الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية الراعي والذئب واسلوب تعاطي القيادة الكوردية مع القضايا القومية!

قاسم محمد علي

2013 / 5 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بتوجيه وأوامر السيد رئيس إقليم كوردستان تم سحب الوزراء والنواب الپرلمانيين الكورد في بغداد في شهر آذار من هذا العام كردة فعل لخلافات رئيس الإقليم مع المركز حول إقرار الموازنة الإتحادية لعام 2013 وتقليل حصة الإقليم من الموازنة.
زار مؤخراً، في نهاية نيسان، وفد إقليم كوردستان برئاسة رئيس الحكومة السيد نيجيرفان البارزاني بغداد وإجتمع مع الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الإئتلاف الوطني وكذلك عقد إجتماعاً مع رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي. حسب تصريحات القادة والمسؤولين الكورد وإستناداً الى المصادر الكوردية الحزبية تم الإتفاق على 7 نقاط لمعالجة جميع القضايا الخلافية بين إقليم كوردستان والمركز، وعلى ضوءها قررت القيادة السياسية الكوردستانية وبموافقة رئيس إقليم كوردستان يوم الاربعاء الأول من مايس، إنهاء المقاطعة وإعادة الوزراء والنواب الپرلمانيين الكورد الى بغداد فوراً ومزاولة مهامهم داخل الحكومة والپرلمان! ان النقاط السبع تمثلت بـ"تعديل قانون الموازنة العامة للعام الحالي، وحسم قانون النفط والغاز، وحسم مسألة قيادة عمليات دجلة مع اعادة ترسيم الحدود الإدارية للمناطق المتنازع عليها الى جانب تعويض عوائل المؤنفلين وضحايا القصف الكيمياوي والإدارة المشتركة لمسألة منح التأشيرات والمطارات من قبل حكومتي المركز والاقليم، فضلا عن تعيين ممثل لحكومة الإقليم في بغداد وممثل للحكومة الاتحادية في اربيل للتنسيق وتبادل المعلومات". من الضروري أن نؤكد هنا، انه تم التطرق الى هذه القضايا لكن ليس هناك إتفاق. تطور العلاقات السياسية في المستقبل القريب بين إقليم كوردستان والمركز سوف يكشف لنا تفاصيل هذه المفاوضات وهل حقاً القيادة الكوردستانية مصممة هذه المرة على حسم القضايا القومية الخلافية والمتعلقة بالأرض والحقوق القومية المغتصبة للشعوب الكوردستانية في العراق وإسترجاع المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم الى حدوده الإدارية، ام إنها فقط تستخدم هذا المطلب كورقة ضغط على المركز من أجل تحقيق اهدافها الكامنة وأولوياتها السياسية المتعلقة بعقودها النفطية وصادراتها النفطية والتي تذهب إيراداتها الى حسابات القيادات الكوردستانية لتمويل مؤسساتها الحزبية ولتوسيع نفوذ إمبراطورياتها الحزبية)؟

تعودنا دائماً ان نأخذ الحقيقة من المصادر الخارجية او من القنوات العراقية ذات العلاقة بالأحداث، لأن القادة والمسؤولين الكورد على ما يبدو مصممون على ان لا يصارحوا الجماهير الكوردستانية بالحقيقة ويحاولون بشتى الوسائل تضليل الجماهير الكوردستانية وإبعادها عن واقع الأحداث وصرف انظارها عن الحقيقة. لقد كشفت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية وتصريحات السيد عزت الشاه بندر، احد قياديي دولة القانون والمقربين جداً من رئيس مجلس الوزراء وأحد اعضاء الوفد المتفاوض مع الجانب الكوردي، "لم يحصل هناك أي إتفاق وإنما حصل إتفاق على تشكيل لجان". السؤال المطروح هنا، هل تشكيل اللجان هي الضمانات الكافية والكفيلة لإنهاء المقاطعة الكوردية وإعادة الوزراء والنواب الكورد الى بغداد؟ هذا من رغم إننا تحفظنا في حينه على قرار الإنسحاب من الحكومة ومن الپرلمان من اجل النفط وعقود النفط ومن اجل الغنائم المالية، وفي نفس الوقت ندعم وبقوة إنسحاب الكورد من العملية السياسية برمتها في العراق، وطرح القيادة الكوردستانية البديل عن ذلك الإنسحاب إن وقع، من اجل الأرض والوطن والمصالح العليا للشعوب الكوردستانية ومن اجل القضايا القومية المصيرية والتي تحدد الحدود الجغرافية لإقليم كوردستان ومستقبله السياسي.
هل كانت في جعبة القيادة الكوردستانية ووفدها المفاوض هذه المرة برنامج قومي واضح وصريح وأجرت مفاوضات جدية وشاملة مع المركز لحسم جميع القضايا القومية المصيرية الخلافية ووضعت حلول جذرية لها، بعيداً عن المجاملات السياسية واللقاءات الودية وتبادل وجهات النظر؟
1 - هل تم وضع سقف زمني لتنفيذ بنود الإتفاق؟
2 - هل يوجد هناك إتفاق خطي ملزم بين الجانبين؟ لو وجد هناك إتفاقات خطية، يكون من الصواب والمنطقي الرجوع الى تلك الإتفاقات لحل الأزمات والخلافات الناشئة.
3 - ما هي العواقب السياسية التي تترتب عليها، في حالة تنصل رئيس مجلس الوزراء من تنفيذ بنود الإتفاق؟
4- هل تم الإتفاق على تشكيل لجان لمتابعة خطوات تنفيذ بنود الإتفاق من قبل الطرفين، خاصةً وإن رئيس الحكومة يمارس ولأكثر من 7 سنوات سياسة المراوغة والمماطلة بغية التهرب من مسؤولياته الدستورية والقانونية تجاه الحقوق الوطنية والقومية المشروعة للشعوب الكوردستانية في العراق.

