الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيام الجد و النشاط 3

بوزيد مولود الغلى

2013 / 5 / 8
الادب والفن


انشق فجر موسم دراسي جديد ، وقد امتلأت القرية الصغيرة بالتلاميذ والمعلمين و العساكر ، وساق القدر معلمين من شمال المملكة إلى قسمة الشعور بالكينونة في خطوط التماس بين المتحاربين مع من بقي بالقرية من المدنيين ، فكثير من الأسر هاجرت إلى مناطق أكثر أمنا ، وخاصة مدينة إيفني الساحلية التي شدت إليها الرحال عمة زيد وأسرتها ، وانضمت أسر أخرى إلى قائمة المهجرين قسرا بفعل الحرب إلى مدن مجاورة تنعم بأمن وسلامة من القذائف والرصاص الطائش والقنابل المنهمرة على حين غرة التي أودت إحداها بضاحية القرية – الزاك- بحياة أحد رجال الدرك ، وتركت حفرة انبجست منها عين تفيض ماء زلالا ، درج الناس على تسميتها بعوينة " جدارمي "، نسجت حولها حكايات أقرب للأساطير ...

التحق زيد بقسمه الجديد بعد أن اصطف مع لفيف من التلاميذ لأداء تحية العلم الوطني التي يُفتتح بها كل صباح من صباحات المدرسة .

كان الفصل مكتظا للغاية بالتلاميذ ،واقتسم المعلم "باخة "مع زميله "مصطفى" العدد مناصفة تقريبا، وجمعت القرعة زيدا وثلة من زملائه في قسم المعلم الوافد الجديد " مصطفى"....

معلم أنيق جدا،اكترى بيتا بجوار منزل زيد الذي انتهزها فرصة للتزلف والتقرب منه.كان بيت المعلم أفضل بيوت الحي،إذ يسكن الطابق العلوي،ويملك كلبا سمينا على غير عادة أهل البلد.

كان للمعلم أخ يتحدث القاصي والداني عن كرمه وسخائه،ضابط في الجيش( lieutenant)، وكان شقيقه المعلم متاثرا به إلى حد كبير ،إذ كان على خلاف بقية المعلمين يلزم التلاميذ بالوقوف أمام العلم بساحة المدرسة كل صباح لأداء التحية وترديد النشيد الوطني،قبل أن يسير الصف يدا على كتف في اتجاه القسم.

كان المعلم مصطفى أنيقا مختالا يطأ على أطراف رجليه،وكان شديد الانضباط حازما صارما لايتردد في ضرب "الكسالى" على الأرجل (الفلقة).

بعد شهور من بداية السنة الدراسية،انتدب سعدا ليكون مكلفا بالقسم،وسلمه دفترا يسجل فيه كل شادة وفادة:العقوبات والتبرعات.كان يلزم التلاميذ بجمع فضول دراهمهم لإعانة المحتاجين منهم.وما أقل ما كان يجمع!!

كان سعد شديد الخوف من معلمه الذي قربه إليه ورأسه على أقرانه،،،بعثه يوما مع زميل له (البشير) ليبحثا له في الخلاء عن كلبه المفقود! فظل الطفلان يعدوان تحت لهيب الشمس الحارقة ، وعادا صفر اليدين...

كان سعد تلميذا نجيبا نابها في قسمه حصل على إحدى الرتب الأولى ونال جائزة (لا يزال سعد يحتفظ بها إلى عهد قريب)،ولذلك كان المعلم مصطفى يعول عليه كثيرا في كل الانشطة ، وأزمع أن يشارك مع زملاء له في أداء مسرحية هذا مطلعها:

اخيرا،دقت الساعة! دقت بعنف ! ماتت الغربة وافتر ثغر الزمان عن البسمة العريضة.أين السزاعد؟ نحن هناننحن هنا،بناؤنا سيرتفع سيواكب الثريا سيقف عملاقا يباهي الزمن!

انتهى الموسم الدراسي 79/80،وحاز سعد على جائزة عبارة عن تلاوة باللغة الفرنسية (lecture) ، غير انه لم ينتفع بها دراسيا،إذ كان من سوء حظه أن المقرر قد تم تغييره بشكل نهائي،وذلك إثر بداية سياسة التعريب.فقد كان المعتاد ان يدرس تلاميذ الابتدائي الثاني (الثالث ابتدائي) الرياضيات باللغة الفرنسية،غير أنه تم العدول عنها إلى اللغة العربية،فظهر أول كتاب رياضيات باللغة العربية لهذا المستوى، وتم إلغاء التدرس بباقي الكتب حيث درجت الوزارة على ذلك فيما بعد،أي أصبحت تغير المقرر كل سنة بعد ذلك الحين!. ولكن، رغم ذلك تم الاحتفاظ بأقسام تدرس الرياضيات بالفرنسية وهي أقسام المكررين الذين اخفقوا في النجاح واجتاحتهم موجة التعريب!.

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??