الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُستكبرون

امال قرامي

2013 / 5 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تَسلُّلُ الإرهاب إلى تونس حقيقة لا مرية فيها.. ومع ذلك يصرّ الحكّام الجدد على التقليل من شأن نشاط تنظيم القاعدة بشمال إفريقيا فى تونس، همّهم الأوّل ألا تتحوّل هذه الظاهرة إلى موضوع «تجاذبات سياسية» وإثارة بالنسبة إلى الإعلام، ولذلك كان أوّل تصريحات رئيس الحكومة «العريّض»: لا للتهويل.

ما جرى خلال هذا الأسبوع فى تونس من استهداف لقوات الأمن (زرع الألغام) أدّى إلى تعرّض عدد من الجنود إلى إصابات بليغة وصلت إلى حدّ بتر الأعضاء، يثبت أنّنا انتقلنا من مرحلة كانت تعتبر فيها تونس مجال عبور للجماعات المسلّحة إلى مرحلة مواجهات ميدانية تستهدف التونسيين وتعبث بأمنهم وتبدّد توقهم إلى الاستقرار وحلمهم بإنجاح المسار.

وبالرغم من هذا الخطر الحقيقى الذى يهدّد بنسف مسار التحوّل الديمقراطى فإنّ تعامل القيادات السياسية مع هذا الملفّ يثير العجب ويؤكّد مرّة أخرى أنّ القوم يكابرون ولا يريدون الاعتراف بالأخطاء المرتكبة فى حقّ العباد والبلاد لاسيما وانّ الخبراء نبّهوا منذ مدّة، إلى خطر الجهاديين وما سيترتب على تخزين الأسلحة فى المنازل والمساجد وغيرها من الفضاءات من نتائج وخيمة تعرقل مسار بناء الجمهورية الثانية.

لقد احتجب رئيس الدولة مفضّلا الصمت والتفرّغ لكتاباته والعمل بالقول التونسى المعروف: «لو كان الكلام من فضّة يكون السكات ذهب» ولم يختلف موقف رئيس الحكومة عن موقف المرزوقى إذ إنّه آثر، هو أيضا السلامة على مواجهة أسئلة الإعلاميين وتقديم المبرّرات. وبما أنّ روح «التوافق» تجمع بين أنصار النهضة وأنصار حزب المؤتمر فإنّ هؤلاء أجمعوا على أنّ الاحتجاب عن الجماهير قرار حكيم وله فضائل لا تحصى.


أمّا أبرز قيادات النهضة فقد كانت منشغلة بالحدث الجلل: قدوم الداعية المصرى محمّد حسّان فاتحا بلاد «بنى علمان» ومعلّما التونسيين أصول دينهم. وممّا لاشكّ فيه أنّ العمل الدعوى أهمّ بكثير، فى نظر هؤلاء، ممّا يحدث فى «جبل الشعانبى» من كرّ وفرّ بين قوّات الأمن والجماعات المتشدّدة.


غير أنّ المتأمّل فى مطالب من هلّلوا وكبّروا لقدوم الشيخ حسّان وقبّلوا الأيادى ينتبه إلى وجود وشائج بين الحدثين فالذين تدافعوا من أجل رؤية الشيخ طالبوا بتطبيق الشريعة وإقامة دولة إسلامية مثلهم فى ذلك مثل من تجمّعوا فى الجبل ساعين إلى تغيير النظام بالقوّة. وهكذا تلوح فى الأفق ملامح مخطّط بات واضحا: إنّه التدافع السياسى والاجتماعى والدينى فى أبرز تجلياته فى انتظار لحظة الحسم.

ونظرا إلى خطورة المنعرج الذى تمر به تونس فإنّ دور مختلف مكوّنات المجتمع التونسى سيكون جوهريّا إذ لا يمكن الاكتفاء ببيانات التنديد والاستنكار أو الصراخ والعويل أو نظم البكائيات وإنّما يتعيّن على مختلف الجمعيات والهيئات الحكومية وغير الحكومية ومختلف الأحزاب التكتّل من أجل بثّ الوعى فى صفوف التونسيين الذين ينخرطون فى العمل الجهادى ظنّا منهم أنّه عمل يؤجر عليه المؤمن لاسيما وأنّه سيطهّر البلاد من الكفار حتى وإن كانوا تونسيين.


وبالإضافة إلى ذلك ينتظر من الجميع التوحّد من أجل محاصرة الظاهرة أمنيّا وثقافيا واجتماعيا إذ لا يكمن الحلّ فى المعالجة الأمنية فقط وإنّما يتطلب الأمر تكثيف جهود جميع الأطراف من إعلاميين ومثقفين وسياسيين وغيرهم من أجل حماية البلاد وإنقاذها من خطر داهم قد يحوّل وجهة مسار البناء وينسفه من الأساس.


يأمل التونسيون والتونسيات أن تخفّ وتيرة الاستقطاب وأن تتوارى الخلافات السياسية وأن لا تكثر المزايدات بين الأحزاب التى بدأت حملاتها الانتخابية مبكّرا. فحين يتعلّق الأمر بمصير الوطن لا وقت للعتاب والنقد والشتم والسباب.. قد دقّت ساعة العمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر