهُ في نهاية المطاف، سواءٌ خوفاً من رفع رأسه لمواجهة الأعداء، أو من خلال الإستمرار في سفك الدماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال