الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية

دنيا الأمل إسماعيل

2005 / 4 / 21
القضية الفلسطينية


أثار إعلان حركة حماس المشاركة في الانتخابات القادمة للمجلس التشريعي الكثير من الدهشة والتساؤلات حول خطابها السياسي الجديد، وهي تساؤلات تبدو مشروعة في سياق العملية الديموقراطية، وما توفره من قراءة موضوعية من سلبيات أو إيجابيات هذا التحول.
ويرجع الاهتمام الرسمي والشعبي والدولي بهذا الإعلان من قبل حركة حماس، إلى رفض الحركة السابق المشاركة في الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 96، باعتبار أن المجلس التشريعي نتاج لاتفاقات أوسلو وملتزم بسقف هذه الاتفاقات، التي لم توافق عليها الحركة كأساس لتسوية الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي، لذلك قاطعت تلك الانتخابات مؤكدة في الوقت نفسه على استمرار نهج المقاومة.
والحق أن إعلان حركة حماس المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة يمثل انعطافة تاريخية في فكر الحركة السياسي سيؤثر بالضرورة على أدائها السياسي وأيضاً في شكل وبنية حماس الداخلية.
وشرعت حماس منذ إعلانها هذا إلى التأكيد على عدم تخليها عن خيار المقاومة، وعدم قبولها التحول إلى حزب سياسي، في إشارة واضحة إلى المزاوجة بين المقاومة المسلحة والعمل السياسي، والتأكيد على أنها لا تستند في موقفها إلى اتفاقيات أوسلو الذي تخلى عنه حتى موقّعوه.
بديل أوسلو
منذ تم الإعلان عن فتح باب تسجيل الناخبين لإجراء الانتخابات الرئاسية أصدرت حماس بياناً في سبتمبر عام 2004 دعت فيه أنصار الحركة إلى التسجيل في كشوف الناخبين، تحت عنوان الدعوة إلى الإصلاح، في إشارة إلى حالة السلطة وضرورة إصلاح مؤسساتها.
وعلى الرغم من الفتوى السابقة التي أصدرتها الحركة بتحريم المشاركة في الانتخابات نراها اليوم و تماشياً مع مقولة: "أن الفتوى تختلف زماناً ومكاناً وحتى أشخاصاً" تقفز عن مواقفها السابقة لصالح موقف آخر جديد، يتناقض كليةً مع تصريحات قادتها السابقة.
بل على العكس من ذلك نرى عضو القيادة السياسية لحماس د. محمود الزهار يؤكد في أحد تصريحاته على قبول حماس "بدولة فلسطينية على أي شبر، ولكن مع عدم التنازل عن فلسطين بكامل حدودها التاريخية"، ما يجعل البعض يعتقد أن موقف حماس من المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة يمثل مرحلة مؤقتة لإدارة قطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي، أكثر من كونه إدارة دولة فلسطينية مستقبلية، وفي هذا تجاوز سطحي للكثير من التساؤلات الأساسية التي تدور حول التعارض بين فكر حماس ومسار التسوية المفترض أن تلتزم به الحكومة الفلسطينية والمجلس التشريعي القادم.
ولعل التعديلات الأخيرة في قانون الانتخابات وفي زيادة عدد أعضاء المجلس التشريعي كان في صالح حماس بعد أن تجاوز القانون العدد المحدد لأعضاء المجلس الذي نصت عليه اتفاقية أوسلو، ما جعلها تستخدم هذه الورقة بنجاح في ممارسة دور سياسي، في ظل تحولها نحو المعارضة من داخل الحكومة التأثير في القرار السياسي الفلسطيني تحت عنوان حماية الحقوق الفلسطينية ومواجهة فساد السلطة، خاصة وأن قبولها المشاركة في الانتخابات يعني قبولاً بأن يصبح شريكاً في السلطة وتلتزم بالتزامات السلطة داخلياً وخارجياً، وهو ما لم يثبت حضوره بعد..
العمل السياسي بدلا عن المقاومة
إن انخراط حركة حماس في العملية السياسية، يعد تراجعاً-من قبل البعض- عن خطابها السابق الموجّه للشارع الفلسطيني وينحرف بشدّة عن الأهداف التي رسمتها الحركة وفق أجندة الجهاد لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وأصبحنا اليوم نقرأ ونسمع ونشاهد، بعض قادة الحركة وهم يتحدثون عن هدنة طويلة الأمد، وقبول تكتيكي بدولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 وهو غير ما يعلن عنه بعض القادة من نجاح الحركة في المزاوجة بين العمل السياسي والاجتماعي وبين "الجهاد المسلح" ضد العدو الصهيوني.
إذ أن قرار المشاركة هنا ليس مجرد تقديم خدمات اجتماعية للمواطن الفلسطيني، ولكنه قرار هدفه الأساسي الدخول إلى قاعة المجلس التشريعي القائم على أساس نظام سياسي يتفاوض مع إسرائيل بناءً على اتفاقيات ترفضها حماس، وفي تأكيد الحركة على عدم تحولها إلى حزب سياسي ناتج عن سوء فهم وخلط واضح بين أهداف الحزب السياسي، وأهداف حركات المقاومة، وهو ما أوقعها- حقيقة- في فخ التصريحات والتبريرات المتناقضة، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الآلية الفكرية والسياسية التي تستخدمها حماس في تفسير سلوكها الجديد ومدى "برامجيتها" في ظل التغيرات السياسية الجديدة، خاصة بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات، واستشهاد القيادات الكبرى في الحركة، وهل يمكن لهذه الآليات أن تتغير إذا تغيرت الظروف والوقائع.
بعد الانتخابات
إذا فازت حماس في الانتخابات القادمة، فإن هذا يفرض عليها أن تتعاطى مع جملة من الالتزامات الخاصة بتسوية الصراع مع الاسرائيليين في ظل تصاعد حالة الإحباط الشعبي من الأوضاع الحالية، وتنامي خيار الحل السلمي بدرجة أعلى من خيار العمليات الاستشهادية، وربما هذا السبب يعد واحداً من أهم الدوافع التي وقفت وراء التحولات في مواقف حماس السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و