لقد مضت سنين طويلة على تأزم العلاقات السياسية بين إقليم کوردستان والمركز وتم تشکيل لجان عدة منذ عام 2007 – 2008 لمعالجة المشاکل العالقة بين الطرفين، لكن للأسف الشديد من دون جدوى. إختفت تلك اللجان مع مرور الزمن دون ان تحرك الساكن ودون ان تعالج قضية واحدة من القضايا الخلافية بين الجانبين.
الحكومة العراقية الحالية تشكلت بعد إتفاقية أربيل عام 2010 وبمبادرة القيادة الكوردستانية والتي أوصلت السيد نوري المالكي الى رئاسة مجلس الوزراء لولاية ثانية، وحسب مصادر القيادة الكوردستانية كان هناك إتفاق بين الجانبين لمعالجة جميع القضايا الخلافية بين إقليم كوردستان والمركز وحول شكل النظام السياسي وأسلوب إدارة الحكم في البلد، لكن رئيس مجلس الوزراء تهرب من تلك الإتفاقية ولم يلتزم بها، حتى تأزمت العلاقة أكثر عمقاً بين الإقليم والمركز، ووصل الأمر اليوم الى إنهيار العملية السياسية في العراق وعمت التظاهرات والإعتصامات عدد كبير من المدن العراقية، نتيجة سياسات التهميش الإقصاء التي يمارسها رئيس الحكومة ضد المكونات العراقية الأخرى وضد خصومه السياسيين.
رئيس الحكومة لم يلتزم حتى بالدستور ويقوم بزج الجيش في داخل المدن ويستخدمه أداة لقمع الشعوب العراقية ولحسم القضايا السياسية الخلافية ولحماية السلطة!
ما هي إذن الضمانات التي حصلت عليها القيادة الكوردستانية هذه المرة، ومن خلال " الإتفاق على تشكيل لجان" فقط ليكون المفتاح السحري لفك جميع الألغاز وحل جميع القضايا الخلافية بين إقليم کوردستان والمركز؟ خاصةً وفي هذه المرحلة بالذات والحكومة العراقية في أزمة سياسية حقيقية. أليس الإتفاق مع الكورد هو مناورة ذكية أخرى من مناورات رئيس الحكومة وكتلته في دولة القانون لإحتواء الأزمة لفترة مؤقتة مع جبهة إقليم کوردستان، ليتفرغ كاملا لحسم معركته الطائفية على الجبهة الغربية؟ ثم يعود وبقوة لإكمال المعركة السياسية الحاسمة مع إقليم کوردستان! العيب ليس في رئيس الحكومة إنما الخلل في طبيعة وفي عقلية القيادة الكوردستانية وفي اولوياتها السياسية مطاليبها النفطية وغنائمها المالية لخدمة مؤسساتها الحزبية في إقليم کوردستان على حساب الأرض والمصالح العليا لإقليم کوردستان وعلى حساب الحقوق القومية للشعوب الكوردستانية.
نحن لا نعتقد بأن القيادة الكوردستانية على هذا المستوى الواطيْ من المعرفة السياسية، وإنما سعيها الدؤوب والمتواصل وراء مصالحها وإمتيازاتها ومنافعها الحزبية ومواقعها الرئاسية وسلطاتها الشخصية هي التي توقعها في تلك الأخطاء، حيث لا يمكن التوافق في النهاية بين المصالح الحزبية والشخصية وبين المصالح العليا للدولة (لإقليم كوردستان)، حيث لا يمكن التوافق في النهاية بين المنافع الحزبية والحقوق القومية العليا للشعوب الكوردستانية، حيث تحدث بالضرورة تضارب في المصالح، وهذا التضارب في المصالح هو السبب الرئيسي لتخبط ولأخطاء القيادة الكوردستانية.

المصيبة الكبرى هي إن القيادة الكوردستانية تغلف في كل مرة أزماتها وخلافاتها النفطية مع المركز بشعارات قومية براقة بهدف تخويف الجماهير الكوردستانية الواعية وتأجيج عواطفها ومشاعرها القومية بشبح الخطر القادم من المركز، لكن سرعان ما يحصل بينها وبين المركز إتفاق ولو وقتي حول العقود والصادرات النفطية حتى تعود الأمور الى طبيعتها.
طريقة تعامل القيادة الكوردستانية مع القضايا القومية المصرية يشبه حكاية الراعي والذئب. القصة بإختصار إن راعي أغنام في قرية ومن شدة الملل خطر في باله حيلة، وهي أن يقوم بمناداة أهل القرية وافزاعهم واخبارهم بوجود ذئب يهاجم أغنامهم. في كل مرة يخرج أهل القرية بالعصي والسلاح لتلبية إستغاثة الراعي وقتل الذئب الذي يريد أن يفترس أغنامهم، لايجدون ذئب من أساسه فيعودوا إلى بيوتهم وأعمالهم على أنغام ضحك واستهزاء الراعي بهم. في مرة من المرات هاجم الذئب - حقيقة - قطيع الراعي ، فأخذ يصيح وينادي على أهل القرية ، لكنهم هذه المرة، ورغم سماعهم لصراخه واستغاثاته، لم يحضروا لمساعدته وانقاذ أغنامه لأنهم فقدوا الثقة به وظنوا إنها حيلة أخرى، وفعلاً اكلت الذئاب الراعي والاغنام. نتمنى أن يبقى إقليم کوردستان وشعوبه شامخاً معززاً قوياً ومحفوظاً وأن لا يتعرض لهجوم الدولة العراقية مجدداً وأن لا تأكلنا الذئاب المفترسة مستقبلاً، نتيجة السياسات الخاطئة للقيادة الكوردستانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو