الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية الأحزان

ساطع راجي

2013 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمر ليل العراق منذ عدة أسابيع الا وهو يسلم صباح البلاد حزنا جديدا طازجا ملوثا بالموت، فاجعة يتبقى طعمها حتى يسلمنا مساء لفاجعة أخرى، فيضانات تجتاح القرى وتبدد الموسم الزراعي وتهجر الفقراء وتهدم منازلهم وتمنحهم هموما جديدة، قتل واصطياد ارهابي للمصلين، مفخخات تنثر رواد المقاهي اشلاء، فضائح وتناحر طائفي وتصعيد، مكونات تهرول الى الفتنة وحكومة تسابق المتطرفين في التصعيد ولا تخجل من معارك الدرابين على طريقة الشقاوات، نواب يدافعون عن الفشل وكأنهم يدافعون عن التجربة الالمانية أو النموذج الياباني في مقابل نواب يتسلون باشعال الازمات ويتحرشون حتى بالشجر والحجر، ليقال "إنهم مؤثرون".
بلادنا تستحق الرثاء هذه الايام، فالعالم مشغول بها، دول ومنظمات وإعلام، كلها تحذر من الكارثة التي نسير اليها بسرعة في مقابل غياب أي مبادرة فعلية لتجاوز الازمة بل ان من يتوجب عليه العمل لايجاد الحلول إنغمس هو أيضا في مستنقع الطائفية والتحريض والتهديد، وفي مقابل جماعات عنف خارجة على القانون، ترعى السلطة او تغض الطرف عن جماعات صاعدة بالمقابل، وكأنها تقول (واحدة بواحدة)، لا أحد يسمو على الحضيض والوحل اللذين تغرق فيهما الممارسة السياسية التي تحولت على يد عباقرتنا الافذاذ الى فن اختراع المشاكل.
بلاد تستحق الرثاء، وأنت ترى مواطنين في القرن الحادي والعشرين يخاطبون زعيما حزبيا أو سياسيا فاشلا مر الى السلطة على جناح الصدفة، قائلين له (كلنا فداء لك)، أو من قبيل (سر ونحن من وراءك) رغم ان لا شيء وراءه منذ سنوات غير المصائب والفشل والفساد والفضائح، جماهير ترى في بعض المتخلفين عقليا الذين يفشلون منذ سنوات ويخرجون من فضيحة الى أخرى، ترى فيهم كائنات فذة تمتلك قدرات سياسية خارقة، وهي التي ستنقذنا مما نحن فيه رغم ان هؤلاء المتخلفين هم تحديدا مصدر ما وصلنا إليه.
جمهورية الاحزان التي نعيش فيها اليوم تشبه قرية جنوبية اجتاحها الفيضان وبقيت حيواناتها تائهة تحدق في الخراب الذي يهددها بلا أمل، قرية مهملة، بلا طرق معبدة ولا كهرباء ولا مستوصف ولا ماء صالح للشرب ولا دعم لزراعتها، رغم انها تتربع على خزائن النفط بل ان مخلفات انتاج النفط تأكل ما تبقى من أراضيها الصالحة للزراعة وتخنق سكانها العاطلين من كل شيء الا من أسلحة تنام في البيوت البائسة بانتظار (طلابة) عشائرية لتزغرد بالموت، لكن أصابع القتل وأذرعه لا تعرف كيف تواجه السيول قبل أن تصل البيوت كما لاتعرف انتاج أي شيء آخر، الا يستحق هذا الحال الحزن والرثاء، والعراقيون مبدعون في المراثي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو