الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسباب انتشار الشيوعية في عراق ما قبل 14 تموز

وصفي أحمد

2013 / 5 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



( الحلقة العاشرة من تأسيس الحزب الشيوعي العراقي )
أصبحت الشيوعية في الاربعينيات عاملاً من عوامل الحياة في العراق و اندفعت إلى الصف الاول بين الحركات السياسية . في نيسان ( أبريل ) 1949 كتب بهجت العطية , رئيس الشرطة السياسية ( مديرية الأمن العام ) , يقول : (( انتشرت العقائد الشيوعية انتشاراً واسعاً في المدن الكبيرة ... إلى درجة أن الحزب اجتذب إليه في ايامه الاخيرة ما يقرب من خمسين بالمئة من شباب الطبقات كافة ......)) و احتاج العطية إلى عدة أشهر لتحطيم كل منظمات الحزب المهمة .
ولكن الشيوعية كانت بعيدة عن الموت , و أصبحت في الخمسينيات أكبر قوة , وأثرت بلاغتها و طباعها و طريقتها حتى على تفكير معارضيها . وفي السنوات الأخيرة من العهد الملكي صار حزب الاستقلال اليميني , و بالرغم من ابتعاده عن الروح الماركسية صار يتحدث و يرطن بطريقة ماركسية . و في سنة 1951 , وقبل أن يتعلم العامّة التمييز بين ( الاشتراكية ) و ( الشيوعية ) سمّى صالح جبر , الذي كان ذات مرة رئيساً للوزراء , و المستند كلياً إلى ملاك الأراضي و المشايخ القبليين أشباه الاقطاعيين , الحزب الذي أسسه (( حزب الأمة الاشتراكي )) , و لم يكن إلا واحداً من كثيرين لبسوا في ذلك العقد عباءة الاشتراكية بأمل كسب نوع من الشعبية .
و كانت عوامل عديدة قد مهدت التربة لنمو الشيوعية في التربة العراقية في العهد الملكي الذي تميز بعدم الاستقرار , الذي لم يكن مظهراً خاصاً بهذا العهد , بل كان حالة مزمنة في العراق . والواقع أنه كان أكثر حدة في القرن التاسع عشر و القرون السابقة , و كانت جذوره تمتد إلى حقيقة اجتماعية واحدة تشمل كل ما عداها , وهي أن العراق كان , و يبقى , و إن بدرجة أقل – بلداً لكثير من القبائل و الطوائف و الأعراق المختلفة ذات الآراء المختلفة و الانفعالات المتباينة . و بشكل أكثر تحيداً , فإن عدم الاستقرار كان نتيجة طبيعية لعدم حسم الصراع المزدوج والطويل الأمد – الذي امتد لوقت لا بأس به من هذا القرن – بين المناطق الصغيرة للاستيطان الدائم – المدن النهرية – و رجال القبائل الرحل أو أشباه الرحل في السهول و الجبال المحيطة على الأقاليم المنتجة للغذاء أو القابلة للزراعة , من ناحية , و بين المدن النهرية الرئيسية , بغداد , و البلدات الأصغر ذات العقلية الاستقلالية , من ناحية أخرى . و كانت إحدى نتائج هذه الأوضاع ذات الأهمية الخاصة بالنسبة إلى دراستنا هذه هي النظر إلى حكومة بغداد , المحطّمة ( بكسر الطاء ) تقليدياً للقبائل و للمدن – الدول , باعتبارها عدواً . و بالإضافة إلى هذا , وفي بغداد نفسها , كان الحكام ينعزلون إلى حد كبير عن أولئك الناس الذين يمارسون ارادتهم عليهم , و كان السبب في ذلك يعود إلى كونهم ميالين للاستبداد و العنف و إلى عدم تحسسهم عموماً بمشاعر رعاياهم . و كانت السمة السنية للحكومة , التي جعلتها رمزاً لاغتصاب السلطة لدى الأغلبية الشيعية , قد حولت العداء الشعبي إلى فعل إيمان . و أدى الهرب من الحكومة – كالهرب من الحرارة الحارقة – إلى تكوين بلدة سرية في النجف , حيث صار جزء من هذه المدينة يقبع في أعماق الأرض , و من الواضح أن هذه الحالة توفر فرصاً لا محدودة للحركات السرية . و باختصار فقد أصبحت المعارضة للحكومة مسألة غريزية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة - لبنان بعد اغتيال نصر الله • فرانس 24 / FRANCE


.. عاجل | نتنياهو: مقتل نصر الله سيغير موازين القوى لسنوات في ا




.. بدأت باختراق تردداته.. إسرائيل ترسل رسائل مبطنة باستهداف مطا


.. نتنياهو: تصفية نصر الله هي الشرط الأساسي لعودة مواطنينا إلى




.. موازين | الاحتلال وحق مقاومته